كتاب تحت العدسة….أخلاقنا إلى أين ؟؟؟

كتاب تحت العدسة....أخلاقنا إلى أين ؟؟؟

بقلم الشاعرة شريفة السيد

 

هل نقول رحمة الله على الأخلاق ؟

هل نمر بأزمة أخلاق ؟؟

المسؤولية الأولى على من ؟

وهل ستجيب الأخلاق على أسئلتنا ؟؟

الكاتب المبدع هاني عبد الله مؤلف كتاب (أنت تسأل والأخلاق تجيب).. يؤكد لنا هذا العنوان اللافت. ويجيء هذا الكتاب في أشد لحظات احتياجنا إليه… بعد تجارب حياتية أثارت فكره واعملت عقله في مجال الموارد البشرية، المجال الذي أضاف إليه الكثير. وفتح آفاقه نحو ما يجري من حوله. فبدأ في القراءة هو الأخلاق بشكل تصاعدي من القديم الى الحديث.

فمنذ صغره يحب القراءة، وعندما شب أحب الكتابة. عشق التأمل وسبر أغوار النفس البشرية

شغلته قضية الأخلاق  باعتبارها تخاطب شعوب العالم وتتناقل المفاهيم عبر العملي والنظري.

فعرف أن التطبيق العملي هو بناء جيل يحذو  حذو من قبله،

وأن التطبيق النظري هو الكُتب التي صيغت من خلال تفكير الأنبياء والرسل، أو حال مفكرين أمثال تولستوي، أرسطو، سقراط، أحمد أمين وكثير ممن صنعوا فروقًا عند كل حقبة زمنية مروا بها، فكانت كل مرحلة تبحث عن قائد بفكره وليس بسلاحه، بقلمه وليس بقوته، بعلمه وليس بسلطته من خلال حربه مع المتغيرات الدنيوية،

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب :

ولعل ذلك يرجع للطبيعة الإنسانية التي تختلف بحسب الشعوب والحضارات والمتغيرات الدنيوية. فلكل فرد قصة تدل على الجهاد والكفاح، وهو لم ينشأ بهذه الأفكار حتى وإن كانت الحياة ميسرة له، أو ممن لا يحتمل عبء المعيشة، لكن النجاح هنا في الفكر والتأمل، يجعله يترك الرفاهيات من أجل البحث عن مفهوم الأخلاق.

وعندما ظهر على الساحة فكر جديد غير مألوف على المجتمع، والكل يعمل والعقل مشغول برفاهيات الحياة، وجب ظهور من ينير هذه العقول/المفكرين.

ولكن قلة آمنوا بهؤلاء المفكرين، والأغلبية شككوا في كلامهم. وهذا يرجع إلى مطمع للدنيا والسلطة؛ فلا أحد يعمل بعد البحث واكتشاف الحقيقة، فبات الظاهر قبيحًا والباطن أقبح، لا يُقدَّر أو يوضع في ميزان مع حقيقة الإنسان وكينونته. ولذلك؛ كانت مهمة المفكرين صعبة .

أما نحن فنعيش لحظات حرجة من صراعات يومية سعيًا في البقاء أو مواجهة الحياة ومشقاتها لتحقيق الغاية والهدف منها.

الفكرة فلسفية ولها أسباب:

ولعل من أسباب هذا الصراع، ما يرجع الى اختلاف المفاهيم العامة لمعنى الهدف والتغير السائد لكلمة مشقة ومحتواها.

ومن هنا جال بخاطري أن أجعل الأخلاق تجيب على أسئلة دنيوية، قد تكون فلسفية.

واهم سبب لهذه الفكرة هو علاقة الإنسان بالمجتمع، من خلال وضع أهداف حياتية لا تتعدى الغرض الرئيسي من سبب تواجد كل منا على هذه الأرض،

والأخلاق أهم سبب في تغيير المفاهيم المعهودة لنا. ولكن مع كثرة وتعدد المتغيرات على المستوى الشخصي للفرد أصبحت عادات يتناقلها المجتمع،

وإن كان الفرد قدوة،  فهو يعد مثالًا يحتذى به، وهذه القدوة إن أسهمت في الإصلاح، كان الفرد نافعًا، وإن كانت أفعاله غير سوية، فالمجتمع في معية الله من تدهور أخلاقي وأفعال قد تؤدي إلى هلاك البشرية أجمع.

وعند كل فترة أو حقبة زمنية نتعارف فيها على أخلاقيات شتى بين الماضي والحاضر، وعلى ما نحن فيه الآن، مما يوضح الرؤية لدى جموع البشر، وعن حال الإنسان وما وصل إليه بعد عناء من السعي والجهد،

ولعل هذه التجربة من البحث تعلمنا منها الكثير وأيقنَّا أن الله لم يخلق الإنسان عبثًا، بل ميزه عن سائر الكائنات أجمع حتى ننعم برفاهية الحياة.

هذا الكتاب :

وهذا الكتاب الذي بين يديك يعد أسئلة وإجابة، ستتذكر من خلاله الكثير من الأسئلة التي كانت تدور في ذهنك وأنت صغير أو استفسارات تشغل بالك الآن،

وهنا نسأل الأخلاق وهي تجيب علينا، بإجابات مناسبة لكل فعل، وتكون وجهتي نحو الديانات السماوية وغيرها، ونتاج فكرتي لأفكار الفلاسفة والمفكرين، دون التقييد بعقيدة أو فكر ديني واحد، ولعل الهدف هو البحث عن ماهية الأخلاق فقط.  والتنقل بين عدة أسئلة حتى نعلم الحقيقة.

فتلك الأفكار أتت من عقول تمرست الصنعة، وعلمت بمصير البشرية قبل أن تضمحل معاني الأخلاق، ورسمت الطريق ووضعت حلولًا لمساعدة الطبيعة البشرية، كي تساهم في تحسين المجتمع المعاصر والقادم  وأجيال زرعت بذورها بثمار سالمة، حتى يعلو شأننا ونرتقي في الحياة الدنيوية

فصول الكتاب :

قسم المؤلف كتابه إلى خمسة فصول:

– الفصل الأول:  “دنيا الأخلاق”

يحاور فيها القارئ ويجيب على سؤال: ما هو المعنى الحقيقي للأخلاق؟

قبل أن يتعلم الإنسان مرادفات الكلام ومعانيها، وقبل أن يتعرف على العالم أجمع من عادات وتقاليد، ديانات وقوانين، حتى قبل ان يبدأ رحلة الشقاء والبحث في الأرض. والتعرف على كل ما يدور حوله من معطيات إلهية وأفكار تدفع الإنسان للنجاةذ، كل هذا والفطرة تحركه، فهو مولود بها، لا يعرف التفرقة ولا الطبقية، أو دين بعقائد اختلفت عن باقي ديانات العالم ،

مبدأ الخير والشر يحتويه، وعقله لم يتعلم من الحياة أو يكتسب خبرات.

فالإنسان خلق والخير عقيدته الأولى، والشر ليس من نواياه أو طموحاته، إنه بلا خبرة أو معلومة، ولد حرا طليقا في نواياه، والفطرة تلعب دورًا كبيرًا في اختياراته، والخير رسالته التي برمج عقله عليها، فأفعاله وتصرفاته نابعه من تلك الفطرة.

وكل ديانات العالم اجتمعت على نشر الخير وترك الشر، والتعامل بالإحسان والترفع عن صراعات شريرة، حتى وإن كان الحاكم ظالمًا،

ولكن كل عصر كان يدعو إلى الخير من خلال الأنبياء والرسل، أو رسالة مفكر يسعى في الأرض لنشرها بين عموم البشر، فالكل متفق على هذه الفطرة.

ورغم اختلاف الماضي والحاضر في مفهوم الأخلاق، يظل المعنى الحقيقي هو “الخير والشر”، ولكل منهما معنى نبع من السلوك الفردي، لم يكن يعرف عندها بهذا الاسم، بل مجرد أفعال تعبر عن ذلك المعنى.

الأخلاق بين الأسرة والبيئة والمجتمع:

والأخلاق أعمال إرادية تحدث بوعي وتفكير  وحرية وتربية من خلال الأب والأم أو المجتمع،

فالإنسان لديه حرية وإرادة قوية وعقل واع؛ كي يفهم الفرق بين الخير والشر وتبعاتهما على نفسه والمجتمع.

وإن كل مجتمع هو ما يحدد الأخلاق المتبعة، قد تختلف، ولكن الثوابت واحدة،

ومن أقدم العلاقات بين البشر (البيع والشراء)، الذي اظهر الشعور بالكبرياء وكانت أيضًا بداية لمفهوم الطيبة من نية حسنة إلى تسوية في الدفع، أما الضعفاء ومن يتمتعون بقدر ضئيل من الوجاهة الاجتماعية، فالتسوية والطيبة ليست في حساباتهم، بل يكرهونها، ولا تشبع رغبتهم من العذاب.

فيما كان العدل اول صفة حميدة في الكون ، فكان من أهم الصفات الواجب الأخذ بها، كما جاءت على جدران مدافن أحد الحكام عند الفراعنة ،أنه لم يظلم امرأة أرملة، ولم يحتقر فلاحًا وكان يعطي الأجير حقه.

ومن العدل يأتي العقاب:

فظهرت بعض العقوبات والتي تعد غير أخلاقية على مر العصور منها تجربة الخازوق وسحل المذنب بمساعدة الجياد، وسلق الشخص المدان بالزيت والخمر، وأشدها دهن المذنب بالعسل ليتعرض للسع من الحشرات. وكل هذه العواقب كانت تعد من أجل نشر الخير والحد من الشر بفكرة القضاء أو تعذيب المذنب، كما كان ارتباط العقاب بالدين قويا ونابعًا من فكرة الذنب وارتباطه بالعقاب، حتى أنه كانت تقام المهرجانات ويتم الرقص وتوزيع الهدايا استعدادًا لتنفيذ العذاب على مذنب أو بريء.

الدين والأخلاق:

وقد ربط لنا الكاتب الدين بالأخلاق عن طريق الأديان السماوية، فقد بعث الرسول- صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق، وكان المسيح عيسى-عليه السلام- قدوة في التعاملات الدنيوية مع سائر البشر أجمع، وسيدنا موسى ومواقفة الحياتية. كما ظهرت ديانات قديمة متعددة منها البراهمة عند الهنود، بوذا واصفاً الحياة كونها مصدر للألم، الأخلاق عند الفرس وتتمثل في الديانة الزرادشتية وصولا بالصينيين لمذهب الحكيم الكونفوشيوس وجملته الشهيرة كلما سرت بين رجلين وجدت نفسي بين أستاذين، من له فضائل فهو قدوتي ومن له رذائل فهو عبرتي.

ويحاور المؤلف القارئ بسؤال عن أهمية الدين ولماذا نمارسه في حياتنا اليومية؟

فيقول :

هذا يرجع إلى ثلاثة أسباب أساسية:

أولًا:  فهم الدين

فالبحث عن قيم نعيش بها يسهل تقبل أي سلوك أخلاقي ينبع من الدين، لذا وجب علينا فهم الدين بطريقة صحيحة حتى نشعر بروحانيات افعالنا من قيم نابعة من فعل الخير وترك الشر.

وثانياً: الراحة النفسية بالعبادة

فممارسة العبادة، سواء ان كانت في معبد، أو كنيسة أو مسجد تعد روحانيات تشرح الصدر وتساعد في شعور الإنسان براحة نفسية، ومن لم يشعر بتلك التجربة، فعليه مراجعة نفسه وحالته النفسية قبل ممارسة العبادات وبعدها.

وثالثا: قضية الموت والبعث

وهنا كان لزاماً على الإنسان مراجعة أخلاقه وحياته اليومية من سلوك، خيرا أو شرا من منطق أن بعد الموت حياة، لنحاسَب على أفعالنا وسلوكنا تجاه بعضنا البعض.

إلى أن ينتهي الفصل الأول بإجابة عن سؤال لماذا فقدنا علم الأخلاق في حياتنا؟

أمثلة فقْد علم الاخلاق:

في بيئة العمل نجد من يحذر من نقل الخبرات والمعلومات بدافع النجاح والوصول لمراتب أعلى،

ويعد النجاح عنده خيرًا، ولكنه نابع من شر، ومع الأسف قد ينصح القدوة بهذا الفعل،، وهو فعل قديم ولم نجد من يتصدي له، أفكار قد تكون الحل الأمثل للنجاح والبعد عنها قد يولد الضياع أو الفشل في ظل المتغيرات السريعة.

لا يوجد علم يدرس فيه الأخلاق

مع أننا في أشد الحاجة إليه، علم يصف حال البشر ًقديمًا وحديثًا ليظهر لنا الخير الكائن داخلهم والشر المفضوح أمامنا، كما يضع دستورًا يساعد في الاتباع والأخذ به لجميع الأجيال القادمة شرط أن يكون مرنًا ويجدد طبقًا للحالة السائدة للمجتمع مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا دون الإخلال بأساسيات الأخلاق

وينصح الكاتب بنشر علم الأخلاق

بشتى المراحل التعليمية حتى التعليم العالي، مع وضع مناهج متخصصة لكل مرحلة على حدة، بغرض غرس فكرة أن الأخلاق نابعة في الأصل على مبدأ الخير والشر تجاه الإنسان والحيوان، الفرد والمجتمع، العادات اليومية، التعاملات الإنسانية، فهي تعد مقومات الطبيعة البشرية.

الفصل الثاني ” سلطان الشر”

ويبدأ بسؤال هل منفعة الشر في حياتنا حقيقة أم خرافة؟

ويجيب عليها المفكر والأديب عباس محمود العقاد “يوم عرف الإنسان الشيطان كانت فاتحه خير” وهنا كان التاريخ عن بداية الشر من معصية إبليس، يتبعها أول بذرة شر بين قابيل وهابيل.

وبعدها ينقل القارئ الى سؤال عن الفطرة،

هل يولد الإنسان على فطرة الخير أم الشر؟

هذا السؤال حير عقول الفلاسفة والمفكرين، وهنا وجب سرد تاريخ رجل الكهف أو الإنسان البدائي، مع المقارنة بين الإنسان والحيوان،

وهل تخضع فطرة الحيوان للخير أم الشر؟

أسئلة ترضخ للتفكير والبحث عن مراحل الإنسان العمرية بداية من الطفل حديث الولادة لمعرفة؛

هل تلعب الوراثة أو البيئة أو التربية في التكوين الشخصي؟

وهنا تنقسم البيئة إلى طبيعية أخرى اجتماعية، فالأولى ليس لدى الإنسان حرية في الاختيار، مثل الهواء والماء والضوء ومعادن الأرض والموقع الجغرافي، ولهم دور كبير على الصحة الجسدية ولون البشرة، يتبعها عادات للتكيف مثل بيئة دول أفريقيا الحارقة تختلف عن شعب الإسكيمو، ولكن منح الله العقل للتكيف مع البيئة واستخدام ما حوله من أجل مصلحته.

أما البيئة الاجتماعية،

فهي النظم التي تحيط بالشخص من منزل، ومدرسة، وبيئة عمل، ومعتقدات دينية، ومثل أعلى، وفن، وعلم. وهنا تُعدُّ السلطان الأكبر، فعند البيئة الطبيعية مثل الحر يتخذ أبسط الملابس، وعند البرد أشدها كثافة، أما البيئة الاجتماعية، فتشمل كل جموع البشر،

وهنا كان التسلط الفكري واردًا ظهوره إلى تغيير الإنسان نفسه أو البحث عن بيئة أخرى.

.

إلى أن نصل إلى الوراثة،

فقديمًا عند القدماء المصريين ومن أجل تحسين النسل، لجأوا إلى تحريم الزواج ممن كانوا يعتقدونهم أقل منهم في المنزلة، كما نادى أرسطو بالتربية قبل الولادة من خلال وضع قوانين خاصة بالزواج.

وهنا تلعب الوراثة دورا مهمًا، ولكنها ليست ثمرة الوالدين فقط، بل ثمرة أجداده التي تفوق مئات الأجيال نتيجة الفتوحات والثورات أو الغزوات والاستعمار الأجنبي.

وأن العوامل التي يخضع لها الإنسان ترجع إلى ثلاثة أنواع، وهي:

1- عامل الأجداد،

2-  تأثير الوالدين،

3- والثالث تأثير البيئة،

ويُعتقد أن البيئة هي العامل الأضعف؛ لأنه يندرج تحتها العوامل المادية والمعنوية، وهو يحدث في زمن النشأة والتربية، وتظهر أثارها إذا توالى بالتناسل زمنًا طويلا.

ولنضرب مثالا على ذلك؛

عند اندلاع ثورات تظهر معادن المجتمع الحقيقية، وهذه الصفات نابعة ليست من البيئة إذا ما حدث تغيير جذري مفاجئ من تخريب ودمار حتى وإن كانت فئة ضئيلة، فهي تمثل جزءًا من المجتمع، وقد يكون القانون الرادع هو ما يحجم ظهور تلك الأخلاق من نهب وسرقة، وعند التسيب تظهر عادات الآباء والأجداد.

ويجيب الكاتب على سؤال هل يعلم مرتكب الشر بأفعاله..؟

نجد في سورة البقرة ” وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ”

وقد ذكر الشيخ الشعراوي مثالا على السارق من الأغنياء من أجل أن يعطي الفقراء أو من اللص ليعطي المحتاج،  ويظن أنه يعمل خيرًا،  ولكن في الحقيقة يرتكب خطأ وشرًا كبيرًا،  لأنه في نهاية الأمر سارق؛ فلم يطلب منه أحد أن يعينه في الرزق، لأنه بيد الله سبحانه وتعالى.

وكذلك لو نصرت مظلوما وأصابك أذى، فهو ليس شرًا، بل خير، فأنت فعلت الخير وقوبل بالشر، ولكن النتيجة في الثواب نتيجة ذلك الفعل.

وبعض المفكرين أقروا بأن ليس هنالك فرد يختار الشر، لكن الفرد قد يختار ما هو شر؛ لأنه يمثل له في صورة خير.

مثال على ذلك:

من العوامل المقهورة لخدمة البشر مثل الهواء والشمس والقمر، كلها تؤدي دورها على أكمل وجه في خدمة البشرية، وهذا يعد خيرًا، ولكن ما يحدث في الفترة الأخيرة من تغير في المناخ وانهيار المدن نتيجة الفيضانات فهذا شر أوقع الإنسان نفسه فيه، بعد أن حاول جاهدًا تغيير المناخ طبقًا لمصالحه الشخصية، وهذا الشر من اختيار الإنسان علمًا بأنه خير، ولكن لا يعلم نتائجه على المدى الطويل.

ويشمل الفصل الثاني بعض الأسئلة وما هو التكوين النفسي لفاعل الشر؟

هل للشر مقاييس محددة أو متغيرة على مر الزمان والمكان؟

إلى نهاية هذا الفصل والذي يشرح أسباب فقدان الأخلاق في عصرنا الحالي وكثرة البعد عن الفضائل… باعتباره يعيش في جنة هي نعيم   الأرض ومع مطلع عام جديد تختلف الأنواع والأشكال، ولكن في تلك الجنة منها الأخذ والعطاء من الصحة النفسية،  والأخلاق من الخير والشر، أما جنة الخلد، فلا عين رأت، ولا أذن سمعت.

والحقيقة أن الناس لا يبلغون تلك الجنة أبدًا، فهو حلم صعب المنال نسعى دائمًا لتحقيقه، وهذا لأن الأهداف غير كافية، وتتبدل كل يوم

وأتصور بأن الرفاهية تعد العامل الرئيسي لهذه المشكلة ولنضرب مثلًا؛

عن صناعة السيارات، قديمًا كانت تقوم على حصان وعربة، قد تتزين العربة أو يعد الحصان أصيلًا ذا سلالة، ولكن اليوم يوجد لديك ألف نوع من كل نوع وكل نوع لديه درجات، وكل درجة لديها سعر، فالصناعة تنوعت وغمرت العالم بأنواع متعددة، ولذلك؛ كانت الرفاهيات والسعي المستميت وراءها من أسباب ظهور الشر.

تغير مفاهيم الشر :

أعتقد أيضًا أن مفاهيم الخير والشر تغيرت اًكثيرًا،

وصارت الأفكار متضاربة والأفعال متفاوتة في السعي لتحقيق الخير أو الجهاد للحد من أفعال الشر، ويعد الصراع الدولي وتعدد الحروب والنزاعات الاقتصادية وسيطرة دول عظمى على دول فقيرة في الفكر، إلى الشروع في جريمة تسمى بالتدهور الأخلاقي.

ولعل هذه الجريمة نتج من خلالها أفكار لحياة جديدة وسلوك نخضع له هو التنحي عن الأخلاق الحميدة، ليظهر مكانها عادات سيئة ومعتقدات خاطئة،

وأعتقد أن زهو العالم الخارجي سبب آخر فكانت هناك حقبة زمنية اندثرت فيها أخلاقنا بسبب صعود الغرب وتقليدنا الأعمى.

وانتشار الشر يرجع للاعتقاد بأن حياة الإنسان تفنى بعد الموت، أي لا يوجد حساب في الآخرة من جنة ونار والإنسان يحاسب في الدنيا فقط،

ولذلك؛ ترك الناس منهج الله وأخذوا يشرعون بمناهج وضعت من عقولهم المحدودة، لا يرون الحقيقة؛ لأن الإنسان لا يستطيع معرفة المشكلة كلها.

،  ولذلك؛ فالنتيجة لا تقبل الشك أو مجرد التكذيب، لأن لكل فعل نتيجة، فإن كان خيرًا، فهذا منا ولنا وإن كان شرًا فعلينا، والحقيقة أن الشر كان الأغلب والخير في تضاؤل مستمر، ولكن لدينا قدرة بأن نقف ونعترض حتى ولو كانت الخسارة كبيرة.

الفصل الثالث” المجتمع بالعين المجردة”

كما التزم الكاتب بدراسة وافيه عن المجتمع في الفصل الثالث” المجتمع بالعين المجردة” من خلال تلخيص الفروقات الجوهرية بين الشعب المتأخر الذي لم يصل بعد الى التطور الفكري والتكنولوجي والعلم والمعرفة، إلى الشعب المتخلف من صناعة المواد المخدرة، التقدم الزائد في تطوير الأسلحة الفتاكة وزرع الخوف في قلوب الشعوب الأخرى.

وسرد لنا بعض قضايا الساعة التي أصبحت شائكة وترهب المجتمعات ذات عقائد لا غنى عنها مثل القتل الرحيم والشذوذ الجنسى.

كما أجاب عن أسباب التغيرات التي ظهرت بسرعة وانتشرت، وهل يعد التغيير سطحياً أم جوهرياً؟،

ولم ينس الكاتب ان يسأل عن شخصية المصري من الأخلاق، وما ذكر لنا التاريخ عن مفهوم الأخلاق عند القدماء المصريين؟

وكانت الإجابة بأن  منطق الأخلاق عند الشعب المصري كما ذكرنا منذ القدماء المصريين، فهي شجرة فروعها ممتدة لتشمل كل مراحل الحياة عندنا، وقد شكلت هويتهم عند بعض الكُتاب وانتماءهم طبقًا لتاريخ وضع على جدران المعابد او كتب لنفهم حقيقتها، ونتعرف على الشخصية المصرية من حقبة  زمنية أوجغرافية،

وكان من أعظم  من كتب عن هويتنا هو الدكتور (ميلاد حنا) ، بتصنيف انتماءاتنا التاريخية على سبع مراحل، أو كما لقبها الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، منها أربعة انتماءات تاريخية وهم:

الانتماء الفرعوني

والعصر اليوناني

العصر الروماني

العصر القبطي…  إلى العصر الإسلامي

وثلاثة جغرافية وهم:  انتماء مصر العربي وانتماؤها للبحر المتوسط ولأفريقيا.

وكانت هذه المراحل هي ما أثرت بشكل كبير في تكوين الهوية المصرية منها في تطور اللغة وديانتها ثلاث مرات، وبعد دخول العرب مصر حدث تغيير جذري لدى المصريين والتحول من ديانة إلى أخرى ليصبح في النهاية شعبًا واحدًا يتكلم لغة واحدة ولدية عقائد اجتماعية واحدة.

ومرت مصر بمراحل جعلت من شخصيتها المتنوعة كيانًا يخضع لمتغيرات كثيرة، وهذه المتغيرات هي من شكلت هويتنا، فكان الوصف لمصر على نها نصف أوروبية، ثلث آسيوية، سدس أفريقية، حيث تبدأ أوروبا عند الإسكندرية وآسيا عند القاهرة وأفريقيا عند أسوان.

وعند القدماء المصريين فكرة “الماعت” أي، الشيء المستقيم، ومنها؛

العدالة

والنقاء

والصدق

والاستقامة

والصواب

وكانت نظرة الماعت على شروع الفرد في التفكير بالآخرين والعمل من أجل مصلحتهم،

وكان يتكون المجتمع من نوعين “: إنسان لا يفكر إلا في نفسه، جشع لا يهتم بمصلحة الآخرين، وشخص مثالي عادل يعمل من أجل الغير.

ومن أبرز ما كان عند القدماء المصريين فكرة البعث بعد الموت للحساب، فكانت عقيدتهم تنص على أن بعد الموت حياة، ولذلك؛ قاموا ببناء المقابر والأهرامات من الأولويات الاقتصادية، والتي كانت الثروات والجهود البشرية تصب فى هذه الفكرة.

كما تعتد هذه الأفكار بالدستور الأخلاقي للمصريين في البعد عن الأفعال السيئة والمشينة والتمسك بالعادات الأخلاقية، منها العدل ومساعدة الآخرين والتضحية لأجلهم، علمًا بأن ما تفعله اليوم تحاسب عليه بعد الموت، فأعمالك الحسنة تجعلك في نعيم الحياة الأخرى وأعمالك السيئة في جحيمها وشقائها مدى الحياة في الثانية.

حتى ينتهي الفصل بسؤال وإجابة عن أخلاق العمل، ؟

ولماذا كان العمل قديماً من بؤس الإنسان؟

بعرض أبغض الوظائف على مر العصور وأصعبها على الإطلاق، وكيف كان الحاكم يستخدم سلطته في وظائف يخلو منها أي بعد أخلاقي؟

ما أوجه الارتباط بين التقدم والأخلاق؟

الفصل الرابع “سلاح ذو حدين

وهنا يقصد التقدم، طلباً في الارتقاء بشتى أنواعه دون معرفة عواقبه،

كما يعد الإعلام أيضا سلاحا ذو حدين، إما في نشر الحقائق أو تضليل المجتمعات لنشر الشر.

ويجيب على سؤال:

هل توجد مقاييس لمعرفة نتائج التقدم على المجتمع أم لا؟

لعل التقدم في منتصف خمسينات القرن الثامن عشر أو ما يسمى بعصر التنوير صدم البشرية واهتزت الثقة فيها، وذلك بعد زلزال لشبونة، والذي يعد واحدًا من أقوى الزلازل في التاريخ، وما أعقبه من تسونامي وحرائق أدت إلى قتل عشرات الآلاف من الناس، ودمرت واحدة من أكبر المدن في أوروبا   “لشبونة “، حيث إن الطبيعة وكوارثها شككت في قدرة الإنسان وسيادة العقل في التحكم، وكانت نتائج هذا التقدم عدم ثقة الناس في قدرة العقل والعلم.

أما الآن، ولقياس العالم على نحو سليم اخلاقياً تأتي الإجابة في “العدد” :

كم عدد الأحياء؟

كم عدد المرضى؟

كم عدد الجوعى؟

كم عدد الفقراء؟

وهل تزيد الاعداد أم تنخفض؟

لأنها تعد العقلية المستنيرة أخلاقيًا، حيث إنها تتعامل مع حياة كل إنسان على أساس قيمة مساوية لحياة الآخرين، ولقد كنا نقول أن موت شخص واحد إنما هو كارثة، ولكن موت ملايين الناس الآن هو عملية إحصائية،

ومع الأسف أصبحنا الآن نرددها كثيرًا، فتعددت أرقام وإحصائيات القتلى والمصابين في الحروب من نساء وأطفال لا حول لهم ولا قوة.

ولا أنكر أن التقدم لا غنى عنه والتكنولوجيا أفضل بكثير عما كان الإنسان عليه ، وساعدت على التواصل بين الدول وبعضها دون عبء السفر، كما سهلت في إجراء عمليات دقيقة في مجال الطب دون أخطاء تذكر، وأصبح من الممكن بأجر ساعة واحدة من العمل شراء غذاء ورعاية صحية وملابس ورفاهيات أكثر مما كان من الممكن شراؤه من قبل لمن لديه قدرة على فهم الخوارزميات والعمل بها.

وكان التطور التكنولوجي من أسباب المنفعة الخاصة والعامة على المجتمع ككل، ونذكر من الأمثلة الكثيرة منها؛

– أخلاق الذكاء الاصطناعي

– وأخلاق الإدارة التي تختلف من مجتمع لأخر، أو من هجرة الفرد لمجتمع آخر، ليكتسب بعد الاختلافات، وهذا بالطبع لا يخل بمبادئ الأخلاق، وإن توحدت وتشابهت فيما بينها على أساس يساعد في النمو والازدهار.

ولعل بعد الاكتشافات والاختراعات الحديثة قد يعود علينا (إيلون ماسك) بشريحة في الدماغ تحد من فعل الشر من منطق أن الأخلاق هي سمة الجماعات المتحضرة، وأيضًا من خلال وجود اختلافات كيميائية بين أدمغة من يساعد ويفعل الخير، ومن يقبل على الشر.

الفصل الرابع ” الداء والدواء”

وهنا يسرد لنا الكاتب دور علم النفس وتأثيره على الأخلاق،

ويسأل :

ما هو تأثير الجينات الوراثية على الخُلق من عدمه؟

وكيف تلعب النزعة والرغبة الدور الرئيسي في تحديد نهج الإنسان عند اختياره مسلك الخير أو الشر؟

كما يقدم لنا الحلول المقترحة للحد من انتشار الشر والإقبال على فعل الخير تتمثل كالتالي:

  1. أن الله معك ولن تقهر أبدًا، هو – سبحانه – الذي يجب أن تستمد منه القوة والعون.
  2. أن تثق بنفسك تمام الثقة، وتؤمن بقدراتك على معالجة أمورك الحياتية.
  3. سجل كل العناصر الإيجابية في حياتك، واترك العوامل السلبية.
  4. اعرض نفسك على أخصائي نفسي إذا ما أصابك صدمات أيام الطفولة، فهي قد تعوق حياتك، فالصراحة والمصارحة تقودك الى الشفاء العاجل.
  5. جالس أصحاب الأفكار الإيجابية، وابتعد عن أصحاب الأفكار السلبية.
  6. نظم عملك وحياتك فأن، فإن الفوضى تخلق الكراهية والنفور منه.
  7. العطاء هو الحل الأمثل لكل شخص يشكو من القلق او علة مرضية.
  8. لكل مشكلة حل وليس هناك مستحيل، والحلول دائمًا تنبع من فعل الخير وترك الشر.
  9. الخوف صفة سيئة لا تجعلها تسيطر عليك، فهي سبب لمصائبك ومتاعبك في الحياة.
  10. تذكر أن الله -سبحانه وتعالى – خلقك لهدف ما “ابحث عنه الآن “.

لذا أردنا أن نعرف من هو الكاتب هاني عبد الله؟

فقال ببساطة شديدة سيرتي الحياتية والأدبية تتلخص في سطر واحد

كاتب مصري من مواليد القاهرة، عمل بالموارد البشرية ..  وصدر له 3 كتب،

1_ سطور عن الحياة،

2_ دوافع بلا دافعِ

3 _ أنت تسأل والأخلاق تجيب

.

والحقيقة أعجبني الكتاب، لأنه يسير باتجاه أفكاري وأحلامي، والحملة التي دعونا إليها (الاخلاق_اولا)،، فأحببت أن تقرأوه مع أجمل الامنيات بعودة الأخلاق مرة أخرى لحياتنا، ولا نطلب أن نعيش في جمهورية أفلاطون المثالية،  ولكن؛ على الأقل نعود كما كنا أخلاقيا ، ونعيش بما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

بالعدل والحق والخير والجمال

شكرا لكم على حسن المتابعة

مع أرق تحياتي

الشاعرة شريفة السيد

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: