من مقامات الخطيئة – رغـبـــــة

دكتور فتوح قهوة

وحَيـنَ الـتَـقـَتْ نـظــراتُ الهَـــــوَى

حَطـَمَنَـا قـيـُوُدَ العـيـون السّجَيـنـَــهْ

كَـسَـرَنَــا الجُفــونَ اتـّـقـاءَ الضّيَـاعِ

تَـمَــرّدَ فـيـنـَا سُنُــوُن السّـكـيـنـــــهْ

وتُـوُمِـــئ كـلُّ لـغـَـــاتِ الـغـــــرام ِ:

أيـا فارسُ ادخـلْ قـلاعِـي الحَصِينـهْ

وهَـتـّــكْ سُـتـُــورَ مقـاصِيـــــرِهـــا

فإنّـي مَلـلـتُ الـلـيــالـي الضنـِيـنـَـهْ

 

فـشَبّ اضطـرَامُ الهَـوَى في دِمَـانَــا

عَـتِـــيّ الجُـنـُـونِ إذا مـا انـطـلـــقْ

فأيْـقـظ مِنْ هَـمَـجِـــيّ الـزفـيــــــــرِ

جَـوَانِــحَ مِن وَجْـدِهــا تـحـتـــــرِقْ

سَخِـيــنَ الريـاحِ على نـاهِـدَيْـــــكِ

تعَــرْبِـــــدُ فـوقَ تِــلالِ الأفـُـــــــقْ

وفي وَجْـنـتـيْــكِ لهيـبُ الضُحَــــى

وفي شـفـتـيْـــك اتْـسَــاقُ الشّفـَـقْ

 

وذُقـنَــــا ضُــرُوبَ الهَــوَى لـحْـظــــة

تَـفـُــــوُقُ الخـلـــودَ بهـــا النّـشـــــوة ُ

كأنـّــا شـرِبْـنـــا خُـمُـــوُرَ الجُـنـُــــونِ

تُــدَغـــــدِغُ أعـصَــابَــنـَـــــا هِــــــزّة ُ

سَكِـرْنـا انتـشَيْـنَـا ارتعَـشْنَـا ارتميـْنـا

كَمَـنْ مَسّــهُ في الهَــــوَى جِـنـّـــــــة ُ

فيَـسْتـصْــرِخُ الشـوْقُ في جِسْـمِـنـــا

دَفـُــوُقـَــاً وتـَسْـتـَنـجِـــدُ الـرّغـبَـــــة ُ

 

وذُبْـنَـا شَجَـىً في عنيـفِ العِـناقِ

يُعَـنـّـفُ صَمْــتَ الـليـــالـي الأُوَلْ

يُعِـاقِـبُ بِـكْــرَ الضلـوعِ التيـَاعَـاً

يُـذبـّـحُ فيـنـا اضطـرابَ الخجــلْ

ويَجْلِــدُ ثغـــراً عَـصِيّ الشفــــاهِ

يُصـالِــحُ فيـهِ الهَــوَى بالقـُبَـــلْ

ويَرقى بنـا فـوْق خِـدْرِ النجــومِ

إلـى اللانِهـايـــةِ بِـنـْتِ الأمَــــــلْ

 

ولمـّا أفـَقـْنَــا أتَـانَــــا البُــــرودُ

يُعَـشـّـشُ في قـلبنــا والمَــــلالُ

كأنـّي قِـفـَـارُ الضيَـاعِ الحَيَارَى

يضِـجّ السّـرابُ بهـا والضـلالُ

وأنـتِ الصُّخـوُرُ بُعَـيْـدَ الريـاحِ

تمُـوُتُ على جَانـبيْهـا الرمَــالُ

وفي شفـتـيْـكِ صَقِـيـعُ الشتاءِ

وفي ناهِـديْـكِ يَضِيـعُ الجَمَـالُ

 

فيَـا أيّهـا الـرّوْضُ رَاحَ العَـبيـِـرُ

وفـَارَقَ سِــرُّ الفـُتـُونِ الغـريـبُ

وغَـــادَرَ أغـصَـانَـــهُ طـائـــــرٌ

تَـبَـدّلَ منـه الغِـنَــاءُ العجيـــبُ

وفي اللانهـايــةِ غَـيْـمٌ بَـدِيـــدٌ

خَـبَـا في مَـدَاهـا شعاعٌ حبيبُ

كأنّ السّكـونَ عليهـا ذنـــوبٌ

فيَا أيّهـا الرّوْضُ إنّي أتــوبْ

***

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: