تقليد القراء

بقلم: محمد معروف

 

مسألة التقليد فى القراءة وعدم ترك القارئ نفسه لموهبته تسعفه فيؤلف من خلالها شكلا وأداء لقراءته يعرف به مسألة تحتاج إلى إصلاح،

لطالما قلنا: إن التقليد يثبت العظمة ل (المقلد) بتشديد اللام مع فتحها بينما تضيع موهبة المقلد بتشديد اللام مع كسرها،

اليوم شاب من القراء فى المأتم جال وصال فى تقليد الشيخ الطنطاوى فدققت السمع لأتبين نغمة أو جملة نغمية أو جملة من الأداء تميزه فلم أجد غير تقليد كامل جوابا وقرارا و تقليدا كاملا لخامة وطبيعة صوت الشيخ الطنطاوى،

قلت : وهل توقف الإبداع عند قراء كان لكل منهم لونه؟ ألم تتمخض القراءة عن قارئ من الأحياء له لون يعرف به؟

إن المقلد يدعونا من خلال تقليده لسماع من يقلده، فالذى يقلد الطنطاوى يدعونا لسماع الطنطاوى، والذى يقلد مصطفى يدعونا لسماع مصطفى، أما المقلد فلا نعرفه وعندما يتوقف عن القراءة يختفى صوته عن الساحة القرائية إذ لم يخط له بين القراء خطا يعرف به، وعلى ذلك فقس كثيرين من المقلدين من مثل نعينع ومحمد السيد ضيف  وياسر الشرقاوى وابن الشحات انور ومحمود شميس وكثيرين من المقلدين،

ومما لفت نظرى أن المقلد يحصر حنجرته فى حنجرة من يقلده فلا يملك تطويعها فى نغمة مغايرة لمن يقلد ولا يملك تأليف نغمة ينفرد بها فهو محصور فى جواب وقرار من يقلده وكذا طريقة وقفه بل عدد أشكال الوقفات التى يستخدمها فى تلاوته والتى يمكن عدها وحصرها، وحينما يغرق فى بحر التقليد يحرمه تقليده من فنون كثيرة كان يمكنه الإتيان بها لو لم يقلد، خذ مثلا الشيخ محمد عبدالوهاب الطنطاوى، لا يلحظ سلبيات قراءته إلا المستمع الحاذق، الطنطاوى رغم لونه المتفرد الذى يخصه ونغمه الحنون وكذا خامة صوته، فإنه ضعيف فى  قراره و أراضيه، و إن شئت فقل:لا يملك تلوين نغمة القرار ولو خاض فيه كثيرا يضيع صوته فترى غالب قراءته جوابات، ناهيك عن كون جواباته تضيع فيها حقيقة بعض الحروف إذ يعطيك شكلها دون حقيقتها ومخرجها الصحيح، ثم لا يملك غير وقفات يمكن حصر أشكالها، ولذا يأتى المقلد يقلده يحصر نفسه فى التقليد فيقتل موهبته ولا يستطيع أن يستمر فى تقليده كثيرا لأنه تعمد عيش حنجرة تخرج طبيعة صوت ليست حنجرته ولا طبيعة صوته، والكلام فى ذلك يطول.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: