مدينة موديكا (صقلية) جسر الشعر والأدب مع مصر

مدينة موديكا (صقلية) جسر الشعر والأدب مع مصر

الشاعر والكاتب دومينيكو بيزانا بطل حوار الشعراء الإيطاليين مع العالم العربي.

إعداد: چوزيــپـّه ناتيڤو – ترجمة: دكتورة آية محمد مختار

مراجعة: إسلام فوزي محمد.

إن الشعر والأدب، بوصفهما نظرة للحياة، ينتقلان بسهولة عبر قنوات التواصل حيث لا توجد حدود جغرافية ولا زمنية. لكن وصف للحاضر الدائم حيث يمثل الفن الشعري مرآة للحياة والأدب وصورة افتراضية تعبر عن الحياة اليومية ،هذا يعنى أنه من الممكن عبور أي جسر بما في ذلك الجسر الثقافي. حتى بين أرضين يحدهما البحر نفسه الذي لا يقسم، لكنه يوحد .إن المحرك الممتاز لهذه الوسيلة هو الكاتب والشاعر دومينيكو بيزانا، رئيس المقهى الأدبي كوازيمودو Quasimodo، الذي شيد جسورًا ثقافية متينة بين صقلية والعالم العربي، أو تحديدًا بين موديكا ومصر. إنه مسار ناضج ومتشابك مع حيوية أدبية خفية ولكن عميقة، من خلال إشراك العديد من الشخصيات الأجنبية وخاصة المصريين من خلال نفوذ بسيط، وهو بالتحديد عنوان الشعر والأدب بوصفه نظرة للحياة الثقافية والأدبية، وفي الحلقة الثامنة والثلاثين التي بثت على قناة يوتيوب التابعة لمؤسسة “مصر الآن” الثقافية، التي يتابعها الآلاف من الإيطاليين والمصريين، وهي مؤسسة أنشأها مجموعة من الشباب وتهتم بالثقافة والتنمية الثقافية والصداقة بين الشعوب، وهي مؤسسة تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية وتتعاون أيضًا مع المعهد الثقافي الإيطالي في مصر وجامعات القاهرة.

– دومينيكو بيزانا، كيف تبلورت هذه العلاقة مع مصر؟

– في سبتمبر من العام الماضى اتصل بي مدير مؤسسة “مصر الآن”، أسامة فوزي، الذي تخرج في قسم اللغة الإيطالية بكلية الألسن، ويعمل مدرسًا بالمرحلة الثانوية وهو باحث في أونجاريتِّي، ممثلًا عن أعضاء المؤسسة كلهم، واقترح عليَّ إنشاء سلسلة حلقات الأدب والشعر من أجل نسج علاقات تهدف إلى زيادة التبادل الثقافي بين مصر وإيطاليا.

ولطالما سحرتني مصر بفضل أماكنها المتأصلة فى إيماني المسيحي وفي أماكن الثقافة المذكورة في الكتاب المقدس، مثل الصحراء والبحر الأحمر وجبل سيناء ونهر النيل ناهيك عن المعابد والمتاحف والمقابر ومكتبة الإسكندرية، وهي مركز ثقافي مهم في منطقة البحر الأبيض المتوسط، تشرق منها عظمة حضارة وجمال وسحر قرون التاريخ القديم.

وبناء على ذلك الاقتراح، قمت بإعداد سلسلة “الشعر والأدب، نظرة حياة “، التي جاوزت في اللحظة التي نتحدث فيها الأربعين حلقة ولها بث على قناة اليوتيوب الخاصة بمؤسسة “مصر الآن”، وبها آلاف المتابعين بين إيطالي ومصري.

– هل تريد أن تحدثنا عن ذلك؟ ماذا تناولت في تلك الحلقات؟

– تعمل هذه السلسلة على خطين. الأول هو الأدب العظيم، وفيه نلقي نظرة على أدباء وشعراء القرن العشرين المعروفين في كل من إيطاليا ومصر. وأقصد مثلًا أونجاريتّي، مونتالِه، كوازيمودو، مارينيتي، يعقوب صنوع، نزار قباني، جوتسانو، مانزوني، دانونسيو، أومبرتو سابا، ڤيتوريو سيريني، چورچو كابروني، تشيزارِه بافيزه، پازوليني. ويشمل الخط الآخر شعراء معاصرين مثل حسام بركات (القاهرة) ، ومحمد أيوب وعلي الحازمي من العالم العربي، ويوليانا مِهمتي (ألبانيا)، وأمير سوكولوفيتش (البوسنة)، وستيفان داميان (رومانيا) ، وزوسي زوجرافيدو (اليونان)، ثم العديد من الشعراء والكتاب الإيطاليين: أدريانا جلوريا ماريجو، سيرچو كارلاكّياني، ماوريتسيو سولديني،ماريا بينديتا تشيرّو، ألفريدو ريينزي، فلوريانا فيرّو، دانييلا سولارينو، ستيفانيا لا ڤيا، ماريا تيريزا إنفانتِه، تينا فيريري تيبيريو، ليديا لوجويرشو، أنّا ماريا زيدزا، چوفانا مولاس، ساندرا جودّو، سيرينيلّا مينيكيتّي، ودانييلا تشيكّيني.

في هذا العمل قمنا بالتعريف سواء بالشعراء والأدباء الذين خلد التاريخ أعمالهم الأدبية أو الأدباء والشعراء المعاصرين. وقد حاولت أن أعرض الخصائص الأساسية لهؤلاء المؤلفين ورؤيتهم اللغوية والبحثية والآفاق الميتافزيقية والعلاقة بين الأخلاق وعلم الجمال والجذور التاريخية للأعمال الشعرية والسردية التي حللتها والتي كان بعضها يتخذ من أرض مصر التاريخية مسرحًا لأحداثه. وفي الترتيب لهذه السلسلة وللحلقات، كان مهمًا للغاية ذلك التعاون مع الشاعرة الإيطالية إليزابيتّا پاميلا پيترولاتي، ابنة مدينة روما، وهي معلمة في مدرسة ابتدائية وتخرجت في قسم علم الاجتماع ولديها العديد من المجموعات الشعرية مثل: “مثل الصور” 2019، و”آثار المعنى” 2019، و”حالة أبدًا” 2020. وكونها عاشقة دائمًا للشعر فقد ألقت بعشق وعاطفية النصوص الشعرية وقرأت النصوص الأدبية التي اقترحتها في الحلقات بإحساس وشغف.

– لقد سألنا أولئك الذين أتيحت لهم الفرصة، بآراء مختلفة، للمشاركة في المشروع، وسألنا ممثلي مؤسسة “مصر الآن” للتعبير عن انطباعاتهم بشأن هذه السلسلة وهذا ما أجابوا به.

– وفاء عبد الرءوف البيه، أستاذ الأدب الإيطالي الحديث والمعاصر بجامعة حلوان بالقاهرة، والحاصلة على وسام نجمة فارس من إيطاليا، تقول: إن “دومينيكو بيزانا ، بسلسلته الأدبية، يجعلنا أبطال تاريخه في النقد والأدب؛ يظهر على الشاشة بمهنية عالية، ليفتح لنا نافذة جديدة في كل مرة، تطل على عوالم أدبية مختلفة. كانت ذات أهمية خاصة تلك الحلقات التي يتناول فيها شعراء من العالم العربي. قدم بيزانا قراءة تستند إلى معرفة قوية بالأدوات النقدية الغربية، لكنها مزودة بفهم عميق لآلية إنسانية مختلفة، وبحكمة عالمية. وكنت ضيفة عليه في حلقة يعقوب صنوع، هذا الشاعر اليهودي المصري الإيطالي الذي كان موضوعًا مفضلًا لدراساتي لسنوات (لا يزال عمليًا)؛ أذهلني بيزانا بقراءة ماهرة توغلت بعمق في هذا العالم الاجتماعي والثقافي الخاص والمختلف، وهو واقع مختلف استطاع هو فهمه والتعبير عنه بأفضل صورة ممكنة.

– حسين محمود، أستاذ اللغة الإيطالية وآدابها والترجمة، وعميد كلية اللغات بجامعة بدر، ورئيس قسم اللغة الإيطالية بكلية الآداب جامعة حلوان بالقاهرة سابقًا، والمستشار العلمي للأرشيف القومي المصري، في تعليقه على السلسلة يقول: إنه موعد لا يفوت مع أستاذ شديد الإحساس والتذوق بالشعر الإيطالي، وليس ذلك فحسب، لكنه يَعرف كيف يربط العالم الشعري الإيطالي بثقافة البحر الأبيض المتوسط. إن اختيار بيزانا، الأستاذ الناقد والشاعر، لمرافقة تنويره النقدي بصوت شاعري (وهنا الإشارة إلى إليزابيتّا پاميلا پيترولاتي) لإلقاء القصائد قيد المناقشة، يؤكد قوة الجسر الثقافي الذي أراده وشيده مجموعة من الشباب المصري المتحمس بقيادة أسامة فوزي، يجولون في عالم وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة عبر اليوتيوب.

– إسلام فوزي محمد، مترجم وأكاديمي شاب، تخرج في قسم اللغة الإيطالية وآدابها بكلية الألسن – جامعة عين شمس عام 2011، ويعمل مدرسًا مساعدًا وباحث دكتوراه بالقسم ذاته، يقول: لاحظت أن دومينيكو بيزانا وإليزابيتّا پاميلا پيرتولاتي من خلال تعاونهما مع مؤسسة “مصر الآن” يقومان بمبادرة ثقافية ثرية جدًا. لقد قدما لنا بالفعل عددًا من الحلقات فاق الأربعين وتحدثا فيها عن كبار الشعراء والكتاب الإيطاليين وغير الإيطاليين، وطورا مسارًا غنيًا للتبادل الأدبي والثقافي. وبفضل سلسلتهم الأدبية، تمكنا من إدراك أهم النقاط والأفكار المفيدة لمحبي الأدب بشكل عام والأدب الإيطالي بشكل خاص. وكان عناصر مثل تحفيز الفضول وخلق الرغبة في المعلومات من جهة، والعرض الدقيق والقراءات لبعض الأبيات الشعرية من جهة أخرى، أدوات أساسية لنجاح هذه الحلقات المليئة بالحس الإنساني من خلال التواصل والمقابلات الشيقة.

– حسام بركات، شاعر مصري شاب، حاصل على شهادة ليسانس الألسن في اللغة الإيطالية وآدابها، يقول: تُعد سلسلة “الشعر والأدب” فرصة ثمينة لزيادة العلاقات الثقافية والأدبية بين البلدين الصديقين: مصر وإيطاليا. إنها حقًا مبادرة جديرة بالثناء يشارك فيها كبار الدعاة في المجال الأكاديمي والأدبي المصري والشعراء والكتاب الإيطاليين المعاصرين، الذين يقدمون، بفضل المداخلات والتعليقات الأدبية على الأعمال التي اختارها الشاعر دومينيكو بيزانا، إمكانية التعرف على الأعمال الأدبية في إحداثياتها الأساسية بفضل المحتوى والإبداعات الأسلوبية التي تتاح للجميع.

– إليزابيتّا پاميلا پيرتولاتي، شاعرة إيطالية من روما وقارئة القصائد بتلك الحلقات أكدت قائلة: سعدت جدًا وشرفت بالمشاركة في هذا المشروع الذي أحسبه مُهمًا وذا قيمة كبيرة على الصعيدين الأدبي والإنساني. وبهذا الصدد أشكر أولًا الأستاذ دومينيكو بيزانا مُعد هذه السلسلة، النبع الذي لا ينضب للمعرفة والحكمة والقدرة على العرض بالإضافة إلى قدرته عرض المعلومات الثقافية ليجعلها متاحة بكرم منه ومن خلال الالتزام بالجدية والعمق. ولذلك قبل كل شيء وددت أن ألقي الضوء على صفاته الإنسانية العظيمة. لأن هذه الصفات تأتي دائمًا جنبًا إلى جنب مع الاستعداد الثقافي للفرد، كما أود أن اشكر أسامة فوزي ورفاقه لالتزامهم الصادق والعميق بالثقافة وبشكل عام لرغبتهم فى تعزيز الروابط الإنسانية والأدبية القائمة بين بلدينا مصر وإيطاليا.

– أسامة فوزي، مُعلم لغة إيطالية بالمدارس المصرية، وباحث دراسات عليا في اللغة الإيطالية، يؤكد: إن المبادرة نشأت في سبتمبر قبل الماضي لتعريف عشاق الثقافتين المصرية والإيطالية كلٍ منهما بثقافة الآخر، وقبل كل شيء لتعريف شعوب البلدين بأهمية اللغة والأدب ودورهما في التقريب بين شعوب البحر الأبيض المتوسط، ومن هذا المنطلق اتفقنا مع دومينيكو بيزانا على التأسيس لهذه السلسلة من الحلقات بالتعاون مع مؤسستنا “مصر الآن” لبثها على قناة يوتيوب الخاصة بنا، للتأكيد على وجود جسر ثقافي حقيقي يمد العديد من أصدقائنا المصريين والإيطاليين بالمعلومات الثقافية والأدبية. وقد جاءت مداخلات الأستاذ والناقد بيزانا ومقابلاته العديدة مع الشعراء والكتاب المعاصرين لتمنحنا الفرصة في التواصل مع أشخاص رائعين من مختلف أنحاء العالم وخلق رابط سلام ومحبة وإنسانية عن طريق الثقافة والأدب والفنون. فإن مؤسسة مصر الآن كيان ثقافي نشأ منذ عامين لنشر الحضارة والثقافة المصرية في إيطاليا، وكذلك الثقافة واللغة الإيطالية بمصر، من خلال ندوات ومؤتمرات تجمع مثقفين من الدولتين الصديقتين.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: