عرض كتاب: فلسطين بالخرائط والوثائق   ج2

عرض كتاب: فلسطين بالخرائط والوثائق   ج2

عرض: أشرف خيري يوسف

نستكمل في هذه السطور مع القارىء الكريم بقية المقال المنشور في العدد السابق على هامش كتاب: “فلسطين بالخرائط والوثائق”، لمؤلفه الأستاذ/ بهاء فاروق، صادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، عام 2002م، في 323 صفحة من القطع المتوسط. بمناسبة ما يحدث في غزة وفلسطين بعامة منذ 7/10/2023م.

كنا توقفنا في عرض العناصر والموضوعات التي تناولها الكتاب عند موضوع “التحول من قيادة المقاومة إلى قمع المقاومة”، الذي يليه على التوالي العناصر الآتية:– المذابح التي ارتكبها الجيش الصهيوني في حق الفلسطينيين – الصور تحكي الانتهاكات والمذابح التي يرتكبها يوميًا الجيش الصهيوني في حق الفلسطينيين – القدس عبر التاريخ – جغرافية القدس – آثار القدس – صور لبعض وأهم الآثار والأماكن المقدسة الموجودة بالقدس – القدس.. مفاهيم يجب إيضاحها – نجاح إسرائيلي واضح نحو تهويد القدس جغرافيًا وسكانيًا – تهجير اليهود إلى القدس – أسباب الصراع القائم اليوم ودوافعه ” أولًا: أسباب الصراع التاريخي حول مدينة القدس ومظاهره، برنامج التهويد الصهيوني لمدينة القدس، أسباب الصراع القائم اليوم ودوافعه. ثانيًا: القدس في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، المفاوضات النهائية. ثالثًا: المواقف العربية والإسرائيلية والدولية الأساسية تجاه قضية القدس. رابعًا: السيناريوهات المحتملة لحل مشكلة القدس، هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، خطر الصهيونية على العرب”. وبهذا تنتهي موضوعات الكتاب التي ختمه المؤلف بقائمة من المصادر والمراجع، فضلًا عما تخلله من صور وأشكال توضيحية وخرائط هامة.

 

على أية حال فإن ما حدث ويحدث بغزة وفلسطين فرض نفسه في هذا السطور وجعلني أكتفي بسرد عناوين الكتاب دون الخوض في مضمونها معتذرًا للقارىء الكريم، وإن كان ما يحدث يحتاج الكثير من الكلام  والمساحة والتغطية،  لكثافة واستمرار الإجرام الصهيوني المتجدد الذي توقفنا فيه عند اليوم 48 من بدء طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م، الذي وجه ضربة قوية ليس للاستخبارات الصهيونية فقط بل والأمريكية أيضًا، وسيجعلها تتراجع هي والجبهات الموالية لها مثل؛ استراليا وكندا ونيوزيلاندا وأخرين، لأنه كما هو معروف فإن اسرائيل تعيش بالأدوات والآليات الأمريكية؛ العسكرية منها والمالية والدبلوماسية والخارجية والأمنية والاستخباراتية وغيرها، فسيصبح يوم 7/10/2023م – الذي يبدو أنه كان قرارًا حمساويًا خالصًا – حدًا فاصلًا في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، بل وفي تاريخ العالم بأسره، وسيحدث انقلابًا في كل الموازين، وبخاصة في النواحي العسكرية، وهو يُعد نموذجًا من الناحية العقدية والإعدادية والانتمائية والتنظيمية والإدارية بكل مكوناتها حتى الإعلامية، لذلك ما حدث هو صفعة قوية في وجه الأمريكان، وهو ما يفسر لنا بشاعة الانتقام الصهيوني الوحشي من أهل غزة بمباركة وأسلحة أمريكية، وبالطبع إضافة لعدة دوافع ومنطلقات أخرى تحكمها المصالح.  وهذا اليوم اعتبره الصهاينة هو بداية الصراع بينهم وبين حماس، وهذا ادعاء كاذب وكلام مغلوط، وهنا يحضرني تصريح  لوزير الخارجية الأردني/ أيمن الصفدي، يؤكد ما أقول، وذلك في لقائه على قناة الجزيرة بتاريخ 14/11/2023م، حينما أوضح بأنه على العالم أن يتذكر بأن الحرب لم تبدأ في 7 أكتوبر، وأن حركة حماس هي التي أوجدت الصراع، بل الصراع هو الذي أوجد حماس… فكما نعلم أن حماس أسسها سنة 1987م، الشيخ/ أحمد ياسين – رحمه الله – الذي شرفت بكتابة مقال عن اغتياله في ذلك الحين بجريدة الأهرام المسائي المصرية.

وبالرغم من كل ما يحدث إلا أنني على المستوى الشخصي  لدي تفاؤول كبير تجاهه القضية الفلسطينية على المستوى البعيد، وأن الفرحة ستأتي للعرب والمسلمين، ولعل رمضان القادم يحمل هذا – وإن كان الأمر يحتاج لوقت أبعد من هذا بكثير،- ونرى أطفالنا يحملون فوانيس بأسماء وشخصيات أعلام المقاومة من حماس وغيرهم مثل؛ أبوعبيدة، والسنوار، ومحمد الضيف، وهي تردد أغاني رمضان وبيانات وكلمات هذه الشخصيات وغيرهم،

أعود للتأكيد من جديد  على مقترحي بكتابة وتسجيل قضية فلسطين منذ البداية بأكثر من وسيط،  فمثلًا إضافًة لإخراجه مدونًا ومكتوبًا، نسعى الآن وبأسرع وقت – وقد تهيأت أفئدة أحرار العالم لمعرفة قضية فلسطين -لعمل درامي مرئي ضخم متسلسل من الجذور والبدايات حتى الآن لأنه كما أقول وأردد دائمًا أن:  “الإعلام المرئي أقوى تأثير وأوسع انتشار”، ويستمر هذا العمل حتى يصل للحظة الآنية، وتُضاف عليه أجزاء أولًا بأول كلما استجد جديد، ويكون ذلك بشكل مستند على توثيق، ويترجم أو يدبلج للغات العالم. ويكون موحد الجهود ويصبح هو المرجع المرئي لأصل وتفاصيل القضية الفلسطينة بدلًا من الجهود الفردية المبعثرة للمبدعين والعلماء والناشطين، فلما لا نجمعهم في عمل واحد منظم ومستمر نستثمر فيه كل جهود هؤلاء المبدعين والعلماء على مستوى العالم العربي والإسلامي، بل وكل حر في العالم مؤمن بهذه القضية ويستطيع المساهمة في هذا العمل، برعاية جامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي بالاتفاق مع الفلسطينيين والتنسيق معهم.

كما أجدد مطلبي القديم واقترح على أحرار وحقوقي العالم الأشراف التحضير لمقاضاة الانجليز تحديدًا، ثم الأمريكان، والتعويض منهم بأثر رجعي وبتكلفة اليوم على كل ما ارتكبوه في حق فلسطين منذ التحضيرات الأولى لزرع هذا الكيان واغتصابه الأرض الفلسطينة – ليقوم بدور ” الدولة الوظيفية ” لصالح انجلترا والقوى الاستعمارية وغير ذلك – وتُصنف التعويضات عن كل فعل وجرم ارتكبوه، ومن بعدهم الأمريكان الذين تسلموا الراية، ثم تباعًا الفرنسيين وغيرهم ولعلها بداية لمقاضاتهم عما ارتكبوه من احتلال لأراضينا العربية، واقتراحي هذا له أسبابه القائم عليها وسأشير إليها باقتضاب، فقد تعودنا على التأريخ للحركة الصهيونية بمؤتمر “بازل” في صيف عام 1897م، بسويسرا، الذي نظمه ووجه أعماله الصحفي النمسوي “تيودور هرتزل”  الذي استصدر بعد ثلاثة أيام من انعقاده أول قرارته وأهمها، وهو تحديد هدف الحركة الصهيونية وهو : “إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين يحميه القانون العام” ونلاحظ أنه اختار كلمة “وطن” وليس “دولة” تفاديًا لإثارة شكوك السلطان العثماني، حيث أنهم كانوا حريصين على عدم إغضابه، ولذا نجد أن القرار الثاني للمؤتمر هو ارسال برقية شكر إليه، فكان هرتزل يعرف ما يريد، فبعد انتهاء المؤتمر مباشرًة سجل في مذكراته قوله: ” لو أنني أردت أن ألخص وقائع المؤتمر في عبارة واحدة لقلت: أنني في بازل قد وضعت أساس دولة اليهود”، وبالفعل استمر الصهاينة خمسين سنة كاملة منذ عقد المؤتمر- كان هرتزل مات في 1904 م، وتابع الموضوع من بعده الكيميائي الصهيوني “حاييم وايزمان” الذي نجح في التوصل “للأسيتون” ومنه تم انتاج مادة “الكوردايت” المتفجرة والتي استفادت منها بريطانيا في الحرب العالمية، وحتى تم  تقسيم فلسطين في سنة 1947 م، بقرار من منظمة الأمم المتحدة الناشئة، بإقامة دولة اليهود في فلسطين وأصبح “وايزمان” أول رئيس لها عام 1949م، إلى أن توفي في نوفمبر عام 1952م.  و”هرتزل” هذا لقي الكثير من المصاعب والمتاعب في النمسا التي كان يقيم فيها بسبب ديانته اليهودية، كما أنه شهد في باريس بصفته الصحفية المحاكمة الظالمة لليهودي “الفريد دريفوس” حيث حملته فرنسا سبب هزيمتها أمام ألمانيا، وادعت أنه جاسوس، وهذه المحاكمة  تُعد أشهر محاكمات القرن 19 م، فاستقر في يقين “هرتزل” أن أوروبا المسيحية  لن توفر لبني ديانته الأمن والعدل، وأنه لابد أن يتركوها إلى أرض يكونون هم السكان والحكام، فتصبح دولة وملاذًا لهم، ولم يكن الحال بالنسبة لليهود في شرق أوروبا وروسيا أفضل من غرب أوروبا، بل عانوا هناك اضهادًا شديًدا، فبسبب كره الناس واضطهادهم لهم، فتم عزلهم بمنطقة “بيروبيجان” التي تُعد عاصمة لمقاطعة “يفيرسكيا أوبلست” وتعني “المقاطعة اليهودية” التي تتمتع بحكم ذاتي، حيث وضعهم بها “ستالين” سنة 1934م،  ليتجـمّعوا فيـها مـن جميع أنحاء العالم كوطن لهم في أقصى الشرق الروسي، فأنشأ لهم هذه المقاطعة رسميًا، وكانوا يتكلمون هناك ب “اليديشية” وليس العبرية، ثم قام بعد عشر سنوات باضطهادهم وأعدم رئيس حكومتهم وهدم معابدهم وحرق كتبهم، وبالمناسبة كانت هناك محاولة عام 1825م، على يد “مردخاي مانويل” – الذي اضُطهد أيضًا –  وهي الأسبق لتجميع  وإقامة دولة لليهود اسمها “أرارات” –الجبل الذي رست عليه سفينة نوح بحسب التوراة – في “بافالو” بنيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1785م، وباءت بالفشل كذلك. فهكذا كانوا مضطهدين في بقاع الدنيا قديمًا وحديثًا، فلا ننسى ما فعلته اسبانيا بهم وبغيرهم من المسلمين في محاكم التفتيش ، عدا وجودهم في أراضي العرب والمسلمين  – ومنها الدولة العثمانية – الذين أكرمهم وعاملوهم معاملة حسنة.

————–

و”هرتزل”  في هذا التوقيت لم يكن مهتمًا بقيام هذه الدولة في فلسطين، حيث فكر في الأرجنتين وأوغندا، حتى أن أحد أصدقائه اليهود كان يرى في حالة إذا سمحت الظروف بقيام هذه الدولة، فلا يجب أن تُقام في فلسطين أبدًا، لأنها في رأيه في مركز استراتيجي قائم على ملتقى قارات ثلاث، وهذا سيجلب عليهم صراعات دولية هم في غنى عنها.

وهذا الشاب “هرتزل” اعتبرته الغالبية أنه نبي الدولة اليهودية  وصاحب فكرة إنشائها، وهذا لا نميل إليه لأن فكرة دولة لليهود في فلسطين توجد لها إشارات قبل مؤتمر بازل بأكثر من خمسين سنة على يد أحد الضباط البريطانيين الذي كان مقيم في دمشق ويدعى “الكولونيل تشارلز ه. تشرشل”، وهذا ما أكده د. محمد حسن الزيات، وزير خارجية مصر الأسبق، في مقاله المنشور بمجلة العربي العدد 220 بعنوان: “المؤامرة على فلسطين”، ناهيك عن وثيقة أومؤتمر “كامبل بنيرمان” – أحد رؤساء الوزراء البريطانيين –  التي أعدت في الفترة من 1905-1907م، بصرف النظر عن الجدل حول وجود أصل الوثيقة من عدمه، إلا أن كل ما ورد عنها تم ويتم تحقيقه – مثل الجدل حول حقيقة بروتوكلات حكماء صهيون، وأن المخابرات الروسية هي التي وضعته، اضهادًا لليهود وتحميلهم أي مصائب – ومن تطبيقات مؤتمر “كامبل بنيرمان” هذا اتفاقية “سايكس بيكو” و “وعد بلفور” الذي يعتبره الغالبية أنه هو بداية الصراع، كان صاحبه انجليزي أيضًا. ثم توالت المخططات والمؤمرات بحسب معطيات كل مرحلة زمنية،  ضد العرب والمسلمين من أجل تفتيتهم وتقسيمهم واضعافهم، مثل مخطط “موشى شاريت وبونجوريون” عام 1954م، وكذلك مخطط “برنارد لويس” الذي قدمه “لزيغنيو بريجينسكي”- الذي عمل مستشارًا للأمن القومي الأمريكي فترة جيمي كارتر –  لتقسيم البلدان العربية إلى دويلات عرقية وعقائدية وطائفية ، واعتمده الكونجرس الأمريكي سنة 1983م، كخطة استراتيجية مستقبلية للدولة يعملون على تحقيقها مهما تغير الرؤساء، وغير ذلك الكثير من المخططات، فإن فتشت عن أي مصيبة وقع فيها العرب والمسلمون خلال القرن 19 م، والنصف الأول من القرن 20، بل ويزيد ستجد الإنجليز كانوا وراءه، واستلم الراية من بعدهم  وحتى الآن الأمريكانيون بالإضافة لأدوار بعض الدول الأخرى، بل وأسوء والأشد مرارة هو مجلس الأمن، الذي يجب أن تُعدل منظومته ولائحته التي تعطي حق “الفيتو” بصوت واحد، وهو ما يجب أن يكون بأغلبية أو على الأقل ثلاثة أصوات من خمسة، وأن يتم تبادل بين هؤلاء الدول الخمسة الدائمة التي بدأ بها المجلس منذ إنشائه حتى الآن، رغم تغير الظروف من صعود وهبوط لدول، ومع أن مساحة العالم العربي والإسلامي كبيرة في الكرة الأرضية، لا توجد دولة تمثله ضمن الخمس الدائمين في هذا المجلس الظالم المساند للصهاينة، ناهيك عن الضعف العربي الإسلامي غير المبررالذي سهل تحقيق مآرب ومؤمرات الصهاينة، لأنه بالفعل الغرب يرى قوته في ضعف العرب والمسلمين، وفي هذا الشأن أحيل القارىء الكريم لما ورد بمقدمة الكاتب المصري الدكتور “لويس عوض” في كتابه المترجم: “بروميثيوس طليقًا”.

ولذا أطالب أحرار العالم والفلسطنيين بمقاضاة الإنجليز والإعداد لتحضير هذا الملف.  وربما يرى البعض في طلبي هذا جنوح نحو الخيال، ولكن كلي يقين من تحقيقه إن أخذناه مأخذ الجدية والإعداد السليم ولنبدأ والله المستعان، خاصة أنه هناك أصوات اسرائيلية بدأت تتحدث عن حقيقة كيانهم الصهيوني مثل الكاتب “آري سبيت” الذي كتب مقالًا بعنوان: “اسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة” بصحيفة “هآرتس” العبرية، حيث بدأ المقال بقوله: ” يبدو أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ويمكن أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة”. فالإنجليز قديمًا كانوا حريصون على تحقيق مصالحهم السياسية والاقتصادية والاستراتيجية لإمبراطوريتهم،  على طريق الهند، ولذلك رأوا أن تقوم دولة لليهود على أرض فلسطين لضمان استقرار واستمرار نفوذ الامبراطورية البريطانية في منطقة الشرق الأوسط، التي يتزايد اهتمامها، واهتمام الدول الأوربية الكبرى بها، والآن يستكمل الأمريكان نفس الموضوع بالمحافظة والمساندة لإسرائيل لإقامة مشروع الممر الاقتصادي الهندي الأوربي الذي يمر بإسرائيل – الدولة الوظيفية كما ذكرت – وبعض الدول العربية في خط ملاحي بحري بري، كخطوة لإقامة الشرق الأوسط الجديد كما تراه الولايات المتحدة الأمريكية، هذا فضلًا عن الدوافع الأخرى لإنجلترا وأمريكا وغيرهم، مثل الدافع العقدي لدي المسيحيين وخاصًة المذهب البروتستانتي، فيما يعرف “بالمسيحية الصهيونية”، وإن كنا نرى بعض الكاثوليك أيضًا لديهم هذا الدافع من أمثال الملاح “فاسكو داجاما”، وهو كاثوليكي متعصب، حينما طلب من ملك اسبانيا – في ذلك الوقت، وهو كاثوليكي متعصب أيضًا – تمويل رحلة حول العالم حتى يساعد اليهود للعودة إلى فلسطين لحين نزول المسيح، وحديثًا نرى “بايدن” الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية وهو كاثوليكي أيضًا، ومدى مساندته العمياء للصهاينة، هؤلاء وغيرهم أخرين – بغض النظر عن كراهية المسيحيين عمومًا لليهود على اعتبار أنهم السبب في صلب المسيح وأن أيديهم ملطخة بدمه” بحسب معتقدهم”- ناهيك عن بعض المصالح الأخرى الدافعة للأمريكان بمساندة الصهاينة، مثل منافسة أمريكا للصين في الطريق الذي تنوي إقامته وخلافه، فأتمنى الإقدام لعمل هذه المقاضاة، ولعلها فرصة لتصحيح بعض المصطلحات مثل “معادة السامية” الذي يقصدون به معادة اليهود فقط دون باقي الساميين، ولنصدر للعالم المصطلح الواقعي وهو ” معاداة العرب والمسلمين” ونلاحق من يفعل هذا، وكذلك لإلقاء الضوء على حقيقة “الهولكوكست” التي أنشأها النازيون الألمان خلال الحرب العالمية الثانية في بلدة “أوشفيتشيم” القريبة من مدينة “كركوف البولندية  وأطلق عليه اسم “أوشفينز” وأنها أقيمت لليهود والبولنديين والروس وبعض العرب من شمال أفريقيا إضافة لبعض الألمان الكسالى او العجزة، لأن هتلر أراد بهذه الإبادة إقامة وطن للشعب الألماني القادر والقوي وحده، ولذلك فعل هذا مع بعض الألمان غير المؤهلين لهذا الوطن، فهي ليست لليهود وحدهم كما يرددوا، وبالغوا في تضخيم عددهم وادعوا أنه تم حرقهم بغاز “الزيكلون” الباهظ الثمن في ذلك الوقت، فضلًا على  أن بعضهم  تأمر مع النازين للتضحية بجزء منهم مقابل أن يذهب جزء لفلسطين، هذا، ويكفي أن “هتلر” النازي، قال لهم أن ما أفعله هو ما ورد في توراتكم، فهم أساس النازية.

الآن وبعد ما يقرب من خمسين يومًا منذ بدء طوفان الأقصى في 7/10/202023م، لا نستطيع تقيم الأوضاع سياسيًا، فهذا يتطلب وقت ومدة زمنية بعد الانتهاء من المعارك، لكن ما يمكن قوله الآن هو بعض المكاسب العسكرية والجزئية والمرحلية، فأمام صمود وعزيمة المقاومة المتسلحة بالإيمان وصمود الشعب الفلسطيني، وتظاهرات بعض شعوب العالم، انكسرت وتهاوت اللاءات والمحرمات الصهيونية المدعومة من أمريكا والغرب، من أمثلة ذلك ما كان يقوله “نيتنياهو” ومن معه من أن تحرير أسراهم سيأتي بالقوة والسلاح ولا مجال لوقف إطلاق النار، ها هو اليوم يتراجع ويوافق ذليلًا مكسورًا على إقامة هدنة لمدة أربعة أيام، ليتسلم أسراه بالتنقيط من خلال تفاوض الوسطاء مع حماس،   وكان يقول سنقضي على حماس وبات يضع سيناريوهات لما بعد حماس في غزة، ها هي حماس تسقط له العديد من جنوده قتلى وتدمر العشرات من ألياته، بل والأهم أن تظهر له في شمال غزة بزيها العسكري وسلاحها في مشهد مهيب يدعو للفخار وهي تسلم أسراه للصليب الأحمر، إضافًة لذلك فإن الخسائر المالية والإقتصادية للصهاينة باهظة للغاية ولا توصف، وبدأت لغة الأمريكان والداعمين للصهاينة تتغير في مسألة الدعم، ومن الأشياء الهامة التي ربما تكون مكسبًا هامًا في صالح القضية الفلسطينية مستقبلًا، هو أن بعض شعوب العالم بدأت تعرف الوجه الحقيقي للصهاينة المخادعين الذين نجحوا في تصدير صورة مزيفة لإسرائيل بأنها المظلومة المضطهدة من الفلسطينين الذين يصفونهم بالإرهابين، وذلك من خلال الشاشات وومواقع التواصل، فلم يعد ينطلي عليهم كذب حكوماتهم وتضليل إعلامهم لهم بأن الفلسطينين إرهابيين، بل أصبح العكس يبطبق على إسرائيل، بسبب ما يرونه من جرائم بشعة يرتكبها الصهاينة ومن عاونهم من حكوماتهم بحق الفلسطينين أصحاب الأرض، بل وبحق الإنسانية بشكل مطلق،  وأصبح الاسرائيليون ينتظرون “أبو عبيدة” المتحدث العسكري لكتائب القسام، ليعرفون منه الحقيقة التي تضللهم بها حكومتهم، وباتت أسماء بعض قادة حماس والقسام  مثل : يحيى السنوار، ومحمد الضيف وغيرهم” تلقى إعجابًا لدى كثير من الناس، وهذا كله جعل العديد من روؤساء ومسئولي هذه الدول والجبهات  التي كونتها أمريكا وانجلترا لمساندة الصهاينة يتراجعوا في تصريحاتهم ويعدلوا منها أمام ضغظ ومظاهرات شعوبهم التي لم نرى مثلها من قبل، من أمثال هؤلاء “ماكرون” رئيس فرنسا، ورأينا أحد مسئولي هذه الدول يقول أنا لا أستطيع منع دموعي وقلبي سينفطر مني حزنًا على اسرائيل، الآن هذا تغير، وغيره وغيره في استراليا وكندا، وبدأوا يتكلمون عن حل الدولتين، الذي إن تم، أقول لابد أن يكون مرحلة انتقالية مؤقتة، لأن الحل العادل هو أرض فلسطين كلها للفلسطينين من النهر إلى البحر، خاصًة أن الناس بدأت تقترب من القضية الفلسطينية لتعرف حقيقتها، ويترقبون التحليلات العسكرية على يد الخبراء أمتال اللواء/ فايز الدويري، وبدأ الشباب يعي هذا ويعي قيمة سلاح المقاطعة لمنتجات الصهاينة وداعميهم.

وحقيقة حماس والمقاومة عمومًا قدموا للعالم صورة مشرفة من ناحية البطولات والشجاعة وحسن إدارة وتكتيك وأدب وخلق وحسن المعاملة مع الأسرى كما رأينا، لأن المقاومة الفلسطينية لديها موروث عقدي وحضاري وأخلاقي، غير متوفر لدى الصهاينة  الذين يفعلون عكس ذلك مع أسرانا ، كما رأينا شهادت معظم الأسرى من النساء والأطفال الذين منعوهم من أبسط حقوقهم الإنسانية وعرضوهم للضغوط النفسية والإهانات الجسدية، بعكس ما تفعله حماس والمقاومة مع أسرهم، وقد رأينا كيف غضب مسئولي الصهاينة من التصريحات الحقيقية التلقائية للسيدة الاسرائيلية المفرج عنها، وكيف قاموا بحجب المفرج عنهم من الإعلام فيما بعد. على أية حال فإن 7/10/2023م، سيصبح علامة فارقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني،وفي تاريخ العالم بأكمله، فمن نتائجه أنه أعاد القضية لأجواء عام 1948م، ووضع أمريكا في ورطة كبرى، وغير ذلك الكثير، وكلي تفاوؤل  بأن ما حدث ويحدث وسيحدث برغم كل ما قُدم ويُقدم وسيُقدم من أثمان باهظة، هو بداية النهاية لهذا الكيان المقزز ومن عاونه، والذي تتقزم الفاشية والنازية أمام جرائمهم.

أشرف خيري يوسف، باحث في التاريخ والتراث المخطوط

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: