في رحاب الشطيبي 30

في رحاب الشطيبي 30

بقلم: إدريس الزياتي

 

تركا  الحاج  منهمكا في عمله ،  و أسرعا الخطى  للخروج من  ذلك المكان ،  فلا شيء يشدهم إلى المكوث فيه   ،  عادا أدراجهما  حيث  الألوان والأشكال المحتلفة من الملابس الحاهزة  و الأحذية  ليس من أجل الشراء بل  لينظرا  فقط إلى  الأنواع الموجودة والأثمان  المتاحة  فغا لبا   ما يحتوي السوق على بضائع   من الدرجة التانية أو التالثة   كان إدريس  يود  لو أمتلك و احدا من تلك  الأحذية التى ذاع صيتها في أوساط الشباب،  من العائلات المشهورة لكن كما قا ل شوقي وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ،  يراود  أمنيتة  التي لا تتحقق  فهو لا يمتلك ثمنها  فضلا عن أنها  لا تتوافق  وطبيعة  البلد، جغرافيته   وبيئته. تلك الأحذية  المعروضة في السوق  تناسب أهل البادية  في الجودة والقيمة ، فلا جدوى ان تلبس حذاء قيما  ثم تنزعه لتقطع الوادي أو   تدسه في غيابات الطين  فتمرغ وجهه ويفقد اسمه وعلامات جودته المصطنعة .

خرجا  من المكان  بدعوى أن السلع  ضحلة ، لكنهما في قرارة أنفسهما  لا يهتمان بشراء أي شيء ،  فلا   تكفي الرغبة  وحدها للظفر بما تشتهيه النفس بل بتظافر القدرة والوفرة ، عادا من المسلك الضيق ذاته  الذي  غلب على ظنه للحظة  أنما يفتعل فيه ذلك الزحام ، فهو مخصص للملابس و الأكسسوارات ومواد الزينة  ،  لذلك  تجتمع فيه النساء والفتيات والعائلات جميعا، فيكثر فيه الاكتضاض ليغتنم الشباب  المتعطش للزواج  الفرصة للنظر  إليهن من طرف خفي   لعل   النصيب  يوافق الخاطر  .  فالنظرات الموحية بالقبول أو الرفض  تظهر من الوهلة الأولى بعيدا عن  التمنع والغنج الذي يطبع نساء المدينة . فالبدو فيهم غلضة  وقسوة  و لنسائهن و بناتهن منها نصيب. .

فالأسواق الأسبوعية مناسبة  سانحة  للتعارف و  تواصل الأحباب والعائلات البعيدة ،  فمعضمهم في  منفى اختياري،في   تلك  التغور الصعبة لا يجمعهم إلأ ذلك الفضاء العام المشترك سيما في الأيام المشمسة  الجميلة   أما عداها فهم في غربة وانقطاع عن العالم، لا يعرفون أخبار بعضهم البعض من فرح أو ترح  من  زيادة أونقصان   من فراق  أو تلاق  إلا هناك.  فترى  أناسا  يعانقون بعضهم البعض في فرح وآخرين يعانقون بعضهم البعض والدموع تتهاطل من أعينهم في  حزن وفقد . و المتتبع  المتفحص لما يجري من أحوال في تلك البقعة  يرى عجبا .

حاولا عبثا   تفاذي الزحام، يسرعان  لا يلويان على شيء  بغية  التخلص من تلك  الورطة ،  فإذا  إدريس يجد نفسه  وجها لوجه مع عمه الفقيه سي محمد ، قبل يده  بحرارة في عناق طويل  قال الفقيه : أهلا عمو الهارب! ثم تناسلت الاسئلة المؤنبة تباعا.

كيف  تأتي  ولم تنتظرني في المنزل ؟

وقبل أن يجيبه  نظر على يمينه فإذا عمته يامنة تقف أمامه   تذكر ملامحها  بعد أن ابتسمت في وجهه ابتسامتها المعهودة ،   وهي ذات الوجه المشرق  والقلب   المحب .

احتضنته  تقبل رأسه  ووجنتاه  فاحمر وجهه خجلا من صنيعه الأول ، يلوم نفسه ، إذ وصل إلى ما زيغا ولم يطرق بابها ليستمتع  برؤية وجهها الصبوح ،  لكنها فرحت برؤيته  أكثر من لومها  له بنظراتها الحانية المحببة ..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: