ملوك القارة السمراء: لمحات تاريخية حول شعوب البانتو ولغاتهم

ملوك القارة السمراء: لمحات تاريخية حول شعوب البانتو ولغاتهم

دكتور أحمد رمضان العيسوي: مدرس مساعد بقسم اللغات الأفريقية (شعبة اللغة السواحلية) كلية الألسن- جامعة عين شمس

 

يعد شعب البانتو (Bantu) من أكبر الجماعات البشرية وأشهرها الموجودة في أفريقيا. كما تعد من أكثر الجماعات الأفريقية اختلاطًا بالسلالات الأفريقية الأخرى في مختلف أنحاء القارة. ووفقًا لبعض الدراسات التاريخية، فإن أول قبائل البانتو عاشت في المنطقة المعروفة الآن بدولة “الكاميرون” واستمروا في هذه المنطقة لمئات السنين حتى أوائل التقويم الميلادي، ثم فرض عليهم النمو السكاني الهجرة نحو أراضٍ جديدة. وبحلول عام 1500م كانت شعوب البانتو قد انتقلت إلى وسط أفريقيا وانتشروا في شرقها وجنوبها، وقد أنشأت هذه المجموعات مثل “الجاندا” و”الكونغو” و”الرواندا” ممالك كبيرة في وسط أفريقيا ما لبثت أن تراجعت وتقلصت بشدة تحت حكم الاستعمار. وتوالت بعدها الهجرات في مجموعات صغيرة تنشق عنهم وتنتقل نحو أقاليم جديدة، حيث تطورت هذه المجموعات تدريجيًا لتشكل الوحدات الثقافية التي نعرفها الآن.

 

وتضم “البانتو” حوالي 400 مجموعة عرقية مختلفة من أفريقيا. وهي إحدى السلالات الفرعية للسلالة الزنجية المنتشرة على طول الحدود في كينيا وأوغندا والكونغو ونيجيريا، بدءًا من السواحل النيجيرية المطلة على المحيط الأطلنطي غربًا، مرورًا بحوض الكونغو وإقليم هضبة البحيرات الاستوائية وكينيا، وانتهاءً بمصب نهر جوبا على المحيط الهندي شرقًا.

وكلمة “بانتو” تعني لغويًا “الشعب” وتشير إلى السكان الذين كانوا يعيشون في تلك المناطق. أيضًا، تشير إلى اللغة التي يتحدث بها هؤلاء السكان. عادةً ما يضاف إلى أسماء قبائلهم المقطع “با” أو “وا”، ويقال أن المقطع “نتو” فقط هو الذي يعني “الشخص أو الإنسان” والـ”با” هو المقطع المميز لهذه القبائل. في الحقيقة قد يكون ذلك منطقيًا، حيث نجد في السواحلية مثلًا، وهي إحدى اللغات البانتوية، كلمة “متو mtu” بمعنى “شخص”.

 

وتتحدث غالبية جماعات “البانتو” اللغات البانتوية التي قد تختلف لهجاتها من جماعة لأخرى. ويقدر العلماء عدد المتحدثين بالأسرة اللغوية للبانتو بحوالي 180 مليون أفريقي. لعل من أكبر المجموعات التي تنتمي لشعب البانتو: قبائل “الزولو” المشهورة في منطقة جنوب أفريقيا. كذلك قبائل “السواحليين” في شرق أفريقيا، و”الكيكويو” التي تعد الأكبر في كينيا.

يقسم علماء اللغويات شعب البانتو لثلاثة أقسام، هي:

أولًا:البانتو الشرقيون المنتشرون عبر أوغندا، ورواندا، وبوروندي، وصولًا إلى تنزانيا وكينيا ومالاوي وزامبيا. ومن أهم قبائلها “السوكوما” في تنزانيا، و”الكيكويو” الكينية، و”الكامبا”، و”الباجندا” التي يعيش أفرادها في أوغندا، و”الشاجا”، و”الجوجو”، و”التورو”، و”النياموزي”.

أما القبائل التي تتحدث “اللغة السواحلية”، وهي أشهر اللغات البانتوية، على طول سواحل كينيا وتنزانيا، فقد اختلطت كثيرًا بالعرب والفرس لغرض التجارة.

ثانيًا: البانتو الغربيون الموجودون من نهر “كونين” داخل أنجولا وجنوب الكاميرون حتى الشمال، وفي المناطق الاستوائية في كل من دولتي الكونغو والجابون حتى إقليم البحيرات شرقًا. وكذلك في جنوب السودان وفي إقليم “كاتانجا” والحوض الأعلى لنهر “كاساي”.

ثالثًا: البانتو الجنوبيون، وينتشرون إلى الجنوب من نهر “الزامبيزي” ونهر “كونين” بطول حدود موزمبيق وجنوب أفريقيا وبوتسوانا وليسوتو وبعض أنحاء ناميبيا. ومن أهم جماعاتها قبائل “النجوني” التي ينتشر أفرادها بين سواحل المحيط الهندي وجبال “داركنز بيرج”، وقبيلة “الشونا” في زيمبابوي، وقبائل “السوتو” في ليسوتو، وقبائل “الهيريرو” و”الآفامبوني” في ناميبيا، وقبائل “البوشمن”، و”الهوتنتوت”، وقبائل “الزولو” في منطقة جنوب أفريقيا.

 

اليوم، تضم جماعات البانتو المتفرقة ملايين الأشخاص؛ من بينها “الشونا” في زيمبابوي ويقدر عددهم 14,2 مليون شخص، و”اللوبا” في جمهورية الكونغو الديمقراطية بما يزيد عن 13,5 مليون شخص، و”الزولو” في جنوب أفريقيا بأكثر من 10 مليون شخص، وحوالي 10 مليون شخص ضمن “السوكوما” في تنزانيا، و”الكيكويو” في كينيا بأكثر من ستة ملايين شخص، وذلك إلى نهاية القبائل البانتوية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: