فنجان قهوة وكتاب

فنجان قهوة وكتاب

بقلم: د. ماجد رمضان

طبيب وكاتب

…..

اسم الكتاب: يوميات طبيب بلغ المشيب.

التعريف بالكاتب:

  • د. منير لطفي طبيب وكاتب وأديب له عشرات المقالات بالجرائد والمجلات والمواقع والصحف الإلكترونية.
  • مشرف صفحة أقلام بيضاء في مجلة الديوان الجديد الأدبية الشهرية.
  • صدر له ثمانية عشر كتابا، منها أطباء فوق العادة، مشاهير في ذاكرة المرض، رحلتي مع مرض السكري، مفاتيح القراءة، حياتنا بعد الستين، مقامات أبقراط، أحسن تأويلا، أمالي الغزالي، لطائف أدباء العصر.

دار النشر: دار مطبوعات دحروج.

عدد الصفحات :٢٦٤ صفحة.

تتشابه السيرة الذاتية والمذكّرات في أن كاتبها يكتب عن نفسه وعن أحداث جرت في حياته ولكن الفرق الأساسي بينهما هو أن المذكرات تركّز على أحداث معينة في فترة زمنية محددة من حياة الكاتب٬ أمّا السيرة الذاتية فهي تعرض الأحداث التي مرّت في حياة الكاتب من خلال التسلسل الزمني لحدوثها٬ بدون التركيز على أي من الجوانب.

أما اليوميات فهي أشبه بحديث أو حوار يومي بين الكاتب ونفسه عبر الورق، وهي بمثابة بوح عن مكنونات النفس ولواعجها، أو تدوين الأفكار والقناعات التي يعتز بها سواء جاهر أو احتفظ بها لنفسه، إلى ما استخلصه من رؤى وتقييم لمجريات الأحداث الخاصة أو المحيطة به، وانعكاسها عليه.

وكل إنسان له حكايته الخاصة به وإن تشابكت في كثير من أطرافها مع آخرين، ومهما تشابهت الحكايات والذكريات، إلا أن في كل واحدة منها لمسة شخصية فريدة، وخصوصية مفيدة لا تجد لها شبيها من قبل ولا من بعد.

والحكايات التي تضمنها الكتاب وعددها (56) حكاية متنوعة، ـــــ كُتبت بأسلوب أدبي رائق، وعبارة جزلةـــــ ثرية بعمقها وزخمها الإنساني والوجداني والمعرفي. بدأت بـــ “ذهب مع الريح” وختمت بـــ ” آخر الزمان!”.

حكايات ذات دلالة حافلة بالأحداث، الطريف منها والمحزن، المقبول منها والصادم، العجيب منها لحد الاندهاش، والسهل البسيط للإمتاع والمؤانسة.

تجد فيها رصدا لعلاقة الكاتب بالزمان والمكان والإنسان صحيحا كان أم مريضا ـــــــــ منذ أن كان طالب طب ثم متخرجا حديثا وأثناء تأدية الخدمة العسكرية ثم مغترباــــــ، وكذلك الخبرات الحياتية، بالإضافة لبعض الأسئلة الفلسفية والوجودية والرد عليها بسلاسة وإيجاز، كما في حكاية ” قبضة الموت” و “حوار مع زميلي الملحد” و”دَوْرِي؟!” و ” الأستاذ “.

وجود بعض الحكايات لا صلة لها بعالم الطب ولا يربط بينها رابط إلا وقوع أحداثها على صاحب اليوميات مثل: (مصيف جمصة ــــ قنبلة يدوية ـــ قَرَنْقَشُوه ــــــ بيت القطط ــــ الأستاذ ـــ خديعة كبرى ـــــ يوم الشاي العالمي ـــــ ـدعاء السحرـــ …)، كما أن هناك بعض الحكايات كانت صادمة من حيث الفعل وطريقة التعاطي معها ــــ وإن كانت لا تخلو من فائدة أو طرفة أو معلومة ــــ، مثل (شذوذ جنسي ــــ شهامة ـــــ فيزياء الحب) لما احتوته من سلوك مشين داخل المسجد أو الحرم الجامعي وإحدى المنشآت الصحية.

ولولا أن الكلمات مختارة بعناية، والوصف غير كاشف ولا خادش، لظننت أن الكتاب بُدل في غفلة مني، وهذا ما يؤكد أنه كان الأولى تغيير العنوان إلى (حكايات من ذاكرة طبيب). ليكون فضائه أوسع وأرحب.

اقتباسات:

– من الصعب أن تظل امبراطورا في حضرة الطبيب ــــ الامبراطور الروماني هادريان.

– بعض الأحداث تستعصي على مكنسة النسيان، ولا يقوى الأثير على تبديد غبارها وإلحاقها بالهباء، ذلك لأنها حفرت عميقا، عميقا جدا. وصارت تعيشنا أكثر مما عشناها.

– على سلم مقياس للألم يندتدرج بشكل تصاعدي من صفر إلى عشرة، تتربع آلام الأزمات القلبية والحصوات الكلوية والمخاض والشقيقة والتهاب الأسنان وكسور العظام، بينما يبقى الألم النفسي الناجم عن تأنيب الضمير هو الأشرس والأفتك.

– النسيان أعظم نعم الله على العباد، وأحسبه أمهر طبيب لعلاج ذاكرة مثقلة بالهموم، ونفس متخمة بالأحزان

– لا يجوز للطبيب أن يفضي سرا، وصل إلى علمه بسبب مزاولته المهنة، سواء كان مريضا قد عهد اليه بهذا السر، أو اطلع عليه الطبيب بحكم عمله.

– يدرك المرء كِبَره، ويتحقق من اعتلائه منصة الشيخوخة، حين ينهمك بحثا عن نظارة ترقد بسلام فوق جسر أنفه.

لما انتهيت من قراءة الكتاب، أحسست أني منتشيا وسعيدا، بتلك الخلطة السحرية من الحكايات التي صاغها د.منير لطفي من حكايات واقعية أثقلت كاهل مرضاه، وضعضعت أرواحهم، فكان لها بالمرصاد سمعا وفهما، ودونها تدوينا وتعليقا وتحليلا.

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: