ثقافة الصورة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة على النصوص الأدبية والثقافة (1)

الأستاذ الدكتور صبري أبو حسين

هذا هو العنوان المقترح في البند السابع من الشق الثاني من المحور الأول المعنون بـ(قراءة في البيئة الداخلية للثقافة المصرية) في مشروع مصر القومي للثقافة المصرية. وهو عنوان جيد فيه حداثة وإثارة وإنارة، وقدرة على التفكير للمستقبل في الجمهورية الجديدة لمصرنا الحبيبة، حتى نواكب عجلة التطور الحضاري قوميًّا وعالميًّا، ونكون فيها فاعلين سباقين، بحول الله وقوته، ثم بجهود المخلصين والمخلصات من مثقفي الوطن ومثقفاته.

و الأدب والثقافة جوهر في كل مجتمع وعماده، ومقياس تقدمه ودليل تطوره، ولكل مجتمع ونظام أدبه وثقافته، وقد ظهر عامل جديد مؤثر في الأدب والثقافة على مستوى العالم، وهو التكنولوجيا الرقمية بما تحتويه من ثقافة صورية ووسائل تواصل اجتماعية مباشرة وسريعة ويسيرة، فصار عندنا الأدب الرقمي التفاعلي، والثقافة الرقمية التفاعلية، وصار التحول الرقمي فريضة العصر وضرورة التحديث في هذا الزمان، بما يقدمه من خدمات منظمة دقيقة لكل الأحياء على هذه المعمورة!

وكل يوم يزيد عدد المهتمين بهذه الحالة الإلكترونية الرقمية من باحثين وأدباء ونقاد وفنانين ومبدعين، كل حسب تخصصه ومجال اهتمامه واشتغاله. ومن ثم ظهرت إشكالية بحثية مثارة في الآونة الأخيرة تدور حول الموقف الحضاري والثقافي لكل أمة ودولة من هذه الحالة الكونية سلبًا وإيجابًا، جمودًا وانفتاحًا، إهمالاً وتوظيفًا، فائدة وضررًا، وأظن أننا-في ظل الجمهورية الجديدة- تجاوزنا مرحلة الجمود والسلبية والإهمال، ونظرية المؤامرة،… وغير ذلك من مُسَبِّبات التخلف والرجعية، وأننا ننتقل إلى مرحلة التعامل المنفتح الإيجابي المفيد الفاعل من هذا التحول الرقمي الحياتي والكوني…

وهذا ما أحاول أن أقدم فيه أطروحة خاصة عبر هذا العنوان المنفتح (ثقافة الصورة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة على النصوص الأدبية والثقافة) في هذا المؤتمر الثقافي القومي الفريد في توقيته ومحاوره. ويمكنني أن أقدم أطروحتي في هذا المجال عبر المحطات البحثية الآتية:

التمهيد: اصطلاحات الورقة المؤسسة:

المبحث الأول: التأثير الإيجابي لثقافة الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي

المبحث الثاني: التأثير السلبي لثقافة الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي

الخاتمة: مقترحات ورؤى مستقبلية.

ولعل في ذلك ما يدعو إلى أن نهتم مؤسسيًّا بتقديم صورة مصر العريقة والأنيقة في عالم الصورة، وعالم وسائل التواصل الاجتماعي التقديمَ المنهجيَّ الأمثلَ، بأن نُوظِّف هاتين التقنيتين التكنولوجيتين في كل ما يحمي ثوابتنا، ويعلن عن هويتنا، ويواجه كل ثقافة مُسيَّرة مُوجَّهة، أو مُضادَّة عدائية أو مُضلِّلة خادعة، تستهدف الأجيال الشابة أو العوام!

 

 

 

 

 

التمهيد: اصطلاحات الورقة المؤسسة:

إن ثقافة الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي من إفرازات عصر الحداثة وما بعدها، وهي -بلاريب- أثرت تأثيرات متشابهة ومتشابكة ومتنوعة في النصوص الأدبية المعاصرة، وفي الجهود الفكرية والرؤى الثقافية الراهنة… وهذا العنوان المختار (ثقافة الصورة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة على النصوص الأدبية والثقافة) يستدعي منا البدء ببيان مفهوم الاصطلاحات الرئيسة في عنوان الورقة البحثية هاته ، وهي:

١- ثقافة الصورة(image culture):

ثقافة الصورة مرحلة ثقافية بشرية تغيرت معها مقاييس الثقافة كلها إرسالاً واستقبالاً وفهمًا وتأويلاً، مثلما تغيرت قوانين التذوق والتصور؛ فالصورة تفرض نفسها علينا في ضوء تطور الاتصالات الحديثة، إنها تقتحم إحساسنا الوجداني وتتدخل في تكويننا العقلي، بل إنها تتحكم في قراراتنا الحياتية، حتى صارت العلامة الثقافية الأولى، ولكنها تتفاعل مع الكلمة والورق والكتابة، وتتبادل الفعل والانفعال( )!

وتعني ثقافة الصورة أن عالم اليوم شهد تحولاً ثقافيًّا كبيرًا، تمثل في أنه صار عالم الصّور، وعصر الصورة؛ انطلاقًا من أن الصّورة أبلغ من الكلام، وأن الصّورة سلاح ذو حدين، وقد ترسخ هذا في كون الصّورة مركز مواقع الإنترنت، وأساس التّواصل الاجتماعي؛ إذ تنقلنا التكنولوجيا من ثقافة الكلمة إلى ثقافة الصّورة. إن الصورة تُجسِّد المفهوم وتُشخِّص المعنى؛ فالصورة وثيقة تعبر عن حقيقة.

وبعد طفرة تكنولوجيا التواصل أخذت ثقافة الصورة تحتل فضاءً كبيرًا، وتهيمن على اهتمامات البشر وإبداعاتهم؛ ففي هذا العصر الرقمي التفاعلي نجد الصورة تتدخل في تكوين وعي المتلقي، بطريقة جريئة وخطيرة، حيث تقتحم عواطف الناس وتُستَغلُّ لتوجيههم روحيًّا وعقليًّا، حسب أجندات متنوعة ومخططات مختلفة داخلية أو خارجية، صديقة أو عدائية! ومع أن ثقافة الصورة تتميز وتتفوق على ثقافة الكلمة، فإن الصورة ليست بديلة الكلمة، ولكنها داعم حقيقي لها، وللمنفعلين بها أدبًا وثقافة!

وإن من يدعو إلى ثقافة الصورة بديلاً لثقافة الكلمة يحاول النيل من هويتنا الثقافية، أو يحاول إضعافها، أو إضعاف الانتماء لدينا؛ لأننا أمة الكلمة، أمة البيان، أمة البلاغة، والكلمة العربية عنصر رئيس من ثوابت هويتنا المصرية والعربية، ونحن أمة الكتابة منذ العصر الفرعوني العتيق! فثقافة الصورة -بمفهومها الحداثي- وافدة، وثقافة الكلمة موروثة ولها تاريخ عريق لدينا!

2-وسائل التواصل الاجتماعي( (Social media:

هذا مصطلح مركب إضافي وصفي، مكون من ثلاثة ألفاظ: الأول موصوف، وهو (وسائل) وتعني الأدوات، والثاني مصدر مضاف إليه وهو (التواصل) ويعني التلاقي، والثالث مصدر صناعي صفة، وهو (الاجتماعي) وتعني البشري. وهذا المصطلح (وسائل التواصل الاجتماعي) يعني في مجمله: ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺘﻁﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻻﻨﺘﺭﻨﺕ ﻴﺘﻡ ﺒﻨﺎﺅﻫﺎ ﺒﺎﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻭﻴﺏ ﻭﺍﻟﺘﻲ. ﺘﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﺴﺘﺨﺩﻤﻴﻥ ﺒﺨﻠﻕ ﻭﺘﺒﺎﺩل ﺍﻟﻤﺤﺘﻭﻱ ﺍﻻﺘﺼﺎﻟﻲ ﺃﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻁﺒﻴﻘﺎﺕ ﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﻴﻥ ﻤﻥ إنشاء صفحات أو ملفات شخصية، تربطهم بأصدقائهم، وتمكنِّهم من التواصل معًا، من خلال تبادل الرسائل الشخصية عبر البريد الإلكتروني الخاص بالملف الشخصي للمستخدم، أو من خلال ترك التعليقات المختلفة التي يتشارك فيها المستخدمون، وقد تحتوي الملفات أو الصفحات الشخصية على صور أو ملفات فيديوهية أو ملفات صوتية( )! وتقسم (ستيلا هيلجا تودور) مصطلح وسائل التواصل إلى قسمين: الأول في كلمة(media) تعني وسيلة من وسائل الإعلام تتيح التواصل أمام الأفراد! والثاني في كلمة (Social) تعني أن العملية الاتصالية تسير في وجهين: المرسل المبدع للرسالة، والمستقبل المتلقي لها، والمبدع لرد فعل تجاهها( )!

إن وسائل التواصل الاجتماعي أدوات تكنولوجية أسهمت في تيسير التلاقي بين البشر وتسريعه، ففور إنشاء الإنسان المستخدم حسابًا إلكترونيًّا يمكنه من التواصل عبر شبكة الإنترنت مع غيره من الأشخاص على مستوى العالم، إلكترونيًّا؛ لمشاركة المعلومات والأفكار والآراء والرسائل وغيرها من المحتوى المكتوب والمرئي والصوتي ومن ملفات ومعارف. ومن أمثلة هذه المنصات Facebook و Twitter و Snapchat و Instagram و WhatsApp وYouTube، ومنها كذلك ما يكون له جانب مهني مثل LinkedIn، وقد تدخل من ضمنها المدونات مثل WordPress  و Blogger.،… وغيرها.

٣-النصوص الأدبية(:(literary texts

هي تلك النتاجات الإنسانية اللغوية الجميلة مبنًى ومعنًى، والتي مصدرها الواقع وما فيه من المعرفة والثقافة، والخيال وما فيه من استشراف، وغايتها التعبير عن شعور أو فكرة، والتأثير في المتلقين سمعيًّا وروحيًّا وعقليًّا، وأحيانًا بصريًّا…وهي تبعًا لذلك تتنوع إلى أجناس وأنواع كثيرة ومختلفة، حسب مادتها وهدفها ومتنها، والمُستَهدَفين بها، منها الشعري، ومنها النثري، ومنها الطويل، ومنها المتوسط، ومنها القصير، ومنها الواضح المباشر، ومنها الغامض المكثف، ومنها الذاتي، ومنها الجماعي، ومنها النسوي، ومنها الذكوري، ومنها الطفولي ومنها الشبابي…إلخ

والنصوص الأدبية تتنوع حسب ثقافة الصورة ووسائل التواصل إلى (نصوص أدبية إلكترونية فقط)، وهي الشائعة في عالم الإنترنت الرحيب، حيث تكون وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة نشره الأولى، وإلى (نصوص أدبية تفاعلية)، حيث تمتزج الكلمة والصورة الثابتة والمتحركة في إنتاجها، وهي النادرة وتكاد تكون منعدمة عربيًّا إلى الآن!

٤-الثقافة(the culture):

الثقافة لفظة سيارة في العصر الحديث، يقصد بها الحالة العلمية والإبداعية للفرد أو المجتمع، لكن يغلب استعمالها مسندة إلى المجتمع، وهي مصطلح رئيسي في علم الإنسان (الأنثروبولوجيا(، إنها مجموعة العادات والقيم والتقاليد التي تعيش وفقها جماعة أو مجتمع بشري، بغض النظر عن مدى تطور العلوم لديه أو مستوى حضارته وعمرانه، وتنقسم إلى ثقافة روحية وأخرى مادية، أو ثقافة وطنية وثقافة مضادة،  وتتطلب الثقافة العلم، ومراعاة الإنسان، والالتزام بالقيم الطيبة، وهناك ثقافة نخبة، وشقافة شعبية، وثقافة جماهيرية، ولا ريب في أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت سببًا في زيادة جرعة الثقافة عند شعوب العالم كله!….

ويبرز في هذا الصدد مصطلح (الثقافة الرقمية Digital Culture)الذي يدل على معطيات ثقافية جديدة، تظهر بسبب استخدام التكنولوجيا الإلكترونية، وتدل على أن هوّة كبيرة تفصل الدول المتقدمة عن الفقيرة في هذه التكنولوجيا. ويشار إلى هذه الهوة أحيانًا باسم “الفجوة الثقافية”… ولا شك في أن الأدب والثقافة يتبادلان التأثر والتأثير، فكل منهما يفيد من الآخر، يتغذى منه ويغذيه…

ولا ريب في أنه لثقافة الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي دور في النصوص الأدبية والثقافية، وهو دور متنوع إيجابًا وسلبًا؛ فهما سلاح ذو حدين، إما أن يزيدا من ثقافة المبدع ورؤاه ومساحة تلقي إبداعه، وإما أن يضيعا وقت المبدع وجهده! وبيان ذلك تفصيليًّا، على النحو الآتي:

المبحث الأول: التأثير الإيجابي لثقافة الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي

عندما نتدبر خريطة الأدب والثقافة في مصرنا وعالمنا العربي نجد مظاهر كثيرة دالة على تأثير إيجابي لثقافة الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي، ويمكننا تحديد هذه المظاهر الإيجابية على ثالوث الإبداع الأدبي والثقافي: المبدع، والإبداع، والمتلقي،  في الآتي:

1- التواصل الدائم والسريع والشامل بالعالم:

فقبل ظهور ثقافة الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي كان التواصل بالعالم قاصرًا على النخبة، وكانت وسيلته مكلفة، وكان هذا التواصل متقطعًا، وبطيئًا، وجزئيًّا، ولم يكن متاحًا للعامة، أما الآن فقد صارت المعمورة قرية صغيرة بالفعل، صار أمام الأديب والمثقف، مهما كانت إمكانياته، وأينما كان مكانه، وأنى كانت ثقافته، صار بمكنته أن يعرف كل شيء يحدث في العالم وقت حدوثه أو بُعَيدَه بقليل، وصار بإمكانه أن يكون فاعلاً فيه ومؤثرًا، وصار بإمكانه أن يحصل على أية معلومة في أي وقت! فالمعارف الآن مطروحة في الإنترنت لكل من يدب على سطح هذه المسكونة! بفعل أدوات ثقافة الصورة والتواصل الاجتماعي! التي تمدّنا بالمعلومات الثقافية والفكرية والعلمية والإنسانية والاجتماعية في وقت وآن.ولا ريب في جدوى ذلك على كل أديب ومثقف؛ فالمبدع الفائق هو المواكب لكل تطور والمنفعل به انفعالاً خاصًّا، والقادر عبر هذا التطور على الولوج إلى أكبر قدر ممكن من الجمهور والمتلقين…

2-  إنشاء فضاء تفاعلي متشابك:

تسببت وسائل التواصل الاجتماعي في إنشاء فضاء تفاعلي اجتماعي افتراضي، يتيح للممارسات الثقافية والفكرية والأدبية أن تنتشر إعلاميًّا وأن تكون مادة للحوار والنقاش ولا سيما بين جيل الشباب الرقمي، فجاءت بحق منابرَ ثقافية حُرة، يطلق من خلالها الشباب إبداعاتهم الأدبية والفكرية والثقافية، موشّاة بأثواب من الصورة الفنية والتخييل، التي تناسب عصر الصورة.  كما أسهمت هذه الوسائل في إشاعة جو إنساني روحي يُذكي الاتجاه العاطفي والرومانسي في الحركة الثقافية والأدبية، ولعل الشعر واحد منها، فما الروابط الشعرية الإلكترونية التي تضم عددًا كبيرًا من الشعراء على الصعيد المحلي والعربي وحتى العالمي، إلا أثر مهم من آثار وسائل التواصل الاجتماعي، لتكون هذه الوسائل التواصلية في النهاية نوافذ على العالم تتمازج فيها العقول والأفئدة جاعلة من العالم قرية صغيرة، لتحدث حالة من التداعي الحر للنصوص الأدبية والقضايا الثقافية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي من فضاء أزرق متنوع.

3-إتاحة فرصة النشر الحُرِّ السريع الواسع المجال أمام أصحاب كل إبداع:

قبل ظهور عالم الإنترنت الرحيب بما فيه من ثقافة الصورة الدائمة والمهيمنة ومواقع التواصل الاجتماعي الفاعلة والمتفاعلة كان نشر الرأي يتم عبر صحيفة أو كتاب أو تلفاز أو راديو أو مسرح أو فيلم أو مسلسل، أي بوسائل مكتوبة أو مسموعة أو مرئية لكن بطريقة مؤقتة، وبطريقة يتحكم فيها الرقباء وأصحاب الحكم والسلطة، كل حسب عقيدته وتوجهه!

لكن صارت وسائل التواصل الاجتماعي الآن مجالًا حرًّا واسعًا للإفصاح عن المواهب، ولنشر الرأي والإبداع متاحًا أمام الجميع في أي وقت شاء، وبأي طريقة أراد، وصار أمامه أن يخاطب من أراد ويحاوره أو على الأقل يوصل له رأيه ورؤيته، ويعرض مشكلته، أو الحلول التي يراها للخلاص من أي معوق، وذلك على مستوى العالم! وكان له الفضل الكبير في إلقاء الضوء على الشعراء وإبداعهم , من خلال التواصل مع شرائح كبيرة من المجتمع, فلم تعد الندوات والمؤتمرات والأمسيات الأدبية والثقافية، والكتب والمجلات، والفضائيات..وغير ذلك من وسائل تقليدية للنشر الصحفي أو الإذاعي أو التلفازي، هي فقط وسيلة الأديب والمثقف لكشف النقاب عن إبداعه ورؤاه, وذلك بعد أن انتشرت هذا الوسائل الإلكترونية الجاذبة الساحرة المهيمنة, وبات كل مواطن – تقريبًا – له حساب عليه يتابِع , ويتابَع , وأصبح للأدباء والمثقفين جمهورٌ عريض وجديد، مهما كان سنهم، ومهما كانت مقدرتهم على التعامل مع هذه الوسائل!

 

4- الإفادة في مجال الثقافة الاقتصادية:

توفر وسائل التواصل الاجتماعي أمام شباب اليوم فرصًا ثمينة للعمل في مجالات  ثقافية اقتصادية، حيث يكون أمامهم مجال واسع لتسويق مهاراتهم ومواهبهم، والبحث عمن ينميها ويرعاها ويطورها، عن طريق المنصات المهنية والإعلانية، حيث تكون مهمتهم الربط بين الثلاثي الاقتصادي: صاحب العمل، والعامل، والمستهلك، والثلاثي الثقافي: المبدع، والإبداع، والجمهور… وهنا تظهر فنون أدبية جديدة خاصة بما يمكن أن يسمى الأدب الإعلامي، والأدب الإعلاني… وفي هذا نوع من العلاقة الإيجابية للثقافة، حيث تؤدي دورًا مجتمعيًّا فاعلاً، إضافة إلى توظيف الثقافة الدينية المعتدلة والأعراف الاجتماعية الراسخة، وترسيخ ثوابت الهوية الوطنية؛ لتحقيق عدالة توزيع الاقتصاد، وفرص العمل؛ حماية للمجتمع من الوقوع فريسة فكر الكراهية بين الطبقات، و نزغات الإرهاب؛ مما يحدث القلاقل الأسرية والمجتمعية، وهذا ما تتغياه إدارة الثقافة الاقتصادية وتحاول أن تؤديه وينبغي لها أن تحرص على تأديته!

ومواقع التواصل تسهم في اكتشاف فرص عمل جديدة وظهور مسارات مهنية جديدة،  أمام الشباب الرقمي، مثل: كاتب المحتوى التسويقي، أخصائي التسويق منصات التواصل الاجتماعي، مصمم جرافيك متخصص لتصميم إعلانات المنتجات على منصات التواصل الاجتماعي.

وتقرر الباحثة وداد معروف أن الإعلام الثقافي يوظف الوسائط الإعلامية المتنوعة كالراديو, والتلفاز, والإنترنت, والهاتف الجوال, والمجلات, والصحافة المكتوبة لرصد ما يعتور الساحة الثقافية من نشاطات ثقافية، وتبليغها للمتلقي عن طريق هذه الوسائط، وقد كسرت الطوق الذي قيد الثقافة حقبًا طويلة من الزمان, كانت فيها قاصرة على النُّخبة, التي تمتلك المال والنفوذ, فأصبحت الثقافة بفضل تلك الوسائل- ملكًا متاحًا- لجميع طبقات الشعب وفئاته( ).

5- تلقِّي الإبداعات المختلفة حول أي مضمون وتوثيق الإبداع:

كانت الأفكار قبل عالم الإنترنت محصورة على الكتاب والمكتبات وعقول بعض الحفاظ من العلماء! كنا نأخذ وقتًا طويلاً، ونبذل جهدًا كبيرًا لتعريف مصطلح أو توثيق نص ديني أو أدبي أو ثقافي، لكن في هذا العالم المتواصل إلكترونيًّا صار الحصول على الدعم المعرفي من كل أنحاء المعمورة والمشاركة له والإفادة منه أمرًا يسيرًا سريعًا، وهذا الدعم المعرفي شامل، فقد يكون تراثيًّا قديمًا أو جديدًا حديثًا أو معاصرًا آنيًّا، وبأية لغة، وقد يكون خبرةً من الخبرات أو عادة من العادات! ومن ثم تسهم وسائل التواصل الاجتماعي في رفد قاموس الكاتب اللغوي وخياله الأدبي وتحفيزه على التجديد والتطوير في لغته ومضمون كتاباته؛ مما يجعل رؤانا وأدبنا في حالة أعلى من الأصالة والعمق والتأثير! حيث نبدأ من حيث انتهى الآخرون حقًّا، فلا نقلد، ولا نكرر، ولا يسمح لأحد بأن يسرق أو يسطو على إبداع الآخرين أو جهدهم البحثي والعلمي، فخير وسيلة لحفظ الفكر والإبداع هو نشره إلكترونيًّا، في مواقع علمية تكنولوجية موثقة وآمنة! مثل موقع (كنانة أون لاين( ))، و(بنك المعرفة المصري( )) الذي يعد من أكبر مكاتب العالم الرقمية، وموقع (مكتبة الإسكندرية)( )، و موقع )الباحثون المصريون)( )، وموقع اتحاد الجامعات المصرية( )…إلخ وما أحوجنا إلى موقع تواصل اجتماعي مصري!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: