” علي منصور ” ( 3 )  – موسيقى الصباح مستمرة “”

" علي منصور " ( 3 )  - موسيقى الصباح مستمرة ""

بقلم: د. نهى مختار محمد

هذا صباح جميل

الشمس ضاحكة كفستان أنثى

وثمة

موسيقى

تنزل

السلالم

مازالت موسيقى علي منصور تلهمنا لكتابة المقال الثالث، كيف لهذه البساطة أن تكون عظيمة الإلهام! وهل الإلهام هو الذي يختارنا أم نحن الذي نختاره بعيوننا حين تتصل بقلوبنا حين تتصل بعقولنا لنرى بهذا التناغم الثلاثي بين العين والقلب والعقل فتتحقق رؤية فريدة وخاصة، ثم تزداد فرادتها وخصوصيتها وعمقها إذا اتصل كل ذلك بالروح، فترى بروحك، وحينها يصبح البسيط عظيما، والعادي رفيعا، والجميل باهرا، والباهر أكثر إبهارا، لأن الصدق انبعث منه ووصل إلى روحك المبصرة التي تعرف سر الحياة، وليست كل الأرواح كذلك.

أحب أن تقرأوا معي ماذا خط الشباب بأقلامهم في جمل جميلة تمثلهم وتعبر عنهم وتعكس رؤيتهم للجمال، لأن جملهم هذه التي سنطالعها معا هي إجابة على سؤال: “إذا كانت هذه هي مظاهر الجمال التي يراها الشاعر علي منصور في صباحه فما مظاهر الجمال في حياتك أنت؟ حاول أن تتخيل معرضك الجمالي، حاول أن ترى بروحك وأنت تجيب على هذا السؤال.

“لدي الكثير من مظاهر الجمال في حياتي، لكن في الفترة الأخيرة كانت هي وابتسامتها المشرقة وشالها الفلسطيني وإسورتها الرائعة أشبه بكل مظاهر الجمال في حياتي… ومن جماليات حياتي أيضا عندما أشرب كوبا من الشاي بالنعناع مع أمي في بلكونتي الخاصة، وأن أستنشق هواء الفجر وأستمع إلى تواشيح النقشبندي”. جزء من لوحة “هاجر عبد الجواد ناشد”.

“لكني من أنصار الليل؛ لأني وجدت في الليل ما لم ولن أجده في الصباح، هدوء وسلام نفسي مع راحة وطمأنينة، خاصة عندما أذهب لأقاربي في الإسكندرية تلك المدينة المشهورة بنسيمها المخلوط بالرمل والبحر… البحر صديقي المفضل الذي أرى الجمال في أمواجه المتحركة خاصة في ليالي يناير الباردة… أنا مثله وهو مثلي كلانا مضطرب ويحمل الكثير من الأسرار”. جزء من لوحة “سيف الدين مدحت”.

“ولكنني كنتُ مخطئة، فأنا أنتمي للموسيقى… أحب رؤية الناس يركضون تحت المطر باحثين عن شجرة للاختباء، أحب الشاي، طعام الشارع، رائحة بيت جدي وجدتي، وإذاعة القرآن الكريم على الراديو، السفر ليلا، مشاهدة أحضان الوداع والاستقبال، عندما يبتسم لي طفل صغير في المواصلات” مشاهد من لوحة ملك محمد سعيد”.

“أعلم أن الصورة القادمة قد تكون غريبة قليلا، لكني أصر على التعبير عنها لترك بصمتي في هذا التكليف، هل تستطيعين تصديق أنني أرى الجمال في الفوضى؟ أجل الفوضى التي أحدثها أثناء انشغالي التام بالمذاكرة، كتب وأقلام وفناجين مشروبات متناثرة في أرجاء الطاولة الواسعة؛ حيث إنها تترك أثرا ولو مؤقتا لمجهودي الذي أعي أنه سيُجنى ثماره في وقت ما. أرى أيضا بديع الخلق في الأماكن الهادئة الصامتة التي تخلو من البشر فتجعلني أتأمل وأغوص في أفكاري بلا مقاطعة فأستمتع بالهدوء والصمت كاستمتاع الأب برؤية أبنائه ينامون نوما هنيئا بعد يوم شاق”. مشاهد من لوحة لبنى السيد الشبراوي.

“الجمال في اللغة العربية… وأحب أيضا الليل في الفيوم حيث القمر المنير كاللؤلؤ والنجوم اللامعة المتناثرة في السماء البريئة ونسمات الهواء الرقيقة وأنا بينهم أسبح في خيالي مستمعة بهذا الجو الدافئ” لقطة من لوحة فرح حامد.

لكن اللوحة التالية تفضل الصباح..

“أحب شعاع الشمس الذي ينير غرفتي كل يوم فيعطيني الأمل الذي سرقه مني الليل… أحب اللون الأصفر ربما لذلك أحب الشمس لكن ليست الشمس الحارقة، ربما شمس يناير الدافئة، أحب السلاحف والموسيقى الكلاسيكية، وأي شي بطيء لم يتأثر بسرعة الحياة”. صور من لوحة رفيدة محمود محمد.

“قد يبدو هذا غريبا بالنسبة للبعض، لكني أرى الجمال في المانجو، بالنسبة لي المانجو ليست ثمرة فاكهة إنها قادرة على تغيير يومي وطاقتي للأفضل… كما أعتبرها أيضا رمزا للتعبير عن حبي لشخص ما” لوحة بسمة خالد.

“… جمالها في أنك تجلس مع شخص يحبك وتحبه، هذا ما جعلني أحسد علي منصور أنه يرى الجمال في الصباح وصوت الناس ينزلون السلالم، وأحسد من يرى الجمال في طعام أو شراب أو حتى موسيقى، فهذه الأشياء لا تندثر، لكن ذكراك مع بعض الناس قد لا تتكرر”. الجمال عند عبد الله عمر سعيد.

“… يتسلل ضوء الشمس الدافئ بجواري وكأنه يريد أن يستمع ويستمتع بالشيخ “محمد رفعت” وهو يكسر صمت الصباح بصوته الفريد العذب وهو يرتل ما تيسر من القرآن، فيتقوى ويزداد بهجة ويزيد كتب العلم المفتوحة أمامي ضياء ونورا، فيغمرني شعور وقتها لا أستطيع أن أختزله في كلمات بسيطة”.  لحظة من لوحة علي محمد عمر.

وختاما..

“اسمحوا لي أن أخرج نغمات الجمال المتراقصة في قلبي لعلي أكون مثل شاعرنا الجميل:

أهلا بالصيف الحبيب/ أهلا بالبحر الكتوم/ في جوفه أصداف ومحار/ أهلا بالفواكه والأشجار… أحب التفاصيل/ قهوة في الصباح/ قرآن المذياع/ فطور ساخن بأيدي حانية/ كتاب بأفكار لامعة/ أصوات أطفال/ فستان أزرق/ دبوس شعر من اللؤلؤ/ ضمة أب حانية/ قبلة أم راضية/ مشاكسة وضحكات أخواتي الغاليات/ أنا أذوب في التفاصيل”. تفاصيل ملك ماهر محمد.

كانت هذه لوحات جميلة ومضيئة، وسطور لامعة، وتعبيرات مميزة، ومشاهد مشرقة، كتبها الشباب بأقلامهم الواعدة، وعندي منها المزيد، لكن أكتفي بهذا الجمال لأن المقال نص نثري في مساحة محدودة كما تعلمنا في محاضرات المقال.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: