الاحتفالات الشعبية فى شهر رمضان

الاحتفالات الشعبية فى شهر رمضان

دكتور علاء الدين حافظ

 

ارتبط المصريون بطقوس خاصة فى شهر رمضان ، بدءاً من الاحتفال بليلة رؤية هلال شهر رمضان، والتي تمثل تقليداً متوارثاً رسمياً وشعبياً منذ عهد العباسيين، مروراً بالعصر الفاطمي، ثم المملوكي، حيث كانت تضاء الأنوار على المآذن والمحال، ويخرج قاضي القضاة في موكب بهيج، محملاً بالفوانيس للإعلان عن رؤية الهلال، وهي عادة استمرت كحتى عهد محمد علي، وصولاً للقرن العشرين، بمشاركة طوائف الشعب، للإعلان عن بدء شهر رمضان المبارك.

ويُذكر أن أول من بدأ فكرة الاحتفال بقدوم شهر رمضان هو الخليفة عمر بن الخطاب، عندما قام بتزيين المساجد وإنارتها من اليوم الأول لرمضان، حتى يتمكن المسلمون من إقامة صلاة التراويح وإحياء شعائرها الدينية.

وأن أول من أضاء المساجد كان الصحابى الجليل تميم بن أوس الدارى، وقد أضاء المساجد بقناديل يوضع فيها الزيت وكان ذلك يوم الجمعة، وذكرت العديد من الدراسات أن الزينة تطورت فى العصر الحديث بعد دخول الكهرباء فى نهاية القرن التاسع عشر.

ويرجع الاحتفال فى مصر بشهر رمضان مع بداية الدولة الفاطمية، فقد كانوا يحتفلون به من خلال تزيين الشوارع وإنارة المساجد، ثم اتخذت الإنارة شكلا جديدا مع الفانوس الذى تم إختراعه لإستقبال المعز على أبواب القاهرة وهو قادم من تونس عام 262 هجريا.

ومع حلول شهر رمضان المبارك يكون هناك العديد من المهن والحرف التي تنمو بشكل كبير خلال الشهر المبارك مثل مهنة صناعة الفوانيس والكنافة والقطايف وبيع التموروالعصائر والمسحراتى وغيرها، ولكن تظل مهنة المسحراتي هي المهنة الاكثر انتشار في جميع الدول العربية وليس في مصر فقط .

المسحراتي :

المسحراتي أو المُسحر، لفظ مشتق من السحور، وهي مهنة يطلقها المسلمون على الشخص الذي يوقظ الصائمين في ليل شهر رمضان ، و يرتبط ارتباطا وثيقاً بتقاليدنا الشّعبية الرّمضانيّة ،فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحراتي جولته الليلية في الأحياء موقظاً أهاليها من خلال ضرب طبلته وصوته الجميل يصدح بأجمل الكلمات مما يضفي سحرا خاصّا على المكان ..

ويذكر التاريخ أن الصحابى بلال بن رباح، وهو أول مؤذّن في الإسلام ومعه ابن أم كلثوم، كانا يقومان بمهمّة إيقاظ الناس، الأول يؤذّن فيتناول الناس السحور، والثاني يؤذّن فيمتنع الناس عن تناول الطعام .

وأول من نادى بالتسحير في مصر كان عنبسة إبن إسحاق سنة 228 هجرية، وكان والياً على مصر أثناء حكم الخليفة العباسي المنتصر محمد بن الخليفة المتوكل ، وكان يذهب سائراً على قدميه من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص، وينادي الناس بالسحور0

في عهد الدولة الفاطمية أمر الحاكم بأمر الله، الناس أن يناموا مبكراً بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا المسلمين للسحور، حتى تم تعيين رجلا للقيام بتلك المهة، أطلقوا عليم اسم “المسحراتى”، كان يدق الأبواب بعصاً يحملها قائلاً: “يا أهل الله قوموا تسحروا 0

وتعرضت مهنة المسحراتي للاندثار في بلاد المحروسة إلي العصر المملوكي، وتحديدًا في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، والذي عمل علي إحيائها كتراث إسلامي، وأمر صغار علماء الدين بالدق على أبواب البيوت، لإيقاظ أهلها للسحور0

و في عهد الناصر محمد بن قلاوون، ظهرت في العراق طائفة أسسها أبو بكر محمد بن عبد الغني629هـ  الشهير بـ”إبن نقطة”، وهو مخترع فن “القوما”،وفنّ القوما هو نُظِم من الشّعر الشعبي والدعاء للسّحور في شهر رمضان، وأخذت تسميته من قول المسحُّر: “ قوما نسحّر قوما ” وتطورت مهنة المسحراتي على يدي”ابن نقطة” ، فتم استخدام الطبلة والتي كان يدق عليها دقات منتظمة بإستخدام العصا، وهذه الطبلة كانت تسمى “بازة”، صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتى دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة وأصبح لها شكل من أشكال فنون الأداء الشعبي

وفي العصر الحديث ويطوف المسحراتي فى منطقته منشداً بعبارات:

إصحي يا نايم وحد الدايم.. وقول نويت بكرة إن حييت.. الشهر صايم والفجر قايم.. اصحى يا نايم وحد الرزاق.. ورمضان كريم.

وكان يشجع الأطفال على السحور عن طريق النداء عليهم بأسمائهم مما كان يضفي جواً من البهجة في نفوس الأطفال والكبار أيضاً.

ولم يكن المسحراتي خلال الشهر الكريم يتقاضى أجراً، وكان ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل ومعه طبلته المعهودة، فيوالي الضرب على طبلته، فيهب له الناس المال والهدايا والحلويات ويبادلونه عبارات التهنئة بالعيد السعيد.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: