في بيت جدي 4

في بيت جدي 4

المستشار بهاء المري

 

تهلل وجهها، وتبسمَت ابتسامة رضا، وغلبتها دَمَعات، مَسحتها ببطء، ودعَت لي كثيرًا، ثم أعادت رأسها إلى الوراء، وراحت تنظر إلى لا شَيء في سقف الحجرة، وهي تقول: زمان كنت بَغير من شدة حب “أبوك” لنجاة وخيرية؛ “أي ابنتا عمتي” وأقول له:

– إذا كان ابنك يُحب أخواته كحُبكَ لهما”؟

فيبتسم ويقول:

– اخلِصي وهو يُحبهن أكثر من هذا. ثم عادت إلى نومها.

وكأن عبارتها “مانشيت”، أرادت أن تقوله في هذه المناسبة، ولم نكن قد ذكرنا شيئا مما مَضَى، أو كأنها استشعرَت في هذه اللحظة، ما كانت تحلُم به مما يجب أن تكون عليه علاقتي بأخواتي، أو إحساسها بالرضا عن هذه العلاقة، في هذه اللحظة بالذات تأكدتُ من رضاها عن علاقتي بهنَّ.

أما في أحاديث عمتي الصغرى لي عن عَلاقة أبي بأمي كما رأتها – وكانت هذه العمَّة تكبُر أبي بعشر سنوات – كانت تَصفُها وصفًا آخر، قالت: أنا التي خطبتُ أمكَ من الشيخ عبد السلام، حين حان الوقت لتزويجه فوَضَني في اختيار العُروس، فاخترتُها رغم وجود أخت لها، تكبرها، إذ كان يُعجبني هدوؤها وسَمتِها وجمالها، فقالت جدتك: خُدي أختها الأكبر منها، وإلا مَفيش خالص.

فلجأتُ إلى لشيخ عبد السلام، وقد أقنَعها، وتَمت الخطبة. كانت عَمتي قد تَعرَفَت عليها في تبادل الزيارات بين الأسرتين في الأعياد، إذ كان أحد أخوالي صديقًا لأبي. وصَفَت عمتي علاقة أبي بأمي قائلة إنه كان يُعاملها مُعامَلة طفلة، بل إنها كانت طفلة بالفعل، إذ كان عمرها (14 سنة)، وأخذت تُدلل على ذلك فقالت: يوم الزفاف “عَمَلنا لها قُطن عشان الفستان”!

كم تَعجَّبتُ لذكاء هؤلاء البُسطاء حين يُعبرون عما يريدون التعبير عنه، بعبارة تؤدي إليه دون أدنى خدش لحياء الأذن؟ إنها قمة إدراك تطويع اللغة – بالفطرة – لتؤدي البيان المطلوب.

كانت أمي طويلة القامة بوجه أقرب إلى الاستدارة، لها عينان لامعتان شديدتا السواد، وجسدٌ مُستوٍ، وشَعر طويل، يميل إلى الصُفرة أكثر من السواد، وروحها جميلة، يَشوبُ وجهها الأبيض حُمرَة كحال كل عائلتها التي تٌشتهَر في قريتنا بالجمال، حتى إنَّ مَن يُريد أن يتزوج، يَمزح معه أقرانه، فيقول: تزوج من “عائلة شبل” لتضمنَ سُلالةً بيضاءَ حمراء”.

تميل إلى سماع الطرفة، ولكنها لا تمارسها، فقد كانت الصَرامة قِناعًا، تُحافظ على استمرار ارتدائه رغم طيبة قلبها، لها هَيبة، ولكن مَن يَتعامَل معها يَشعر بعد لحظات أنها صديقته، تُساعد الفقراء الذين كانوا يَظنوننا أغنياءَ، فتقضي لهم طلباتهم بابتسامة طيبة وكلمات رقيقة، ولا يَخرجون من دارنا إلا وهُم راضون.

ولم يقتصر الأمر على جيراننا أو أقاربنا، بل امتدَّ إلى الغُرباء عن بلدتنا أيضًا، كنتُ أراها في طفولتي المبكرة تستقبل يوميًا بائعتين جوالتين شقيقتين ممن يأتين إلى بلدتنا من “طُنُوب”، وهي قرية تابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، تقع شرق فرع رشيد قُبالة قريتنا، إحداهما تبيع الفاكهة، والأخرى تبيع الحلوى – كحلوى المولد النبوي – وما زلتُ أذكر اسميهما “جمَلات، والسيدة” – تَبلغان بيتنا في السابعة صباحًا، وكأنهما جاءتا في قطار منضبط المواعيد، تضع كل واحدة ما على رأسها من “مَشَنَّة”، وتُعِد لهما أمي إفطارًا سريعًا جدًا بسيطًا في تكوينه، ربما كان خبزًا وبيضًا مسلوقًا وفولًا مدمسًا، وربما جُبن “قَريش” مع صِنف واحد من هذه الأصناف، ثم تَتَخَّفف كل واحدة من حِملها بترك جزء من البضاعة لدينا، وتذهب بالباقي للبيع، وإذا رزقها الله بنفاد ما سَرحَت به، ترجع فتأخذ الباقي، أو تتركه لليوم التالي.

كانت بائعة الفاكهة تُنادي عليها بصوتٍ غاية في الجمال وتَناسُق الطبقات، كأنها درسَت لًحن “البياتي” على درجة “الصُولو” كنتُ أصحو مبكرًا؛ لأسمَعها، وهي تنادي لبيع العنب، وهي تقول:

– يا أكل الذوات، يا جميل، يا عَنَب” تَفتح العين، وتَمُد النون مع ارتفاع في درجة الصوت عما بدأت به، كنتُ أشعر بأنني أسمع مَقطعًا من أغنية، وكانت لديها لكل فاكهة مَقطع غنائي، يختلف عن الآخر.

ولمَّا مَرضت أمي مرضًا عِضالا كانت مُحتسِبة صابرة، تدعو ربنا؛ ليُخفف عنها آلامها.

ومن أدلة عَمتي على معاملة أبي لأمي كطفلة، وليست كزوجة أنَّ أبي كان يعود من المدرسة، فيجدها تجلس أحيانًا أمام الدار مع ابنتي عمتي، لا سيما أنَّ كبراهما كانت في مثل سِنِّها، فيضحك مُوجهًا حديثه إليها قائلا:

– يا عبيطة. انتِ مُوش زيُّهم. انتِ متزوجة” ثم يَنصحها برفق.

كانت هذه العَمَّة على درجة عالية من الذكاء والفطنة ودقة الملاحظة والتذكر الشديد، لها ذاكرة تُحسَد عليها، مُغرمة بالراديو؛ فلا يفارقها ليل نهار، راديو ماركة “نصر”، تستمع فيه إلى جميع البرامج، ولست أدري لماذا كانت مجنونة بسماع البرامج والتحليلات السياسية التي تَعقُب نشرة أخبار الثامنة والنصف مساء، التي تَعقُب قرآن السهرة، تُنصِت، وهي تستمع إنصاتًا شديدا، وتحفظ ما تسمعه عن ظَهر قلب، وتُردده متى حانت مناسبة لذلك فتبدو للمستمع وكأنها قرأت في كتب السياسة.

وكنتُ – إلى أن رَحلَت عن الدنيا – أستحثها بأسئلتي؛ لتحكي وتحكي، وجلُّ ما كنتُ أطلبه منها أن تحكي لي عن أبي، وعن أمي في سِنيّ زواجهما الأولى، وعن تاريخ عائلات القرية.

فتحكي عن ظلم بعض الناس، وكيف كانوا أغنياء ثم حَلَّ بديارهم الخراب نتيجة ظلمهم، وعمَّن اغتصبوا جُرن القرية الواسع جدا الذي كان من أملاك الدولة، وأقاموا عليه ديارًا وأسوارًا، ولم يستطع الفقراء أن يتكلموا خشية سَطوتهم ثم تحكي عن أغنياءَ من أُسَر كانت في الأصل فقيرة جدا، لكنهم كانوا طيبين فبارك الله في ذريتهم، وأصبحوا أغنياء.

وعن عقوق الوالدين كم قصَّت حكايات، أذكرُ منها ما قالته عن شخص من عائلة كبيرة، حددَتهُ اسمًا، وقد أدركتُه قبل موته؛ إذ كان لنا أرضٌ زراعية على جسر نهر النيل فرع رشيد، تُجاور أرضه، وكان يعتاد الجلوس تحت شجرة توت، تقع على رأس هذه الأرض بجوار ساقية.

قالت إنَّ هذا الرجل، وهو في شبابه صفعَ أباه في الحقل صفعتين على خَده الأيمن، ثم الأيسر، وكان ذلك في هذا الحقل بجوار الساقية تحت شجرة التوت، ومرَّت السنون، وكبُر هذا الرجل العاق، وصار أبًا ووقَعَت بينه وبين أحد أبنائه مشادة كلامية في ذات المكان، فصفعَهُ ابنه على خده صفعة واحدة، فإذا بالرجل العاق يَصيح في ولده هذا، بهيستيريا:

– اضرَب الثانية.. اضَرَب الثانية”؛ لم يَفهم الابن العاق – وكان رجلا – ما يقوله والده، ولكن الفلاحين الذي حضروا على صياح الرجل فهموا المَغزَي؛ لأن منهم مَن عاصر الوقعتين، هذه وتلك، وراحوا يحكونها، فعلم بها كل مَن في القرية، وصاروا يُدللون بها على المقاصة في عقوق الوالدين.

كانت حَكَّاءة ماهرة، فإذا كانت حاضرة في إحدى سهرات ليالي الصيف، وكان أي شخص يحكي، كانت تستوقفه؛ لتُصّححَ له ما يكون قد أخطأ فيه، لا سيما سيرة أبو زيد الهلالي على وجه الخصوص، وكانت تُدلِّل على ما تحكيه لنا، ثم تستخلص منه وجهة نظرها أو الهدف من الحكاية، تَعرض مقدمات، تنتهي بالمُستمع لا مَحالة إلى الاقتناع بما خلُصَت إليه من نتائج.

سَمِعتُ منها لأول مرة، وأنا في المرحلة الإعدادية عن إيزنهاوَر، وخروشوف، وجُولدا مائير، وغاندي، ومؤتمر باندونج. وكانت تقول “أمِركا” وليس أمريكا كما نقول الآن.

حَكَت لي عن السد العالي، وعن موقف عبد الناصر من أمِركا، ولجوئه إلى السوفييت، وكل ما كان يناسب سِنِّيِ في الحكي من وجهة نظرها في هذا الوقت، بالرغم من أمِّيتها.

أما جَدي لوالدي، فلم تحكي لي عمتي عنه، إذ كانت جُلُّ حكاياتها عن أبي من فَرط حبها له، كل ما عرفته عنه أنه توفي ووالدي طفل صغير.

كما سمِعتُ كثيرا عن أبي من شيوخ الفلاحين الطيبين الذين عاصروه، وغالبًا بدون مناسبة سوى أنهم كانوا يتذكرونه كلما رَأوني.

اعتاد بعض هؤلاء المُسنين الجلوس أمام المسجد بعض الوقت بعد أداء صلاة العصر بالذات، يتسامرون، ويجترون الذكريات أو يُعلقون على الأحداث التي تجري، كل من منظوره.

في أحيان كثيرة كنتُ أجدُ من بينهم مَن يناديني لدى خروجي من المَسجد قائلا:

– تعالى اُقعد معانا “شوية”، ولكي يقطع عليَّ سبيل الاعتذار يُردف بعبارة:

– تعالى نحكي لك عن والدك الله يرحمه”. فأجلس معهم ما استطعت من الوقت، وأنا أشعرُ ببساطتهم وتلقائيتهم وصدقهم وطيبة قلوبهم.

ثم يبدأ بعبارة” “الله يرحمك يا شيخ خيرت” ويبدأ في حَكي مواقف، يقول عنها إنه لم ينسها حتى الآن.

قال بعضهم شاهدًا على جُرأته في الحق: إنه “كان يقول للأعور أنتَ أعور في عينه”. كما يذكرون مواقف له كان يغضب فيها ممن يُؤثرون الذكور على الإناث في توزيع أرضهم الزراعية أو مساكنهم، حين يلجأون إليه لحفظ مستنداتهم في هذا الشأن، كان يرفض، ويُحذرهم من تفضيل بعض أبنائهم على بعض، ثم يَخطب بعدها خُطبة الجمعة في هذا الموضوع.

وتفضيل بعض الأبناء على بعض عادة رذيلة في الريف، لا سيما إذا كان من بين أبناء الرجل مَن فَشَل في تعليمه، يخصُّه بفدان أو أكثر؛ لأنه لم يتعلم مثل إخوته.

كان لأمي تعليق طريف عند طَرح هذا الأمر بالذات في مناسبة ما، فتقول:

– سبحان الله. كأنَّ تفضيل مَن فشَل في تعليمه ببعض الأرض، مكافأة له على فَشلِه، فَهل مَنعه أحد من النجاح، فلمَّا خاب وجب تعويضه؟!

وقال أحد هؤلاء الطيبين: “إن الليلة التي مات فيها والدك كان عائدًا من الحقل بعد يوم عمل عادي جدًا، وأن زراعته كانت متميزة دائمًا، وقال آخرون:

– هل تُصدق أنه كان يُمسك بالمِحراث، وهو يلبس جلبابًا أبيض”؟

ولكن ابن عمَّة لي، كان له رأيًا آخر في سبب وفاة أبي، ولم يَحِد عنه حتى توفاه الله، كان هذا القريب شابًا قُبيل وفاة أبي، وكان مفتونًا بخاله، ولا يفارقه.

قال إنه في اليوم الذي تُوفِّي فيه أبي كان معه في الحقل بَيدَ أنه كان يجلس على رأس الحقل وقد أسند ظهره إلى جذع شجرة الصفصاف العتيقة، وكان خاله يمسك بالمحراث، وقد ذهب به بعيدا عن الأنظار، فإذا بأحد الجيران، وهو صاحب أرض مواجهة لحقلنا هذا – يفصل بينهما ترعة مياه – يُرسِل بصَره في أرضنا وهو يقول قاصدًا أبي دون أن يفطن لوجود ابن عمتي:

– كأنك ضَارب خط المحراث بالمسطرة يا أخي. انتَ مُدرس، ولَّا فلاح قِراري”.

ولما أدركَ أن ابن عمتي قد سمع ما قال ارتبك مبررا ذلك، بأنه مُعجبٌ بفِلاحة أبي لأرضه.

كنت أقول له:

– يا أخي إنَّ الكلام قد صادَفَ انتهاء الأجَل. فيقول:

– لا. إنه أطلقَ عليه عيارا!

أما الشاب الذي كان يَعمل مع أبي على أرضنا ورعاية الماشية منذ كان صبيًا، فقد كان اسمه خميس، وقد استبقاه جدي كما هو عندما ذهبنا للعَيش في كَنفِه؛ هذا الرجل الطيب هو الذي تَفرَّد بالحَكي عن أبي يوميًا متى سَنحَت الفرصة لجلوسي معه بمناسبة وبدون مناسبة، وكأنها يوميات أو حلقات مُسلسَلة من فرط حُبه له حبًا جمًا، يقول إنّه هو الذي ربَّاه، وإنه الذي كفلَهم هو وأخوه جمعة وأمه “الخالة مفيدة” وأبوه الذي كان يَعمل في تَذرية القمح بعد ضَرسِه كان يزروه في الأجران “بالمِدراة” ليفصِلَ حَبَّ القمح عن التِّبن – قبل اصطناع ماكينات التذرية اليدوية – وإنَّ أبي هو الذي ساعدَهم في الاستقرار في قريتنا وكان يمثل لهم الأمان والاطمئنان وهم في كَنفه.

نزَح من بلدة أخرى إلى بلدتنا لاشتهارها بزراعة مساحات واسعة من القمح، كان “مُدرَّواتي” متجولاً، ولم يكن لهم دارا بالقرية.

ومن الطرائف التي حكاها لي، وكان يحلو له أن يذكرها، وهو يضحك كلما رآني بعد عملي في النيابة العامة قائلا:

– سأحكيها لك ولو تحبسني، وهي أنَّ أبي عندما كان يُعطيني قرشًا أقولُ له: “أنا عاوز قرش اتنين”!، ولكني لم أذكر شيئا من هذا، ولا من غيره عن هذا الرجل، الذي وجدتُ قرية بأكملها تُحبه كل هذا الحب، وتحكي لي عنه كثيرا.

ولم يقتصر الأمر على الفلاحين الطيبين من أهل بلدتي، بل حَكَى ليَ عنه مدرسون وأطباء ومهندسون وغيرهم، ممن كانوا من تلاميذه.

ثم تمُر الأيام، ويجمعني العمل بالمستشار محمد عيد محجوب رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة النقض، وهو من بلدتي، وعملنا معًا في مركز منوف 1987 – 1991 كان هو رئيس المحكمة الجزئية، وأنا وكيل النيابة الذي يحضر معه جلسة الجنح من كل أسبوع، وكان من تلاميذ أبي في المرحلة الابتدائية. كان يذكره كثيرا كلما حانت مناسبة، قائلا “لا أحد يَعرف قدره مثلي” ثم حصَلت مصاهرة بيننا بزواج بنتي روان من ابن أخته – التي هي من قبل زوجة ابن أحد أخوالي من أبناء عمومة أمي – فكلما زارته ابنتي، أو زارهم حَكى لها عن “الشيخ خيرت المري” بما كان يُحب أن يَذكره به. وهكذا رأيتُ أبي بأذني، لا بعيني، من جِماع كل هذه الحكايات وغيرها.

كانت أم خميس “الخالة مفيدة” تُساعد أمي في أعمال المنزل، واستأنفَت ذلك بعد عودتنا من بَيت جدي إلى بيتنا إلى أن توفاها الله، وقد رفضَت جدتي طلب أمي بأن تأتي بها معنا عندما ذهبنا إلى بيت جدي، قالت إنها لا تحبها؛ لأنها امرأة رَغَّاية، كانت أمي تُحبها حبًا كبيرا، وتُقدرها، وكأنها تُمثل لها ذكريات الزمن الجميل. كنتُ أراهما صديقتين، ومما أذكره أنْ جعلتنا جميعًا أنا وأخواتي لا نناديها إلا “خالة مفيدة”.

كانت خالتي مفيدة حكَّاءة من الدرجة الأولى، تأسِرُ أذن المستمع، ولو كانت الحكاية في أصلها ليست جذابة، إنما ما كان يجذب، هو مَقدرتها البارعة، ونغمة أدائها ووقفاتها التشويقية أثناء الحَكي.

كنا نتحلق حولها في السهرة، أنا وأخواتي، وتحكي لنا عن “أمِّنا الغُولة”، فنرتعد من حكايتها، ثم تضحك في النهاية وتقول لا تخافوا إنها حكايات للتسلية، ولا يوجد شيء اسمه أمّنا الغُولة.

ومما لا أنساه حتى الآن من حكاياتها، حكاية عن “الأصل”؛ قالت فيها:

– كان هناك رجُلٌ كريمٌ للغاية، سَخيٌّ سخاءً كبيرا، مَرَّ به ذات يوم بائع متجول، فأكرمه أيُّما كرم، وجعل له في بيته غرفة، يبيتُ فيها إذا جَنَّ عليه الليل، وإذا غادر يترك فيها بضاعته، كان هذا الرجل من بلدة بعيدة جدا، وذات يوم ولمناسبة ما، ضلَّ هذا الكريم الطريق، ودخل بلدًا لا يعرف فيها أحدًا، فتقابل بالصدفة مع هذا الذي كان بائعًا متجولا، ففرح فرحًا شديدا، إلا أنَّ البائع تجاهله مُتصنعًا جهله به، فأخذ الكريم يُذكِّرُه بنفسه، فقال هذا البخيل إنه قد تَذكَّره، ولكنه لم يستضفه، فَعزَّ على الكريم، وأبت نفسه إلا أن يَعتِبَ عليه قائلا:

– ألا تُكرمني كما أكرمتك ذات يوم”؟

فكانت إجابته:ِ

– تعمِل إيه في قليل الأصل”!!

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: