سؤال وجواب ضمن الحوار مع الكاتب المصري المقيم بالنمسا بهجت العبيدي صاحب قلم الوعي

حوارات

 

من حوار : حاتم عبد الحكيم

 

* في كتاباتك أدرجت سؤالا لإزالة الشك الذي يواجه به العربي ” بماذا تسهمون في الحضارة الإنسانية؟ ” .. «متى نسأل العالم» ، متى ينتهي استغلال خيراتنا وعقول علمائنا وزرع الفتن في مناطقنا ؟

===========

هذا السؤال الذي خصصتُ للإجابة عليه إحدى مقالاتي، دائما ما يتم طرحه من المشككين في قدرات الإنسان العربي، والمنتقصين من العقل العربي، وفي هذا المقال المشار إليه ذكرنا أن من يطرح هذا السؤال بهدف تعميق حالة الانهزام التي يمر بها الإنسان العربي، له أهداف خبيثة، على رأسها استسلام العربي لحالة العجز والانهزام الحضاري التي يمر بها، واستعرضنا طرفا من الحقب التاريخية المضيئة للحضارة العربية مرة، وحضارات المنطقة القديمة وفي مقدمتها الحضارة المصرية القديمة والحضارة السومرية والبابلية والأشورية مرة أخرى، لندلل على أن فجر العقل قد بزغ من هذه المنطقة، ونحن نفرق بين نوعين يطلق كلاهما هذا السؤال، تحدثنا عن النوع الأول، أما النوع الثاني الذي يدرك قيمة هذا العقل المصري والعربي والشرق أوسطي عموما، ويطرح السؤال من أجل استنهاض هذه الشعوب العريقة، فإننا نثمن تلك الصيحة التي تهدف إلى أن يأخذ إنسانُنا بوسائل العلم الحديث، بعدما يتحصل على العقل الحديث الذي تم بناؤه على مدار ما يقترب من ستة قرون منذ أن كتب كوبرنيكوس كتابه “حول دوران الأجرام السماوية” والذي تضمن نظريته حول مركزية الشمس وكون الأرض جرماً يدور في فلكها. وكان بذلك أول من أكد أن الأرض، ومن ثم فيما بعد الإنسان هو مركز الكون، ثم تبعه بعد ذلك الفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت والذي استخدم الشك المنهجي الذي أعلى من قيمة العقل الذي سيصبح فيما بعد عند فيلسوف التنوير الألماني كانط هو مركز كل شيء.

حينما نتحصل على هذا الإنسان الذي يملك العقل الحديث، فإنه يكون قد تغيرت المنظومة الفكرية التي تسيطر على مجتمعنا اليوم وهي منظومة فكرية قديمة تختلط بها الأسطورة بالسحر والشعوذة وتعتمد اعتمادا كبيرا على القوى الغيبية تلك التي أبطلها، لعدم فعاليتها، العقل الحديث، فلا وجود لفعل لقوى غيبية في عالم اليوم، فكل ظاهرة طبيعية نتيجة لظاهرة طبيعية تسبقها، وسبب لظاهرة طبيعية تلحقها.

وذلك هو السبيل للإجابة على الشطر الثاني في السؤال فالعالم “الأقوى” لن ينتهي من الاستيلاء على خيرات العالم المتخلف طالما ظل الأخير متخلفا، فالتخلف ضعف، والضعيف لا يستطيع أن يحافظ على مقدراته ولا ثرواته، أما بالنسبة لزرع الفتن بين دول المنطقة وأبنائها، فإن كان غيرنا هو الفاعل، فبنية مجتمعاتنا هي الحاضنة والمشجعة على إزكاء هذه الفتن وإشعالها، وبطبيعة الحال من يقوم بزرع الفتن إنما يبحث عن مصالحه، التي هي مهددة بقوة حال تم التصالح والتعايش بين دول وشعوب المنطقة، أما بالنسبة لعقول أبناء المنطقة، فإنني أزعم أنه حتى اللحظة التي لم يتم بناء قاعدة علمية معتبرة في مجتمعاتنا فإن تلك العقول لن تستطيع أن تبدع بمساهماتها العلمية لتفيد  البشرية إلا في تلك الدول التي تحترم العلم ولديها قاعدة علمية حديثة متطورة.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: