هاني موسى يكتب : مقصوفة الرّقبة
مقولة نرددها جميعا عند ذم فتاة أو امرأة ، ولا يعرف الكثير منا ما هو أصل هذه المقولة تاريخيا ؛ وتعود أصل الحكاية إلى عصر الاحتلال الفرنسي لمصر بقيادة ” نابليون بونابرت “عام ١٧٩٨ فعند الأزمات تظهر معادن الناس وتسقط الأقنعة المزيفة ،فبعد أن وطدّ نابليون حكمه فى مصر بدأ يمارس غرائزه و ملذاته وكان أهمها انتقاء الجواري اللاتى تشبعن نهمّه وترضين غروره و ذوقه الفرنسى وقد عين لذلك مسؤول فى منزله الفخم وهو” الطواشي ” وذات يوم فوجئ الطواشي بمجيئ الشيخ ” البكرى ” وهو من مشايخ المجمع العلمى يعرض عليه جارية ليضمها لقائمة الجوارى اللاتى سيعرضن فى طابور العرض على الجنرال نابليون ، والمفاجأة أن هذه الفتاة ( زينب ) كانت ابنة الشيخ البكرى نفسه ! لم يتعد عمرها آنذاك أربعة عشر عاما وكانت طويلة وجميلة أعجب بها نابليون دون البقية ولكنه دُهش بشدة عندما عرف أنها ابنة الشيخ البكرى ونظر لمن حوله قائلا “وكأننا فى مأساة إغريقية هذا الشيخ يضحى بابنته من أجل المنصب” ! وبالفعل كانت زينب ملاذا لفراش الجنرال المستعمر وكان المقابل أن عُين أبوها الشيخ البكرى نقيباً للأشراف بدلا من الشيخ ” عمر مكرم ” وهو منصب أدرّ عليه الكثير من الأموال والبيوت والأراضي ولم تكن الفتاة سعيدة بتلك الحياة ولا هذا المكان ولكنها غُلبت على أمرها وظلت هكذا حتى حاصر الإنجليز نابليون واضطر للهروب ليلا خارج البلاد وبعدها هرب كل من فى المنزل ومنهم زينب التى عادت لبيت أبيها التى باتت تكرهه ، حتى جاء العثمانيون واحتلوا مصر وكانت أول قرارات الوالى العثمانى البحث عمن تعاون مع الفرنسيين وقتلهم ولم يكن هناك أشهر من زينب البكرى وبالفعل اقتحموا منزل الشيخ البكرى و عند أول سؤال له عنها قال لهم إنى بريء منها ومما فعلته ! فلم يغير الزمن من خسته ونذالته ودياثته واخذ ينادى بصوت عال خذوها واقصفوا رقبتها وفى ميدان القلعة كان القصف لهذه الرقبة الطويلة الجميلة فكانت المسكينة قربان من والدها للمحتل فى كل مرة سواء للمتعة أو للموت فكانت زينب أول “مقصوفة رقبة”.