نرجس عمران تكتب: الثَّقافة الجنسيّة في المجتمعات العربية

الثَّقافة الجنسيّة في المجتمعات العربية

نرجس عمران سوريَّة

 

إلى أي ّحدّ متابعة الأفلام  الجنسيّة هو فعلٌ سليم ؟  هل المجاهرة فيه جُرأة أم وقاحة ؟ هل الغرب هو المقياس السَّليم خاصة في سياسة العلاقات الجنسيّة  السَّائدة فيه ؟

توصف المجتمعات الشّرقية عموما بالمتَّخلفة ، ورغم أن هذا الوصّف يُطلقه عليها  حتى البعض من أبنائها، إلا أنَّنا لن نُنكر أنَّها كباقي المُجتمعات فيها الشَّرائح المُتحضِرَّة  وفيها  شرائح قيّد التَّحضر وفيها المتُخلفة  .

شَأنها في ذلك شَأن باقي مجتمعات العالم

وبِما أنَّ لكل ِّمجتمع خصوصيته المُستمدة من تاريخه  والجغرافيّة والأحداث والتَّطورات عبر الحِقب الزَّمنيّة  فما يصحُّ في مجتمعات الغَرب قد لايصح في المجتمع الشَّرقي والعكس صحيح  لأسباب كثر منها الخصوصيّة التي أسلفنا ذكرها  وأيضا عوامل أخرى كالأعراف والعادات والتقاليد وغيرها ،فلقد اصطفى الله تعالى  مجتمعاتنا الشَّرقية لإرسال كتبه السَّماوية وإرساء دياناته بهدف ٍأساسيٍّ وبيّن  وهو تنظم حياتنا ولجعل تعاملاتنا مبنية  على أسس صحيّحة  صحيّة سليّمة وفقا لمنهج أخلاقي قويّم أما لماذا اصطفانا نحن العرب بهذه الخصوصية؟ فهو بحث أخر لسَّنا بوارده

وإنَّما لنَّا المُحصلة التي هي أنَّنا اصْطُفِينا وانتهى  وحَقَّت ْ علينا تَعاليم ٌ دون سوانا من أمم العالم وعلى عاتقنا تقع ُمسؤليَّة تطبيقها ونتحمل نحن مغبَّة التَّقصير ،  فهل يعقل أن نتجاوز تعاليم الله  بحجّة أن الغَرب يفعلون أو لا يفعلون ؟!

وهل يعقلُ أن نعترفْ أن منهجهم  هو الصحيّح  ؟!

ويجب أن يُحتذى

رغم أنَّه منافٍ لأخلاقنا وتعاليمنا وخاصة الدينيّة  لمجرد أنَّهم سابقين لنَّا في التَّطور  أوالعُمران أوالتكنولوجيا والتي أصلا قاموا بسرقة أسسها من أجدادنا وبنوا عليها وحاربونا وقسَّمونا  فَسبقونا ؟

طبعا لا يجوز أبدا تَْبني أفكارهم  كافةً كمنهج  سليم لنا  خاصة تلك التي تتعلق بمواضيع حساسّة ومنافيَّة  لقيّم ومبادىء وأخلاقيات تربنا عليها

هم أحرار فيما يقبلونه لمجتمعاتهم ولكننا لسنا احرارا في تبنيها عن بكرَّة أبيّها

فنحن لدينا دينٌ قويّم وإسلام صحيح وكتبٌ سماويَّة جاءت خصيصا لنا لترشدنا

(فهل يسّتوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟! )

أنَّا هنَّا أتحدث عموما وسأخصصُ الحديث للتعبير عن وجهة نظر خاصة في  موضوعٍ غايَّة في الأهميّة ألا وهو( الجنس

والعلاقات الجنسيّةفي المجتمعات وأهميتها في التَّعليم  أوالأفلام  وغيرها …)

وهل الإقتداء بهم في هذا الموضوع أمرٌّ سليمٌ وصحيّ لمجتمعاتنا الشَّرقية ؟ و هل المُجاهرة بذلك وقاحة أم جُرأة  ؟

فيما لفتني أن البعض في المُجتمعات الشَّرقية يُجاهر  بأنَّه  يُتابع  الأفلام الإباحيّة  ويرى أن متابعتها أفضل له من السَّرقة أو الكَذب أو …؟ متباهيا برأيّه الذي صَنفه تحت بند الجُرأة ومُعللا  بأنَّ الغَّرب يدَّرسون الجِّنس  في مناهجهم ونحن مازلنا نضع القيود على هكذا مواضيع حتى في أحاديثنا  وهذا مردّه  لأنَّنا مجتمع شرقيٌّ متخلف ونختبىء خلف إصبعتنا .

أخي في الإنسانيّة صاحب هذه الأفكار   أيَّا كنت

أحبُّ أن أقول لك عَلنَّا  خاصة وأنَّك جاهرتَ برأيّك عَلنَّا

أولا . وثانيا أرى في إعلانية هذا الحديث  بعض الفائدة أو النُّصح  لمن تُسول لهم نفسهم التًّمادي في المُحرمات

إنَّ متابعة الأفلام الجّنسيّة والإباحيّة هي فعلا حريّة شخصيّة و لن يستطيع أن يمنعك أيُّ أحدٍّ من ممارسة حريّتك تلك  خاصة إذا كنت بالغا راشدا

ولكن ؟!

هذه الأفلام هل هي مفيّدة دوما  لك ولغيرك على حدٍّ سواء ؟!

هل إن لم تؤثرْ عليك سلبا لن تؤثرَ على غيّرك ؟

أنت يا صديقي تعلم أن الفشل كالنجاح كالإدمان كلُّها تبدأ بخطوة أولى ، مجرد سِّيجارة   تتبعها سيجّارة وتكون المحصلة إدمان السَّخائر ،

قد تجدأنت أنَّها مجرد مشاهدة أو متابعة  لفلم بينك وبين الممثلين وأنك  لاتؤذي أحدا أبدا

لكنَّها قد تؤذيك لأنَّ فلماً يتبع فلما قد تجد نفسك فجأة أصبحت  مدّمنا لها ؟  عدّا عن أنَّك قد تتبنى ماهو مرفوض رفضا قاطعا دينيا وأخلاقيا أو قد تنساق إليها بالتَّدريج رغما عنَّك ..والنَّفس أمَّارة بالسُّوء

والشَّيطان شَاطر

وهل أنت متأكد أنَّها إن لم تؤثر على سلوكك أنت  ؟ولم تحرض رغباتك أنت ؟  وأنَّك متمكن من نفسك جيدا ومُحصن وتمتلك المناعة الكافيّة ضد هذا الجُنوح ؟ ولن تأخذ بتفكيرك إلى جانب واحد؟ وتحصره في زاويّة الجّنس ؟

فإنَّها سوف لن تتمكن من تفكير ورغبات واهتمامات وسلوك غيرك ؟

فهل الجميع على ذاتِ السَّوية من القدرة على التحكم بالذَّات وضبط الأهواء والرَّغبات والشَّهوات ؟

وماذا عن المُراهقين من أبنائنا وبناتنا أو حتى الأشخاص غير المُشبعين عاطفيا أو المُهَيَئين أساسا للانحراف؟

أليس من الممكن  أن تُغّير هذه الأفلام  مسرى حياتهم وسلوكياتهم إلى إنعزال أو  إنحراف أو  حتى إلى الشُّذوذ وأحيانا إلى أفعال كاغتصاب وغيرها مماهو منافٍ لتربيتنا ولأخلاقنا

فعلا، وينعكس حتما  بما لاتحمد عُقباه على الشَّخص والمجتمع

صديقي صحيح أن هذه الأفلام  أو السيّاسات التَّعليمة للجنس في المَّناهج لها غايّة  إيجابيّة  تعليّمية حتماً فهي جانب لايقل أهمية عن أيِّ جانب في الحياة وجهاز التَّكاثر في جسم الإنسان  مهمٌ جدا ومن الضّروري دراسته وفهمه لمَّا فيه من معلومات ومعارف يجب إدراكها من حيث ألية العمل والنَّظافة و الأخطار وغيرها

وغيرها ..شأنَّه شأن باقي أجهزة الجسم  كالجهاز الهضمي والتَّنفسي والإطراح

وفد تكون أهمية هذه الأفلام تكمن في فائدتها الطبية مثلا فقد تكون علاجيّة  عند مرضى البٌّرود أو الخجل المفرط أو…..

ولكنَّ  المجتمعات الغربيّة  لم ينزل عليهم كتاب قرآن كريم  كي  يهذب حياتهم عموما وعلاقاتهم ورغباتهم ومنها الجنسيّة لذلك فهم لن يجدوا في جعل علاقاتهم بلا أيّ ضوابط  أمراً  خطأ

أما أنت فبأيّ حُجةٍ ترى أن هذا الأمر سليّم ؟ !

وأنت تعلم  أولا :

لا رابط  مقدّس بين هؤلاء الممثلين فعَلاقتهم حرّام بحرام

وغايتهم نشر الرَّذيلة والفُسق  وأن مايفعلونه يتجاوز الحدود  الطبيعية المعروفة للبشر علميا وذلك لأنَّهم  يلتهمونه المنشطات والمخدرات كي يقدموا لك هذا المادة الدَّسمة لشحذّ  عقلك وتفكيرك بالرَّزيلة وأيضا مجاهرتهم بهذا الحَرام  أيضا حرام و تقع عليهم مغبتهُ

والأكثر أيضا حُرمانية في الموضوع هو أن تجاهر أنت في مجتمع مُتدين ولا أقول مٌتعصب بأنَّك تتابع المَعاصي وترى إجهارك هذا جُرأةً منك ؟

ونسيّت قوله تعالى

(وإذا ابتليتم بالمَعاصي فاستتروا)

فأنت يا صديقي تتباهى بمشاهدة المعاصي في مجتمع متحفظ  يعتبر العلاقات الجنسيّة منظومة في رابط أسرِّي مقدّس ألا وهو الزُّواج ورغم  أنَّه أصبح للزَّواج أنواع ومسميَّات كثر المهم أن تنجز من خلال أيَّا منها علاقتك تلك  بطريقة أقرب للحلال ولسنا بصدد ذكر ما استحدث في المجتمعات الشّرقية من مسمياته  للزَّواج والبحث في شَرعنتها أم لا

والدَّليل الأكثر على أن متابعتك لهذه الأفلام فيها  معاصي هي أنَّك قارنتها بأفعال مشيّنة أو خاطئة كالسَّرقة

بناء على قولك ..(  أتابع الأفلام الإباحيّة  فهل أن أسرق أو  أكذب أو….  أفضل ؟!  )

لماذا لم تقل؟

(أتابع الأفلام الإباحية  أليس أفضل لي  من أن أقرأ  أو أعمل أو .. )

فأنت لم تقارنها بأمرٍ جيّدٍ

رغم أن للفعلين متابعة الأفلام  والقِّراءة مثلا  تأثيرٌ إيجابيٌ  على الرُّوح

إلا إنّكَ اعتبرتَ متابعة الأفلام أفضل من السَّرقة وكأنَّك تعترف بطريقة غير مباشرة  أنَّها فعل سيء  ٌتلجأ إليه لأنّك من المُسلم به أن تكون في خانة السُّوء فاخترت الأخف سوءاً منهما

وكأنَّك هنا تأطر نفسك في قالب الشَّخص الهوائي فاقد الإرادة  غير القادر على ضبط أهوائه  أو الَّتحكم بتصرفاته كشُهوانيّ أو ميَّال بطبعه للسّوء

صديقي أنت لست مضطرا الى كلِّ هذا وذلك

تابع ما شئتْ  لن يتمكن أحد من منعك

لكن المُجاهرة تصبح وقَّاحة عندما تأخذ معنى التَّطاول على الدِّيانات والأعراف السَّائدة و عدم احترام الأخر في رأيّه وسلوكه أو فيما يتقبّل أو لا يتقبل

بوسعك مُشاهدة ماتريد لأسبابك الخّاصة أيّا كانت  ضروريّة أو ثانويّة

علاجيّة مرضيّة أو حتى  بحثا عن المُتعة فقط

لكن هل  ما يصحُّ لشّخص  يصح لغيره ؟!

وما هو متاح في مجتمع ما لأسباب كثيرة  تعليمية أو علاجية أو  …

يصح لمجتمعات أخرى؟!

وخاصة مجتمعاتنا  غير المُهياة لتحمل التِّبعيات من أمراض وعدوى وإنجابات  غير شرعيّة تحت مسمى علاقات عابرة أو نزوات أو حتى اغتصاب …

الغرب مثلا الذين تتعلل بأنَّهم القدورة

يجب أن تُؤمن أنت أنَّنا نحن الأحق  بأنّ نكون  القُدوة لهم  على الأقل في هذا الجانب وإذا لم تشأ تبني هذا الفكرة

فيجب ألاتقبل على الأقل  التَّباهي  بالاقتداء بهم دوما  لأن  هناك الكثير من العادات والأساليب الحياتية  المتبعة في حياتهم وعلاقاتهم  مرفوضة في مجتمعاتنا جمّلة وتفصيلا

فالغرب  يعيشون المُساكنة ؟

هل يصح أن  نقرّ بأن المُساكنة سلوك صحيّ للأفراد وللمجتمع عموما  خاصة عندما يكون هذا  المجتمع مبني على أسس  ثقافيةو دينية معينة رافضة لهذه العلاقات  بين البّشر كمجتمعنا الشَّرقي

وأيضا الغرب مثلأ  بدؤوا يقرُّون المثليّة الجنسيّة ويعترفون بها

فهل يصحُّ لأنَّهم أقروها في بلادهم أن نتقبلها في مجتمعنا ونقول هي صحيحة ؟!

فليتزوج الرجل رجلا والمرأة امرأة هي حريَّة شَّخصية

أبدا هي حريتهم في بلادهم أمَّا في بلادنا هي حالة مرضيّة يجب أن تعالج إما نفسيا أو جسدا وأيُّ مرض ليس بالعيب أبدا وايضا لسنا هنا لبحث هذا الموضوع الذي يطول الحديث-فيه

كذلك هو الأمر  بالنَّسبة للعلاقات الجنسيّة هي متاحة بأريحيّة في بلاد الغرب  ولكنَّها مُحرمة في بلادنا وبأي ّ شكل خارج إطار الزَّواج ،ولذلك من يتعاطها يلجأ الى السّريّة   ومن هنا نرى أن السّريّة ليست من قبيل  أن نفعل الشّيء ونختبأ خلف إصبعتنا قلة ُجرأة منا أبدا ، بل السّرية يجب أن تكون من باب احترام المجتمع وأعرافه واعتراف ذاتي بسلوك مخالف  وخاطىء

ومن هنا يا أخي  العربيّ يا من  خُلقت في مجتمع عربيّ وتربيت على عادات وتقاليد وأعراف ونهجت َمنهجا دينيا قويماً لتكون قدوة ًيقتدى بها ،لا تكون مُقتديا بمن لا قدوة لهم وهذا  لا يعني أبدا التَّخلف

التَّخلف الذي نشَّهده قد يكون في الذُّكوريّة المُفرطة  أحيانا في بعض المُجتمعات  الشَّرقية وتهميش حقوق المرأة مثلا

،التخلف قد يكون في تأخرنا عن  الثَّورة الصَّناعية  في الغرب مثلا

أو في الاختراعات أوالإكتشافات أوالبحوث-أوالعمران  وغيرها

أما التطور والإنفتاح قد يكون في  ألف مفصل من مفاصل الحياة ولكنْ بالتَّأكد لا شأن له

بالعُهر .

فأنت لست منفتحا أبدا لأنَّك تتابع الأفلام الإبّاحيّة

ولن تكون متحضرا أو جريئا أومثقا لأنَّك تجاهر بذلك

وأعتقد أن

(ما أسكَّر كثيره فقليله حرَّام ) تجوز لنا  هنا  فربّما كثرتُ متابعة هذه الأفلام تؤدي إلى إدمان المتابعة وهو ما قد لاتحمد عقباه  وهو سُكّر بمعى أخر

وهناأعتقد الحرامانيَّة واجبّة

ولكن الانفتاح الذي أراه صحيحا وعقلانيا هو

تطويع النَّفس و تهذيبها مع إعطائها دون حرامنها

فقد تكون بحاجة لأسباب كثيرة ويصعب عليك  في حالات شرّحها أو التعاطي بها

ولأن الضرورات تبيح المحظورات  تتمثل الأهمية العلاجيةأو الطبيّة   لمشاهدتك هذه الأفلام

وهنا يمكن إرضاء النَّفس عند الحاجة دون إفسادها  بالضَّروري دون التَّمادي أو الإفراط  ولا الإعلان

صونا للنفس وإلتزاما بالأعراف واحتراما للمجتمع

واعترافا بعقلانيتنا.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: