محمود حسن يكتب : عَطَشُ الظِّل ظِلُّ العطش

عَطَشُ الظِّل ظِلُّ العطش
 

أشارتْ ولمْ تَلْبَثْ وكنتُ أُفَكِّرُ
أَتُوحِي إلى بدءِ العذابِ فيُؤْمَرُ ؟
هناكَ على التَّوبادِ ليلاكَ صَخْرَةٌ
ومَثَّالُها أعْمى وقيْسٌ وعنتَرُ
كأَنَّا على جُرْفِ الزَّمانِ دِيارُنا
وإِنَّا على خَرْقِ السفينةِ نَعْبُرُ
يَمُرُّ الفتي الضوئِيُ منكَ فَيُكْسَرُ
ويمشي كظلٍّ يَحْتَويكَ فَيَكْبرُ
كأنَّ – الرُّؤى فرشاةُ فرعونَ هَيَّأتْ
له البحرَ أرضاً – والمَصَارِعَ معبرُ
هو الشِّعْرُ لا يحيا بأر ضٍ عقيمةٍ
ومِحْبَرَةٍ رِيشاتُها تَتَحَجَّرُ
فلا سترَ الجِنِيُّ عورةَ آدمٍ
ولا انتبهتْ حوَّاءُ أنَّكَ مُبْصِرُ
و يبْدو لَكَ التَّمثالُ صفحةَ شاعرٍ
تشكِّلُهُ أنثى وطِينُكَ مَرْمَرُ
وهالةُ عينيك اللتين إليهما
سَعَتْ لغةٌ عجماءُ – حينَ تُفَسَّرُ ..
هيَ البحرُ في أحشائهِ الدُّرُّ كامنٌ
وفِي مجمعِ البَحْرينِ رُوحُكُ تَسْهَرُ
فَكُنْكَ وقدْ خُلِّقْتَ من لغةٍ إذا
حناجِرُهم جَفَّتْ فصَوْتُكُ أخْضَرُ
لِيَهْمي كما يهمي السَّحابُ بَشَائرا
على عطشِ المعنى وفَيْئُكَ مُسْكِرُ
فَسُكْرٌ بلا حَدٍّ ولَذَّةُ شاربٍ
إذا شَطَّ سَاقِيهِ فقَدْ يَتَحَرَّرُ
يقومُ بلا وعيٍ ويَسْقُطُ صاحِياً
وتَنْكَسِرُ الدُّنْيا ولا يَتَكَسَّرُ
ترى بعدَها الدنيا تَشِفُّ ثيابُها
وَيَشْتَبِهُ المعنى عليك فتُزْهِرُ
غيابا شَهِيَّاً لا حُضُورَ يُعِيقُهُ
صَحَوْنا إلى أنْ مَلَّ سِرٌّ ومَخَبَرُ
فهلْ عَالمٌ لا وَعْيَ فيهِ مُخَلِّصٌ
يُخدِّرُنا نحيا هناكَ ونُقْبَرُ
لماذا هنا ؟ .. لمْ نُسْتَخَرْ ونفوسُنا
إلى المُتَنَبِّي في المجاهلِ تُبْحِرُ
علي قلقٍ لا ريحَ تحملُ غُصَّتيِ
ولا هُدهدٌ يُنْبي بكَسري فَيُجْبرُ
أقومُ بِلَيْلي يَمضغُ الفجْرُ خَيْطَهُ
فهل تُجْزِىءُ الأشعارُ والحرفُ خِنْجَرُ
فلا كُتِبَ البيتُ المُرَصَّعُ تاجُهِ
ولا حزِنَ البيتُ الجريحُ فَيُؤْجَرُ
يَمُرُّ الفتي الضوئِيُ منكَ فَتُكْسَرُ
ويمشي كظلٍّ يَحْتَويكَ فَتَكْبرُ

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: