محمد عيسى يكتب: دانة حبر
دانة حبر
محمد عيسى
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
هذا النداء الرحماني الجليل للناس كافة، لا لفئة بعينها، ويُرسِّخ فيها المولى تبارك وتعالى أن مرجع الناس جميعهم لذكر واحد وأنثى واحدة.
والغاية من خلقهم متباينون شعوبًا وقبائلَ شتى هو التعارف وتبادل الودّ والإحسان،ثُمّ يُذَيّل المولى عزّ وجل فيقول:- (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
ونحمده تعالى خالص الحمد أن لم يكن لآدم أخ، إذًا لاستطال على أخيه برفعة النسب ووجاهة الحسب، وبالرغم من بداهة أبوة آدم للبشر جميعا، ولا مجال للمماراة والجدال في ذلك، وبالرغم من هذا، وكل هذا يؤكد صلى الله عليه وسلم في عدة مناسبات، ويكرر ويعلنها في أول ميثاق كامل لحقوق الإنسان، وآخر إعلان دستوري في حجة الوداع فيقول صلى الله عليه وسلم:- (أيها الناس:إن ربكم واحد،وإن أباكم واحد،ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت؟ فقالوا:- بلى يا رسول الله،قال: فليبلغ الشاهد الغائب).
وقد ظل صلى الله عليه وسلم يحارب هذه الآفة الحمقاء، وهذا العطب الفكري في عقول بعض الناس أو كثير من الناس، ويضبط ما انفرط من عقد الأخوة والمساواة، ويعيد الأمور لنصابها الذي اختلّ بسبب الجهل والهوى والتعصب الأعمى.
مستخدمًا صلوات الله وسلامه عليه الإرشاد تارة فيقول:- (كلكم لآدم وآدم من تراب) والإنكار والتوبيخ تارة أخرى حينما نشب خلاف بين الحيين الكريمين فيقول( أَبِدَعْوَى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم؟!)
ويُظهر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هذه الدعوى بصورة جيفة أزكمت زهمها الأنوف فيقول:- (دعوها،فإنها منتنة).
ويُطلق صلى الله عليه وسلم قذيفة حقٍّ تُصيب رأسَ كُلَّ مُكابر فيقول:- (إن الله تبارك وتعالى جاء بالإسلام فرفع به الخسيسة وأتم به الناقصة وأذهب به اللوم، فلا لوم على مسلم،إنما اللوم لوم الجاهلية)
وإن الانتساب إلى البيت العلوىّ الشريف، والسلالة النبوية العطرة؛ لشرفٌ لا يُدانيه شرف،ولكن أنّى لنا هذا؟؟
لنا ذلك بالمسار الصحيح، والسلوك القويم، والنهج الأمثل ف (سلمان منّا آل البيت) ليس ببعيد.
أبي الإسلام وليس لي أب سواه*
*إذا افتخروا بقيس أو تميم
وإنّ في الحياةِ أُناسًا جَارَ عليهم الزمن وناء عليهم بكلكله، وتاهوا في دروب الحياة، وتُقُوِّلَ عليهم، ولكنّهم بلغوا شأوا رفيعا عاليا تطاولَ على إدّعاءات غيرهم، وتقاصرت هممهم دونه.
وإنّا لنتهكم مع أمير الشعراء على هولاء إذ يقول:-
لا يقولَنّ امرؤٌ أَصْلي فما
أصله مسك، وأصلُ الناسِ طين
وإن الشرف الحقيقي لا تمنحه السُلالة، بل تمنحه الهمة وحسن المقالة، وإن النسب لا يرفعُ وضيعا، ولا يضع شريفا، وإنّما الهمة العالية، والعزم الصّلد الذي لا يلين.
ف(الحاجب المنصور ) كان في بدء أمره (حَمّارا) فآل أمره إلى ما آل عليه من العظمة والجاه، وظل المُتَنبّي حِينا من الدّهر يتملق (كافورا العبد الإخشيدي) ويتودد إليه حتى يئسَ منه وهجاه ورجع بُخُفّي حُنين.
وإن من الكذبِ الصُّراحِ في النسب المذكور أدناه؛ أن جعلوا للحسن العسكري ابْناً، والرجل في كل المصادر المُعْتَبَرة (لاَ عَقِبَ له) إلا رواية ساقطة للشيعة تَزْعُمُ أنّ له ولداً اسمه (محمدًا) لا (شمس الدين)،
وعندي الكثير من المآخذ والتساؤلات التي أضربُ الذّكر عنها صَفْحاً، وأرجو لها دلائل من التاريخ وجدية في البحث، ولكن القمين بالبحث والتّحَرِّي ليس في عِظَامٍ أَرِمَت وأجساد بليت، ولكن تعديل اعوجاج العقل، ومثالب النفس، ولأواء الضمير.
وإنِّي لا يُضِيرُني أنّي من نسل رمسيس الثاني أو يعقوب أو عيسى، وقد مَنَّ اللهُ علىّ بلا إله إلا الله محمد رسول الله .