محمد عبد الله المراغي يكتب : رَحِيلٌ
رَحِيلٌ
بَكَيْتُ حَبِيبًا كَانَ عِنْدِيَ مَغْنَمَا
فَكُنَّا إِذَا جُبْنَا الْحَدِيثَ تَبَسَّمَا
وَكُنَّا إِذَا ضَنَّتْ عَلَيْنَا حَيَاتُنَا
أَرَىٰ نَبْعَهَا الْفَيَّاضَ زَادَ تَكَرُّمَا
عَلَىٰ ضِفَّةِ الْأَشْوَاقِ كُنَّا نَوَارِسًا
نُعَانِقُ أَحْلَامًا نُحَلِّقُ فِي السَّمَا
عَلَىٰ مِنْبَرِ الْأَيَّامِ يَصْدَحُ صَوْتُهَا
فَبِالْحُبِّ ضَمَّتْ مَنْ نَأَىٰ وَتَحَجَّمَا
أَحِنُّ إِلَيْهَا الْعُمْرَ بَعْدَ رِحِيلِهَا
كَطِفْلٍ بِحِضْنِ الْأُمِّ عَاشَ مُنَعَّمَا
بَكَيْتُ عَلَيْهَا عِنْدَ لَثْمِىَ قُبْلَةً
فَحُذْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ هَمِّىَ عَلْقَمَا
فَيَا قُبْلَةً كَانَ الْوَدَاعُ رَفِيقَهَا
أَرَانِي وَإِنِّي صِرتُ بَعْدَكِ مُعْدَمَا
وَنَزَّ الْفُؤَادُ الْقَهْرَ بَعْدَ وَدَاعِهَا
فَهَلْ كَانَ دَمْعُ الْعَيْنِ ذَنْبًا وَمَأْثَمَا
وَمَاسَكْبُ دَمْعِي قَدْ يَجَرُّ عَذَابَهَا
وَلَٰكِنَّ شَوْقِي لِلدُّمُوعِ تَكَتَّمَا
فَلَا الْبُعْدُ يُنْسِي مَا يَعِنُّ بِخَافِقِي
وَلَا الْحُزْنُ يُطْفِي الشَّوْقَ حِينَ تَفَهَّمَا
وَمَا هُوَ إِلَّا الْحُبُّ بالْحُبِّ يَلْتَقِي
وَمَاكَانَ عِنْدِي غَيْرُ حُبِّكِ أَعْظَمَا
أَقَمْتُ عَلَيْكِ الْحُزْنَ طُولَ حَيَاتِنَا
فَلَا الْفَرْحُ يَأْتِي بَلْ أَقَمْنَاهُ مَأْتَمَا
دَعَوُتُ إِلَٰهِي يَسْتَجِيبَ لِدَعْوَتِي
بَأَنْ يَمْنَحَ الْمَحْبُوبَ طُعْمًا وَأَنْعُمَا
وَمِنْ كَوْثَرِ الْعَدْنَانِ شَرْبَةَ مَائِهَا
وَفِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ تَرْقَىٰ وَتَسْلَمَا
وَإِنِّي وَلَا فَضْلٌ عَلَيْكِ بَدَعْوَةٍ
وَمَا دَعْوَتِي إِلَّا عَلَيْكِ تَرَحُّمَا