لغياب مراقبة أولياء الأمور والتقصير في التربية – ظاهرة انتشار الألفاظ البذيئة بين الشباب وطلبة المدارس
بقلم : دكتور حجازي خليل أمين
أصبح أمر الألفاظ البذيئة والقبيحة والإباحية الوقحة والمصحوبة بحركة أكثر بذاءة وقبحاً وإباحية خارج السيطرة، فهي على ألسنة وفي حركة الكثير، الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء على حد سواء، في جميع المناطق وأغلب الدول ،في الشارع والأماكن العامة وحتى في البيت وأماكن العمل والمدارس، وهذه ظاهرة تعمل كالوباء في أخلاق الشباب وكذلك الأطفال،
ويرجع السبب وراء هذا الانتشار الواسع لتلك الألفاظ والحركات، موجة الأفلام التي تسيطر على الساحة منذ سنوات، ومقاطع الفيديوهات على اليوتيوب والريلز وأغلب مواقع التواصل الاجتماعي وقد تطور أمر قباحة الألفاظ فيها إلى درجة السب بالأب والأم والقذف بالإيحاءات والحركات الجنسية والإعلان المباشر والتمثيل ونشر مقاطع ممن يريدون الظهور وجنون الشهرة عن الشهوات والخيانات الزوجية وفواحش الأمور ، ولنراجع الأفلام التي ينتجها (منتج معروف بفساد أخلاق الشباب) وأشباهه وكأن الأمر ممنهج ومدروس لتخريب وتدمير شباب وبنات المجتمع.وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من خطورة إطلاق اللسان بهذه الألفاظ وعواقبها على صاحبها في الدنيا والآخرة
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيْ (، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
فهذه الظاهرة الاجتماعية السيئة عمت كثيراً من الخلق، وهي متعلقة باللسان الذي هو أسهل الأعضاء حركة ولا يدري المسكين أن لسانه ربما يكون سبباً في دخوله النار كما روى الترمذي عن معاذ رضي الله عنه في حديثه مع النبي وفيه قال النبي صلي الله عليه وسلم لمعاذ: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) ، فلا تكاد تدخل في سوق، أو محل، أو تجلس في مجلس إلا سمعت أشياء كثيرة، فضلاً عن الطرقات ، والمدارس .. وغيرها من مجتمعات الناس.
وهذه الظاهرة قضية خطيرة، لا ينبغي التساهل فيها أبداً [لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً] رواه البخاري ومسلم، والفحش هو ما قبح من القول والفعل، وشر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه، فترى هؤلاء ينطقون بالأقوال الأثيمة، وأحدهم عينه غمازة، ، ولسانه لماز، ونفسه همازة، وحديثه البذاءة، لا يذكر أحداً إلا شتمه، ولا يرى كريماً إلا سبه وتعرض له بالسوء.والسب والشتم والطعن: التكلم في عرض الإنسان بما يعيبه، وهو فسوق وخروج عن طاعة الله تعالى، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبغض الفاحش المتفحش البذيء) وقال: (إن الله لا يحب كل فاحش متفحش)
وهذه أوصاف تنطبق على كثير من الناس غالب أحاديثهم ألفاظ شنيعة، يأتون بها من الأماكن القذرة، وأسماء الدواب والبهائم على ألسنتهم، واللعن جارٍ عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق) أي: يخرج عن طاعة الله تعالى، وقال: (المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أربى الربا شتم الأعراض). (أتدرون من المفلس؟ إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا… الحديث) وفي آخره: (فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا فنيت حسناته، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار).
ألا يستحي هؤلاء من الله؟ ألا يعلمون أن الحياء في القول والفعل؟ ألا يعلمون أن الحياء من الإيمان؟ والإيمان يبعث المؤمن على فعل الطَّاعات وترك المعاصي والمنكرات. والحياء يمنع صاحبه من مراقبة الله ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتَّقاء الذَّمِّ والملامة.
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام. قال: أي عائشة، (إنَّ شرَّ الناس من تركه الناس اتقاء فحشه) رواه البخاري
قال الخطابي: جمع هذا الحديث علمًا وأدبًا، والفحش، والبذاء، مذموم كله، وليس من أخلاق المؤمنين. وقد روى مالك عن يحيى بن سعيد أن عيسى ابن مريم لقي خنزيرًا في طريق فقال له: انفذ بسلام. فقيل له: تقول هذا لخنزير؟ فقال: (إني أخاف أن أعود لساني المنطق السوء). فينبغي لمن ألهمه الله رشده، أن يجنب لسانه القول السيئ ويعوده الطيب منه، ويقتدي في ذلك بالأنبياء عليهم السلام، فهم الأسوة الحسنة. (مرقاة المفاتيح) للقاري رحمه الله.
اللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن في القول والفعل.