كتاب تحت العدسة
بقلم القيثارة شريفة السيد
في بنوك مصر
الشعر ينتصر على الأرقام
ويتفتق ضوءا في ظلمة الأيام ..!
(الوسادة) نص يصلح لورش تدريب شباب الجامعات
من نكد الدنيا على المرء أن يعمل في مجال بعيد تماما عن موهبته.. خاصة لو كان شاعرا متمكنا تم زرعه وسط آبار بترول آو في بنك يحيط به عالم الأرقام.
لكن الموهبة الحقيقية تفرض نفسها.. وتثبت وجودها وتكشف النقاب عن مكنونها ..
وشاعرنا اليوم من مواليد القاهرة، حاصل على بكالوريوس التجارة ودبلوم الدراسات العليا في العلوم المصرفية من جامعة عين شمس،
عمل بالبنك الأهلي المصـري وترقَّى حتى أصبح مديرا عاما ومستشارا لبعض قطاعاته، وعمل كرئيس لمجلس إدارة إحدى شركات البنك.
نُشرت قصائده في جرائد الأهرام والأخبار وأخبار الأدب وبعض منتديات الشعر
صدر له ديوان (لا شيء يا سمراء) عام 2018 عن دار ملتقى المعرفة وشــارك به فى معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2019 ومعارض أخرى عربية ودولية.
حصــل على دبلوم الجدارة فى مســابقة (ماريو بيوندو) للشــعر عن عام 2018 من أكاديمية الفنانين فى نابولي بإيطاليا بعد ترجمـــة قصائده إلى الإيطالية.
2019حصل على جائزة الشرف الدولية في الشعر للأدباء المسلمين لعام
من أكاديمية الفنانين في نابولي بإيطاليا.
وفي نفس العام 2019 صدر له ديوان (لماذا لا تسمعينى) عن دار ملتقى المعرفة.
وشارك به فى معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2020
وتلاه ديوان (ممتلئ بغيابك). ولا تزال جعبة الشاعر ممتلئة بما تجود به مشاعره الجياشة وعاطفته المستنيرة ..
======
وقد اخترت لكم من ديوان ( لا شيء يا سمراء ) للشاعر سيد بهي هذا النص البديع (الوسادة) الذي تشرفت بوضعه في منهج التدريس ضمن خطة وزارة التعليم العالي لورش فنون الكتابة والإلقاء بالمعاهد العليا المتوسطة لعام 2022 استعدادا لمسابقة إبداع السنوية لـطلاب الجامعات..
وقد أثار هذا النص فضولي لقراءته وتناوله من عدة نواح فنية.. أولها أن الشاعر استطاع تقسيمه إلى أقسام محددة ، كل منها يعتبر غرفة ولادة لنص جديد أكثر بذخا، أو كأنها شجرة الميلاد ذات النقوش والزخرف البديع، وقد تزينت بالأضواء الملونة وبصورها الجديدة المختلفة الماتعة.. وفيما يلي ما رأيت :
.. !. ترتيب دقيق للعناوين ولكن
_______________
لا حلم بلا وسادة _
لا أرق بلا وسادة _
_ لا حياة بلا وسادة
لا موت بلا وسادة _
هذا الترتيب يحتاج إلى إعمال العقل والتفكير في حيثياته؛ ولا يجب أن يمر دون تفكير عميق، لأنه يعبر عن رحلة الحياة الإنسانية بعامة، ليس لدى الشاعر وحده وإنما لدى كل إنسان على وجه الأرض…
قضية عامة انبثقت من قضية خاصة، انتقل فيهـا الشاعر من الخاص إلى العام؛ ليعطي النص إضاءات أوسع، ويجعله أكثر رحابة عن ذلك الانغلاق على الذات.
..
: براعة استخدام الزمن في النص
____________________
دونما فزلكة أو استعراض عضلات؛ استطاع الشاعر استخدام الزمن والاستفادة من مفرداته المتعددة، في كل مقطع، بما يتناسب مع الجو العام للمقطع وللحالة التي يفرضها عنوان كل مقطع:
_ ففي الحلم يسير الشاعر صاعدا في زمن الليل مع أجواءه الهادئة ونسيمه العليل وصولا إلى الندى.
_وفي الأرق يسير منحدرا إلى هوةٍ وقشٍ وطين وكوابيس لا تهدأ.
_وفي الحياة نجد ثدي الأم بداية الطفولة ، مرورا بمرحلة الشباب وصدر الحبيبة، وصولا إلى مرحلة النضج والأحلام المراوغة.
_وفي الموت نجد دمعة الحزن على الراحلين من حياتنا ، وهي للاسف دمعة صامتة، تنوح بكل أسى على حياة كئيبة بدونهم .. دمعة تنادي عليهم رغم صمتها ولكن بلا فائدة.
فنعود نحن مع الشاعر في نهاية الأمر فرادى وحيدين، بلا معشر الأحباب؛ بل بلا رجوع أيضا لبداياتنا التي كانت أكثر جمالا وأكثر زخما.
العودة للماضي، هذا الشيء الذي يؤرقنا ونتمناه بلا جدوى. إذ إننا نعيش الحياة مرة واحدة ولا مفر من الموت.
وهنا نشعر بإيقاع الزمن وعلاقته بما يعتلج بدواخل الكاتب ومشاعره وكذلك بالأصوات وحساسية وتون كل صوت وتأثيره في نفس الشاعر والمتلقي فيما بعد، كل بحسب ما يتراءى له وبحسب ما يلامس التراكمات لديه..
ذلك لأن اللغة الشعرية هي أحد مظاهر التآلف مع الزمن، بما فيها من حركة وسكون وصعود وهبوط وتموجات ومناورات فنية توقظ فينا ما نوّمَته الأيام في غفلة ما، خاصة عندما يتعلق الأمر بفكرة الزمن كفكرة صاخبة داخل الشاعر _كإنسان_، بكل ما تحمله الفكرة من قلق وحيرة واضرابات نفسية.
هذه التحولات الزمنية في النص صنعت تراوحات صوتية تتماشى مع الحراك الزمني ونموه وتطوره وعلاقـته بالأماكن والأشياء.. كالوسادة مثلا وأهميتها ودورها في حياة الإنسان، حتى في حالة الأحلام.
العمق الفلسفي :
_________
نحن أمام نص شعري ينطوي على بُعد فلسفي، شعر متفرد لأنه يحمل سؤال الفلسفة القلق والحيرة.. والبحث عن اليقين والسعي نحو حقيقة عالمه اليومي،
رؤية فلسفية تؤكد على الحضور الديناميكي في نفس الشاعر، وفي لاوعيه الشعري.
حيث يتفق الوعي المعرفي مع اللاوعي الفكري وقت كتابة النص.. إذ لا يمكن أن يكون الشاعر قد خطط لهذا النص ووضع هذه الخطة قبيل البدء في الكتابة..! بينما جاء الوحي متفقا تماما مع خطة بدء الحياة ومراحلها، وصولا إلى المنتهى من عمر الإنسان.
وأعتقد؛ لو أن الشاعر خطط للنص بطريقة ممنهجة أو بخطة عملية، وأعمل ذهنيته لفبركة العناوين، لما كان أبدع في التخيلات والصور الفنية البديعة، ولجاءت بلاغته بها نوع من الجفاف؛ لكن التلقائية والعمق الفلسفي هما اللذان أنتجا نصا بديعا كهذا، دونما تكلف، أو تزاحم لفظي فج، بل إن براعة الشاعر ظهرت في أنه استطاع تسكين كل مفردة في غرفتها التي تناسبها تماما، وأجلسها على عرش معناها في المكان المناسب من الغرفة.
ولو أنه انتهج الغموض مسلكا لأوقعنا في إشكالية التلقي.. لكنه أحب قيمة الشعر وتعددية مدلولاته وقوة مضمونه.. مع استثنائية الشكل الذي أراده لنصوصه.
.
هذا النص درسٌ للناشئة من المبدعين:
____________________
فالشاعر يريد أن يقول:
لا يُقاس الإبداع بطول النص أو قصره. ولكنه يقاس بمدى عمق الفكرة والقدرة على طرحها بشكل مكثف، ومدى ما يحمل النص من قيمة وفحوى وتساؤلات عن حقيقة الأشياء. وهذا ما حدث بالضبط.
إنه نص أدبي لشاعر معاصر، استطاع أن يدخل به من بوابة المعاصرة والالتزام بمعايير الجودة الفنية في الشعر. مع كونه شآعر مهموم بقضآيآ كونية عامة تحمل قدرا من مسؤولية الكاتب والفنان الحقيقي بعيدا عن المبالغة والسطحية في آن..
إضـافة إلى التمكن والقبض على الموضوع؛
إذ ظل الشاعر يدور في فلك الوسادة، فقط الوسادة، بكل ايحاءاتها المعروفة، ولكنه رغم تقسيم العمل إلى الأقسام السابق ذكرها لم تنفلت منه الفكرة ولم تترهل، بل أحكم القبض عليها، ونبهنا إلى ضرورة التخلي عن الزوائد والحشو اللفظي الممجوج.
فهو شاعر لا يغمس قلمه في محبرة عادية ولكنه يغمسه في مشاعره مرورا بفكر تنويري متحضر،
.
كما اخترت هذا النص لتدريسه للشباب لأنه يؤكد على الإرادة الإلهية:
في زمن كثر فيه دعاة الفكر الشيطاني، وتراجعت فيه الأخلاق والمبادئ والقيم والمثل العليا بفعل السوشيال ميديا، وبدعاوَى التطور التكنولوجي والحداثة. مما أدى إلى كارثة نشوء خلل في العقيدة عند البعض من شباب اليوم.. فآردت العودة بهم إلى الله سبحانه وتعالى.
فهو نص يرصد مراحل الوجود الإنساني بعامة وكيف نعيشه ومدى تغيره. نص فيه اعتراف بأن الإرادة الإلهية هي المتحكم الأول والأخير في هذا الوجود الإنساني وفي الكون بكل ما فيه من معاناة وأفراح وآلام حتى تأتي النهاية، لحظة الخروج من الحياة.
..
يقول في قصيدة الوسادة :
1-
ﻻ حُلْمَ بلا وِسادة
أَسِيرُ فِيهِ صَاعِدَاً
زَمَنَ اللَّيلِ
شَجَرَةً ذاتَ أَجْنِحَة
نَسِيمُها عَلِيلٌ
وظِلُّهَا نَدِى
٢-
“ﻻ أَرَقَ بلا وِسادَة
أَسِيرُ فيه مُنْحَدِرَاً
لِهُوَّةٍ من قَشٍ وَطِينٍ
وغاباتٍ كَئِيبَةٍ
كَوابِيسُهَا ضَارِيَةٌ.. ﻻتَسْتَكِين
٣-
“ﻻ حياةَ بلا وِسادَة
ثَدْىِ أُمِّى
وَصَدْرُ حَبيبتِى
وأُمْنِيَاتٌ مُراوِغَةٌ… ﻻتَنْتَهِى”
٤-
“ﻻ مَوْتَ بلا وَسَادَة
تَشْهَدُ فى خُشُوعٍ
دَمْعَةً صامِتَةً
ونِداءً للأَحِبَّةِ الرَّاحِلِينَ
لِرِحْلَةٍ وَحِيدَةٍ …. بلا رُجُوعٍ ..
.
:::
وتظل الوسادة تعبيرا عن مراحل عمر الإنسـان بكل معاناته ونجاحاته في هذه الحياة.
\
ولا أنسى أن أقول أن هذا جزء من النص لا كله.. تركته لكي نتجول مع نصوص أخرى ونتعرف على أجواء مختلفة من الديوان كالتالي :
===============
قصيدة (فارسُ البُراق)
“يا فارِسَ البُراقِ يا حادِىَ النُّورِ والأخْلاقِ
يا مَنْ تهَلَّلَتْ لِرُقِيِّهِ كُلُّ السَّمواتِ السَّبْعِ والآفاقِ
فَصَعَدْتَ من الدُخانِ إلى المُنْتَهى
وَعُدَتَ مُطَوَّقَاً بالدُّرِ والياقوتِ
فى عِقْدٍ فَريدٍ خَيْطاهُ يَلْتَقيانِ فى شَرَفِ العِناقِ
بِأَىِ دُفٍّ حَزينٍ أُنادِى عليكَ فى الأسْواقِ
تَرَبَّعَ الخَوْفُ فى قلبى
فلو تَرانى وأحزانى تُقَلِّبُنى
أُكَفْكِفُ غالِیَ الدَّمْعِ المُراقِ
اِتَّسَعَ الخَرْقُ وطَمَّ الخَطْبُ وذَلَّتْ عِزَّةُ الأَعْناقِ
أُمَّةُ الإسْلامِ التى حين تَدْنْو الشَّمسُ سَجَدَّتَ تحتَ العَرشِ
تشْفَعُ من فَرْطِ حُبٍّ واَشْتياقِ
ذاقَتْ مَريرَ الهَوانِ
فأَصْبَحَتْ قَصْعةً مُسْتَباحَةً
تغْشاها ذِئابُ الأُمَمِ من أَعْجَمِىٍ حاقِدٍ وحاسِدٍ أفَّاقِ
نادَيْتَ ياعَلَمَ الهُدَى
ذَروا الغَفْلَةَ والكَرَى واَسْتَمْسِكوا بالعُروَةِ الْوُثْقَى
كِتابَ اللهِ وسُنَّتِى
فأَجابَنَا الصَّدَى
لم يَبْقَ إلا رِحلَةً أُخْرَى على ظَهْرِ البُرَاقِ
تَسْرِى بها لَيْلاً من زَمَنِ النُّبُوَّةِ والتُّقَى إلى زَمَنِ التَّمَزُّقِ والشِّقاقِ
تحْيِى بها هِمَمَاً مَوَاتَاً وتُواسِى قابَضَ الجَمْرِ وتُطْفِئُ لَهْفَةَ العُشَّاقِ
========
* قصيدة (دَرْبُ السِّتين)
:
“هذا الدَّرْبُ قد يُفْضِي أوقد لايُفْضِي
لِدَرْب يَظُنُّهُ الواهِمونَ المُنْهَكونَ فى الزَّمنِ واحةَ الماءِ فى الجَدْب
فإذا هو سَرابٌ
من انْحِناءِ الضَّوءِ فى رِمالِ العُمْر
وإذا هو وَهْمٌ يَقْتَرِبُ ويَبْتَعِد
كان مَجْرَىً قديماً لِنَهْرٍ لم يَعُد
طَمَرَتْهُ الرِّمالُ السَّافياتُ تحت الطَيَّةِ المُحَدَّبَةِ للجَسَدْ
حينما كان ذاتَ يومٍ بعيد الأَمَدِ
مُنْغَمِرَاً بمياهِ البَحْرِ
يروى حدائقَ ذات بهجةٍ
لها ثَمَرٌ ووَرْد جاسَ خلال الدُّروبِ كُلِّها
لايعرف مَجْراهُ الجَهولُ للتَدَفُّقِ حَدا
عند دَرْبِ العِشرينِ المُعَرْبدِ فى المَجْرَى الأعلى للنَّهْر
حين كان فَتِيَّاً مُنْهَمِكَاً فى النَّحْتِ والنَّحْر
لايبالى الخَوانِقَ والجَنادِلَ وثَنياتِ الماءِ ودَوَّاماتِ الخَطَر
وعند دربِ الأربعينِ الرَّزينِ
حين بَلَغَ الرُّشْدَ واتَّسَعَ الصَّدْر وهدأتْ الخطواتُ
وناوَرَتْ مُنْعَطَفاتِ الطَّريقِ
ووهَنَتْ شَهْوةُ الحَفْر
فدَرْبُ السِّتْينِ المُجْهَدِ حين بَلَغَ المَصَبَّ فانْحَنَى الظَّهْرُ
وأُلْقِيَت الأحْمالُ
وتَبَعْثَرَ الجَسَدُ المُنْهَكُ
قَنَواتٍ كشُعاعٍ غَريقٍ فى لُجَّةِ البَحْر
وَجَفَّتْ المَلامِحُ واسْتَكانَتْ فى شُرُفاتٍ مَهْجورةٍ بعيدةٍ
تحلمُ بعودةٍ فَتِيَّةٍ مُسْتَحِيلَةٍ لمياهِ النَّهْر.
.
=====
قصيدة (مُنَمْنَمَةٌ شَرْقِيَّة)
هی….
فُسْتُقَةٌ حَمْراءُ فى فَمِّ فَراشَةٍ ذَهبِيَّة
صَاعِدَةٍ من صَدَفَةِ ماءٍ وَرْدِيَّة
تَسْبَحُ فوقَ مُنَمْنَمَةٍ صارِخَةِ اﻷَلْوَان
نَسْجِيَّة
تَبْعَثُ في الجُدْرانِ الرَّطْبَةِ الدِّفَءَ
فيها كُلُّ العالَمِ
هذا غَزالٌ مَذْعُورٌ يَنْفِرُ من سَهْمِ الصَّيادِ
وهذا نَّسْرٌ غاضِبُ يَنْقَضُّ علي الثُّعْبان
وأَميرٌ ناعِمُ يَشْرَبُ نَخْبَ النُّدْمان
وجَوارٍ تَرْقُصُ بِدَﻻلٍ وَغِناءٌ ساحِرُ وَقِيَان
وشاعِرُ مَطْروحٌ بالبَابِ المَلَكِىِّ
يَمْدَحُ سُلْطَان
وَزُلَيْخَةُ مَقْهورَةُ تَرْمِى يوسُفَ بالبُهْتَان
يَرْقُصُ فيها الرَّومِىُ بِوَجْدٍ رَقْصَةَ ظَمْآن
ويَحْكِى فيها الفِرْدَوْسِىُ بعِشْقٍ مَلْحَمَةَ اﻷِنْسان
ونَزَقُ الطَّيرِ العَابِثِ وجُنونُ الأغْصَان
لم تَتَرُكْ حاشِيَةً فارِغَةً أبداً
مَلأَتْهَا سِحْرَاً بِعُيونِ النَّرْجِسِ والرَّيْحان
..
=========================
) قصيدة ( لاشئَ يا سمراءُ
لا شئَ ياسَمْراءُ مِثْلُكِ توَّجَ جَبْهَتِى بالعَوْسَجِ الدَّامِى
ولاشئَ ياسمْراءُ مِثْلُكِ أضْحَكَنِى وأَبْكانِى
ولاشئَ ياسَمْراءُ مِثْلُكِ يَذْكُرُنِى لِيَنْسانِى
كيفَ الدُّخولُ إلَيْكِ .؟
وأنا الفَتَى المَنْسِىُّ
ستونَ عاماً على بابِك ضَيَّعْتُ عُمْراً عَزيزاً مَدَّاحاً بأَعْتَابِك
ورَأَيْتُ أحْلاماً تُراودُنِى
والذِّكْرَى تُؤَنِّبُنِى
فَوَلَجْتُ أبْوابَك
فما وَجَدْتُّ شَبيهاً فى الهَوَى يَرْقَى لِأَحَدٍ من بَعْضِ أحْبابِك
…
======================
) قصيدة ( لَهْوُ الدَّلافِينِ
سَيِّدَةُ المَرَح
فى صَباحٍ حَزينٍ فاجَأَتْنِى
حَمَلَتْنِى إلى البَحْرِ
غَمَرَتْنِى فى الفَرَح
سَبَحْتُ وَراءَها خَلْفَ الدَّلافِينِ والأُفُقِ المُنْفَتِح
أنا والصَّباحُ الجَديدُ والفَيْروزُ
والأَصْدافُ المُغْتَسِلَةُ
والجُرْح والشِّراعُ المُتَفائلُ
وطُيورُ البَحْرِ المُنْتَشيةُ
وأُغْنِيَةٌ نَدِيَّةٌ
عن عاشِقٍ يَسْتَجْدِى نَظْرَةً من جَميلَةٍ تأْسِرُ الرَّوْح
وعند خَطِّ الالتِقاءِ صَارَ نِصْفِى بَحْرَاً ونِصْفِى سَماءً
نِصْفِى جَليدَاً ونِصْفِى عَرَق
وعندما أَوْشَكْتُ مَكَّنَتْنِى رُوحَهَا
وأَنْقَذَتْنِى من الغَرَق
أَطْفَآتْ كَآبَتِى
وأَطْلَقَتْ فى دَمِى هُرْمُونَ العِنَاقِ
وضَغَطَتْ عِظَامِى
فَضَحِكْتُ حتى الأخْتِنَاقِ
نَصَحَتْنِى مَرَّتين
أن الحَياةَ وَلِيمَةٌ وأَنْتَ مُعَبَّأٌ خَطأ بِحُزْنٍ دَفِين
وأَوْصَتْنى مَرَّاتٍ
صاحِبْ كُلَّ المُؤَنَّثَاتِ الرِّياحَ والنَّسَماتِ الضَّحِكاتِ والآهاتِ الطَّعَناتِ والقُبُلاتِ الشَّوْكاتِ والوَرْداتِ
كى تُنْجِبَ طِفْلاً يَحْمِلُ أَجْمَلَ قَسَماتِ
وبَاحَتْ على اسْتِحْياءِ
أنا صاحَبْتُ كثيراً كُلَّ ذُكورِ الأَشْياءِ الصَّباحَ والمَسَاءَ الفَقْرَ والثَّراءَ الصَّيفَ والشِّتاءَ الظَّلامَ والضِّياءَ الهَجْرَ واللِّقاءَ والحُزْنَ والفَرَح
كى أَحْمِى جَنِينِى سَليلَ اللَّهوِ والمَرَح
.
نُشِرَت في جريدة الأهرام المصرية
أدعوكم لقراءة هذا الديوان للمبدع الشاعر سيد بهي. لما به من طاقات إبداعية خلاقة، ورقي بالكلمة، وتطور في صياغة نص أدبي يستحق القراءة والتقدير. يقف صاحبه في مصاف الشعراء الكبار الذين ينثرون عبيرهم على المشهد الثقافي بمصر، في وقت تراجع فيه الشعر كثيرا، وطفت على سطحه أنصاف المواهب..اا