فابريتسيو ديه أندريه وأغنيته “حرب بييرو”

 

 

تقديم وترجمة: إسلام فوزي محمد

 

في هذا الشهر تحل ذكرى مولد فابريتسيو ديه أندريه، الشاعر ومؤلف الأغاني والمغني الإيطالي، وفي هذه الأيام يعيش العالم الأحداث التي ترتبط بالحرب بين روسيا وأوكرانيا وما يعانيه العالم من تبعات تلك الحرب. ولذلك اخترنا أن نقدم له قصيدة وأغنية “حرب بييرو”.

ولد فابريتسيو ديه أندريه Fabrizio De André يوم 18 فبراير 1940 بمدينة جنوة أو جينوڤا الإيطالية وتوفي عام 1999 في مدينة ميلانو. ويُعد أحد رواد مدرسة جنوة للأغنية الشعرية Canzone d’autore التي تمتد جذورها إلى شعر التروبادور والموشحات الأندلسية، وهي قصائد تؤلف بغرض الغناء، وفي حالة ديه أندريه كان هو المؤلف والمغني. واهتم في كثير من مؤلفاته بقضايا اجتماعية وسياسية، وبالمهمشين والمظلومين.

“حرب بييرو” La guerra di Piero قصيدة وأغنية من إنتاج عام 1964، ألفها وغنّاها فابريتسيو ديه أندريه وهو في العشرينيات من عمره، ويتحدث فيها عن الجندي بييرو الذي يجد نفسه في مواجهة مع جندي من بلد آخر، ويجد نفسها مضطرًا لخيارين حلوهما مر، إما أن يَقتُل أو سيُقتَل. ويقول ديه أندريه أنه استوحى قصتها من حكايات خاله الذي خاض الحرب وكان قد رأى مثل تلك الأحداث، فحكى عنها بعد عودته إلى بلده وأهله. وكان ديه أندريه ناقمًا على الحرب وكارهًا للقتل فأراد أن يعبر عن ذلك من خلال نص كتبه شعرًا ثم غنّاه.

ويتسم النص الأصلي بالإيطالية بخصائص الشعر الإيطالي بما في ذلك التقسيم إلى رباعيات من الأبيات الشعرية كما حافظ ديه أندريه على إيقاع شعري يتماشى مع الموسيقى والغناء، ومزج بين الشعرية والحكاية في الشعر، فالنص يمثل قصة تداخل فيها الحوار مع السرد مستعينًا بالرمزية وهناك العناصر الأساسية مثل الموت والحياة والزمن ومروره والرموز الدالة على كل منها.

 

“حرب بييرو”

 

تنام دفينًا في حقل القمح،

ليس حقل الورود أو التوليب

التي تحرسك من ظلال الحُفَرِ

لكنها ألف زهرة خشاش أحمرِ.

 

“بطولِ ضفتيّ النهرِ عِندي

أريد أن تجري الأسماك الفضية،

بدلًا من أجساد الجنودِ

التي تحملها أذرع النهرِ.

 

هكذا كنتَ تقولُ وكان شتاءً

ونحو الجحيم، مثل الآخرين،

تنصرف مثل مَن عليه ذلك،

والرياح تبصق الثلج في وجهكَ.

 

توقف يا بييرو، توقف الآن،

دع الرياح تمر على جسدكَ،

فأنت تحمل قول الموتى في الحرب:

من أهدى حياته فقد افتداها بصليب.

 

لكنك لم تسمع وكان الوقت يمر،

بفصوله كلها وبإيقاع سريع،

ووصلت لتعبرَ الحدودَ

ذات يوم جميل في الربيع.

 

وبينما تسيرُ حاملًا روحكَ،

في أخر الوادي رأيت رجلًا،

كانت له هيئة مثل هيئتكَ،

لكن لون زيه العسكري غيركَ.

 

الآن، يا بييرو، أطلق النار عليه،

وبعد قليل أطلق عليه مرة أخرى،

إلى أن تراه في دمائه غارقًا،

ليسقط على الأرض ليغطي دمه.

 

“لو أطلقت على جبهته أو في قلبه،

سيتبقى له وقت فقط ليموت،

وسيبقى لي وقت فقط لأرى

أعين رجل وهو يموت”.

 

وبينما تفكر فيه برأفة،

يلتف فيراك فيخافك،

وبسلاحه تحت ذراعه،

لا يبادلك الرأفة نفسها.

 

سقطتَ على الأرض دون شكوى

وأدركتَ فقط في لحظة واحدة

أن الوقت لم يكن ليكفيكَ،

كي تطلب العفو عن كل خطيئة.

 

سقطتَ على الأرض دون شكوى

وأدركت فقط في لحظة واحدة

أن في ذلك اليوم كانت نهاية حياتك،

وأنه ليست هناك عودة.

 

“نينتّا حبيبتي، إن الموت في مايو

يحتاج إلى كثير من الشجاعة،

نينتّا حبيبتي، مباشرةً إلى الجحيم،

كنت أود أن أذهب في الشتاء”.

 

وبينما كان القمح يستمع إليك،

كنتَ تشدد على البندقية بيديكَ،

وتقبض على الكلمات بفمكَ؛

كلمات تجمدت لا تنصهر بالشمس.

 

تنام دفينًا في حقل القمح،

ليس حقل الورود أو التوليب

التي تحرسك من ظلال الحُفَرِ

لكنها ألف زهرة خشاش أحمرِ.

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: