غدٌ كارثيٌّ

سامية خليفة – لبنان
أتأمّل ذاتي فلا أجد في داخلي ما يستحقّ أن أكتبَ عنه سوى وطني. الكتابة تخرج عن رسالتها حين تكون لاستجلاب قرّاء فحسب، أنا الآن لا أكتب أنا الآن أصلّي وأدعو لوطني الذي يرزحُ تحت أعباءِ حربِ التّجويع.
ها نحن ما زلنا في منتصف القصيد عالقين بين فكّي غولٍ لا يرحم، تُرى كيف سنتمرّد غداً إذا استعصت علينا الكلمات؟!”.
كثيراً ما أتأمّل صفحة الواقع، اليوم أراني أقرأ بين سطورها مآسي شعبٍ حرّ يرفض أن تٌركنَ طموحاتُه جانباً ليمسيَ كآلةٍ متوقّفةٍ عن العمل؟ شعبٌ يعي أنّ من أبسط حقوقِه أن يحلمَ هو وأبناؤه بغدٍ أفضل.
ربما الواقع أكبر من أن نلعن الظلام، فاللعنة لا تجدي ونحن أبناء النور، ونحن مَن نمدُّ الوطنَ بذاك النور، فلِمَ يا وطني أمسيتَ حلماً لا يُطالُ حتى ماتَ فيكَ الحلمُ؟! ها إنّي أراكَ حلماً مسجّى.
ماذا ينعش النفسَ ويبقيها متماسكةً في ظلّ هذا التدهورِ اللامعقولِ المسيطرِ على كل الصُّعُد غير الأملِ بغدٍ أفضل؟ مع تحقُّق الأحلامِ تصبح الحياةُ أجملَ، نندفع، نطوّر، نبدع، نزرع الفرح، لكن حين يخذلُنا الواقع يأتي الغدُ مدجّجاً بأشواكِ الفقر مثقلاً بالقهر، الذل فيه سوف يتضاعفُ .
حين تموتُ الأحلامُ تُدفنُ، وتُدفنُ معها أجيالٌ. أجيالٌ فضّلتِ الهجرة، وثمة مَن أقدمَ على الانتحارِ حتى أمسى ظاهرةً متفشّيةً ! وبين هذه الأجيال ثمّة مَن يصارعُ مارداً كبيراً اسمه الدولار !
لا حياة كريمة تُرتجى في وطنٍ فُقدتْ فيه صلاحية الإنسانيةِ وفُقدتْ معه الحقوق، حاضرٌ مظلم ينبئ بغدٍ كارثيّ. تلك هي الحقيقة التي حكتها الشمسُ وهي تزيلُ دموعَ القهرِ عن وجوه الناس.
سامية خليفة/ لبنان