عرض كتاب: المناضل الثائر عبد الله النديم خطيب الثورة العرابية وعصره 

عنوان الكتاب : المناضل الثائر، عبد الله النديم، خطيب الثورة العرابية وعصره.

عرض : أشرف خيري يوسف

كانت أحوال مصر أبعد ما تكون عن الاستقرار في تلك الفترة من عصر الخديو إسماعيل لتعقد مركزها الدولي من ناحية، ولاختلال وارتباك أمورها من ناحية أخرى، وفي هذا الجو المليىء بالقلق ظهر ” عبد الله بن مصباح بن إبراهيم الحسني” – هذا اسمه الحقيقي، أما كلمة ” النديم” فهى كناية على منادمته للكبراء والعظماء – فعن حياة النديم وعصره يتحدث هذا الكتاب الذي نتناوله اليوم تحت عنوان: “المناضل الثائر، عبد الله النديم، خطيب الثورة العرابية وعصره”، ومؤلفه هو المؤرخ القدير الأستاذ الدكتور/ عبد المنعم إبراهيم الجميعي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، والأمين العام للجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وعضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة واتحاد المؤرخين العرب، والكتاب صادر عن المجلس الأعلى للثقافة، عام 2009م، ويقع في 290 صفحة من القطع المتوسط. في هذه الدراسة العلمية المنهجية يعالج المؤلف الموضوع بشكل لم يُعالج من قبل، وقد اعتمد على مجموعة من الوثائق العربية والأجنبية، فقسم الكتاب إلى أربعة أبواب ومقدمة وخاتمة، واحتوت الأبواب على أحد عشر فصلًا مجتمعة، جاء الباب الأول بعنوان: ” النديم والثورة العرابية ” وتحته أربعة فصول كالتالى: الفصل الأول: الفكر الثوري في مصر وظهور النديم: تحدث فيه المؤلف عن العصر الذى ظهر فيه النديم، مركزًا على التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى مرت بالبلاد في عهد الخديو إسماعيل، والمصادر التى استقى منها النديم ثقافته، وأثر جمال الدين الأفغاني في التكوين الثوري للرجال الذين حملوا راية الكفاح، وبدايات النديم السياسية حتى قبيل قيام الثورة العرابية. والفصل الثاني عن: دور النديم في تصعيد الحركة الشعبية عند نشوب الثورة العرابية: عرض فيه المؤلف ظروف انضمام النديم إلى العسكريين والأحداث التي كان له دور فيها وخصوصًا بعد حادث قصر النيل ومظاهرة عابدين، وكذلك دور النديم في التشجيع على إنشاء “جمعية الشبان بالإسكندرية” لتكون ركيزة من ركائز الثورة. وجاء الفصل الثالث بعنوان: النديم ومقاومة التدخل العسكري الإنجليزى: تناول فيه مذبحة الإسكندرية والاتهامات التى وجهت إلى النديم بتدبيرها، وحريق الإسكندرية وملابساته ثم دور النديم في أثناء المعارك بين العرابيين والانجليز وكيفية مواجهته للهزيمة. واختتم الباب بالفصل الرابع حول: عبد الله النديم في أعقاب الثورة: تحدث فيه عن دخول القوات الانجليزية القاهرة، وامتلاء السجون بالثوار وانتشار روح الاستكانة والنفاق بين الناس والقبض على كل قادة الثورة العرابية فيما عدا النديم الذي ظل مختفيًا عن أعين الحكومة ما يقرب من عشر سنوات، كما تحدث عما تعرض له النديم من محن أثناء الاختفاء.
أما الباب الثاني فكان عنوانه: النديم وبعث الحركة الوطنية: وقسمه المؤلف إلى فصلين: فجعل عنوان الفصل الخامس: النديم بين الخديو عباس الثاني والاحتلال: تناول فيه عفو الخديو عباس عن النديم والسماح له بالعودة إلى مصر ومزاولته مهمة الكفاح مرة أخرى حيث أصدر مجلة ” الأستاذ ” وتحدث عن موقفه من الأزمات بين الخديو والاحتلال ثم إحساس المحتلين بخطورته، ومطالبتهم بنفيه مرة ثانية وتخلى الخديو عنه. وعنون الفصل السادس بعنوان: النديم ومصطفى كامل: تعرض فيه لدروس الوطنية التى لقنها النديم لمصطفى كامل وأثر النديم في تكوين مصطفى كامل الصحافى والخطابى والوطنى وأوجه الخلاف بينهما.
بينما الباب الثالث اختصه بعنوان: مصر في مفهوم النديم السياسي: وقسمه أيضًا إلى فصلين: فوضع للفصل السابع عنوان: النديم بين الجامعة الإسلامية والقومية المصرية: أبرز فيه مواقف النديم من الدولة العثمانية وتفضيله للوطنية المصرية عن الولاء المطلق للسلطة العثمانية وفكرته عن الجامعة الشرقية بدلًا من الجامعة الإسلامية ثم الفترة التى قضاها بمنفاه بالآستانة ولقاءه بأستاذه الأفغاني هناك ثم المبارزة الفكرية بين النديم وأبى الهدى الصيادى. ثم جعل من : فكر النديم السياسي، عنوانًا للفصل الثامن، وتحدث فيه عن فكرة القومية ومبدأ ” مصر للمصريين ” والوحدة الوطنية والديمقراطية والرأى العام وفكرة الجمهورية، وكيف استطاع النديم نشر هذه الأفكار والآراء بين عدد ممكن من أبناء وطنه.
ويأتي الباب الرابع والأخير بعنوان: النديم وحركة الإصلاح الاجتماعى والثقافى: وقسمه إلى ثلاثة فصول: فاختص الفصل التاسع بعنوان: النديم والإصلاح الاجتماعي: وهذا الفصل بدوره قسمه المؤلف إلى أربعة أقسام، تناول في القسم الأول موقف النديم من آفات المجتمع المصري، والقسم الثاني كان عن فهم النديم للعدالة الاجتماعية ومهاجمته للأغنياء الذين يستعبدون الفقراء ومطالبته بالمساواة حتى يتقدم المجتمع، وفي القسم الثالث تناول فكر النديم عن إنشاء الجمعيات الخيرية لمساعدة وتعليم أبناء الفقراء وترجمة فكرته من النظرية إلى التطبيق بإنشاء “الجمعية الخيرية الإسلامية”
وتشجيعه لإنشاء الجمعيات الأخرى مثل الجمعية الخيرية القبطية وجمعيات شبرا خيت وميت غمر والصنائع والفنون الخيرية بالمنصورة ثم التوفيق الخيري، والقسم الرابع اشتمل على أفكار النديم عن إصلاح المهن والحرف، فتناول فيه المؤلف حديث النديم عن تنظيم مهنة المحاماة وفكره عن إصلاح أحوال الصناعة والصناع وكذلك عن الفلاح، وأظهر أن هدف النديم من نقد المجتمع كان الإصلاح وتقدم البلاد وأنه لم يتملق أحد بل استخدم أسلوب التبكيت لإيقاظ وإنهاض الهمم لأن الإصلاح لا يتأتى إلا من فهم الناس لأخطائهم وتوضيح الأسباب التي تؤدى إلى إصلاحها. وجاء الفصل العاشر تحت عنوان: النديم وثقافة عصره: وضح فيه مؤرخنا الجليل فكر النديم عن إصلاح التعليم بشقيه: الديني الذي يمثله الأزهر، والمدني المتمثل في المدارس، كما بين دفاع النديم عن اللغة العربية وتصديه لكل من حاول المساس بها. والفصل الحادي عشر الذي اختتم به الباب الرابع والكتاب جعله بعنوان: أساليب النديم في العمل الوطني: درس فيه أساليب النديم في العمل العلني حيث الخطابة والصحافة والمسرح، ثم أتبع هذا الفصل بدراسة عن وفاة النديم في الآستانة ووجهات النظر المختلفة في تحديد تاريخ وفاته ثم حسم ذلك بعد عثور المؤلف على مكاتبة واردة من الآستانة موجودة بملف خدمة عبد الله النديم بدار المحفوظات العمومية تحدد تاريخ وفاته. وأخيرًا أوضح في خاتمة الكتاب ما توصلت إليه هذه الدراسة القيمة من نتائج نذكر منها على سبيل المثال: 1- أن النديم حينما انضم للعرابيين لم يكن هذا محببًا إليه في أول الأمر لأنه من تلاميذ الأفغاني الذين لم يحسبوا للعسكريين حسابًا في أثناء مناداتهم لذلك كان يتأفف سرًا من وقوعه في تلك الورطة، ولكنه بعد أن اندمج بهم وعرف خططهم وأفكارهم أصبح من أشد المخلصين لهم، وكان أول مدني استطاع أن يشق طريقه وسط العرابيين ويحول حركتهم إلى ثورة شعبية بعد أن كانت هذه الحركة انقلابًا عسكريًا هدفه المحدد مساواة أبناء الفلاحين مع الجراكسة في الترقيات بالجيش.
2- أن جذوة مظاهرة عابدين نبتت من المنشور الذي وزعه النديم على الأهالي.
3- أن النديم شجع بعد مظاهرة عابدين على تأسيس جمعية الشبان السياسية بالإسكندرية لتكون ركيزة شعبية تستند عليها الثورة.
4- أن النديم وضع أسسًا وأفكارًا جديدة لأحوال الصناعة والصناع قبل أن يضع محمد فريد أساس حركة النقابات في مصر.

المؤلف : أ.د/ عبد المنعم إبراهيم الجميعي.
دار النشر : المجلس الأعلى للثقافة، 2009م.
حجم الكتاب : من القطع المتوسط، 290 ص .

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: