عبد الله جمعة يكتب: قواعد السؤال

قواعد السؤال

عبد الله جمعة

 

في كثير من المقالات التي أقوم بنشرها على صفحتي أو الفيديوهات التي أنشرها عبر قناتي على يوتيوب يتوجه قُرَّاءُ صفحتي الكرام أو متابعيَّ بأسئلة ؛ أكثرها رغبة في التفصيل والإيضاح ، وبعضها القليل يتسم بالفساد وينمُّ عن رغبة السائل في السفسطة وعدم الرغبة في الفهم ، بل الرغبة في الظهور و إثبات ما ليس مثبتًا بالحجة والمنطق فيكون ردي مباشرًا حاسمًا يتسم ببعض الجمود ، أو السكوت و عدم الرد ، و أحيانا بحذف السؤال كأنه و العدم سواء ؛ وذلك لأن المُسَفْسِطينَ إنما هَمُّهم الأكبر شغل الوقت فيما لا يفيد و لا يغني ولست أملك رفاهية الوقت لمجاراة السَّفْسَطَةِ بسفسطةٍ فيضيع الوقت هباء دون فائدة .

من أجل هذا أردتُ في هذا المقال أن أوضح المنطقية الفلسفية التي تحكم قواعد السؤال الصحي الذي يرمي إلى بلوغ حَدِّ المعرفة . خاصة ونحن نلتقي لتبادل المعرفة وليس ليتظاهرَ بعضُنا على بعضٍ أو يحاولَ أحدُنا إفسادَ طرح أخيه لمجرد الرغبة في إفساد المعرفة .

بداية – وكما حدد المناطقة والفلاسفة – فإن للسؤال أركانًا أربعة إذا اختل أحدها فَسَدَ السؤالُ هي :

* السائل .

* المسؤول .

* المسؤول به .

* المسؤول عنه .

(١) السائل : ويكون فساده بأن يجيء معاندًا مُعَاجِزًا مُتَعَنِّتًا أو هازلاً مُتلاعِبًا لا مجيءَ مستفيد أو كاشف عن حقٍّ ، و يُعلَمُ ذلك منه بأن يسألَ عن الواضحات من باب السفسطة .

و في ذلك يقول فيلسوف العرب المتنبي :

و ليسَ يَصِحُّ في الأفهام شيءٌ

إذا احتاج        النهارُ إلى دليلِ

وقاعدة سلامة السائل “ما ثبت فيه الإبهام صح عنه الاستفهام”

(٢) المسؤول : و فساده بأن يكون ممن لا يفيد سؤاله ؛ إما بالأصالة كالعامِّي الذي لا يعلم أو الصبي الذي لا يفهم والجماد الذي لا ينطق والصوان الصامت أو بالعَرَض كالمجنون والمغمي عليه وأشباه ذلك .

(٣) المسؤول به : ويكون فساده بأن يتضمن إبهامًا وإجمالاً لا يحتاج إلى استفسار والمسؤول له الخيار إن شاء سكت و إن شاء نَبَّه على وجه فساده و إن شاء استفسر ثم أجاب و إن شاء أجاب بدون الاستفسار إذا فهم المراد من السؤال أو يمتنع متعمدًا .

(٤) المسؤول عنه : و فساده أن يكون غامضًا يتعذر الوقوفُ عليه و تَعَذُّر الوقوف عليه تارة يكون مطلقًا وتارة يكون بالإضافة إلى المسؤول كسؤال مبتدئ في نوع من العلم عن دقائقه .

و صحة السؤال بانتفاء الخلل؛ بأن يكون السائل مستفيدًا أو مفيدًا ، و المسؤول أهلاً و السؤال بَيِّنًا والمسؤول عنه قريب الاستخراج للمسؤول عن مقدماته .

و في الأخير ؛ إن لم تكن مالكًا لحجة و برهان يدعمان رأيك أو مخالفتك فاعلم أنه لا قيمة لطرحك و هو لا يعدو كونه من سفسطة القول و غثائه .

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: