صديق في شَرَكِ الغدر!

الدكتور عبد الفتاح أحمد
مثل كل الصغار في كل البلاد بمدنها وقراها، بأحيائها وأزقتها ..شبّا سويًا يلعبان في الحواري ، يقتسمان الخبز ..لا يكادان يفترقان كأنهما وُلدا معًا توأماً لأمٍ واحدة .. اشتد عودهما.. ومرت الأيام والسنون .. وأجبرت كل منهما على الفرقة والرحيل إلى بلد غير بلده .. يمشي في مناكبها ويقتات من رزقها .. لعله يجد في حياته رفاهية وسعة ..مرت السنوات وعاد الغائبان ، وشاءت الأقدار أن تجمع بين الشتيتين .. تقابلا وقد غطى الشيب من الرأس جوانبها .. نعم هما الآن في الأربعين من عمرهما ..تقابلا وتسامرا وحكى كل منهما قصته .. أحدهما وافر الحظ ، بسط الله له الرزق.. وأغدقت عليه الدنيا من خيراتها ، والأخر حظه منها قليل ..قَدَر الله عليه رزقه، شكى لصديقه حاله..فطمأنه وقال له أنت أخي تقاسمنا الطعامَ سويًا ونحن صغار ، هذا مالي وضعته في هذه المزرعة من البقر والغنم ، قم بإدارتها ولن أاتمن أحدًا غيرك .. ولك أربعون بالمائة .. وأنا سأواصل سفري لأقضي بعض المصالح وأشتري شاحنة تنفعنا في هذا المشروع .. اتفقا معًا .. سافر الصديق صاحب المال وبعد سنوات رجع من السفر، وقد أنهى خدماته، وحمد الله على مشروعه يكفيه ويستقر في بلده .. طرق الباب لم يرد أحد .. ذهب إلى المزرعة، وقابل صديقه وسأله كيف حالك ؟ وكيف حال المزرعة ؟ قال له :أي مزرعة إنها مزرعتي ومسجلة في الشهر العقاري ومرخَّصة بسجل تجاري ..لم يكمل لأن صديقه قد سقط أرضًا فالقلب لم يتحملْ طعنة نافذة غير متوقعة ..نظر إليه وهو يلفظ أخر كلماته : يا صديقي، هل تذكرت يومًا أننا تقاسمنا الخبز ..!!