حمادة عبد الونيس يكتب : سوني هانم ………!!
العرق دساس، ذلك أمر لا ريب فيه !!
في حارة الغجر تقبع سوسن بنت أبو جبل النازي وشهرتها “سونيا تساهيل “منذ نصف قرن في عمارة ميشيل التلمودي آخر يهودي رحل عن الحارة وله فيها من أبناء الليل وبناته ما لا يحصيه عد ولا يحصره رصد !!
شاخت الأيام وشاهت الليالي ولا تزال سونيا متصابية لعوب لها قوانين لا تحيد عنها وخطط مرسومة لا تفرط فيها ،تضع بروتوكولات جدها صهيون بين سحرها ونحرها تقرؤها كلما دب فيها الوهن أو نال منها الفتور فإذا هي قوية فتية من بعد ضعف وشيبة!!
كلما خرجت تلقفتها عيون الجوعى الذين لا يقربون اللحم إلا مرة في العام على ظهورهم أحزمة نارية من أثر سياط ساكن القلعة !
تمارس عملها جهارا نهارا وهل لأحد عليها من سبيل ؟!
إنها تتغني بالقانون وتردد عبارات لا ينكرها إلا مختل معتل :”أحلى من الشرف مفيش”!
يبيع عواد داره التي ورثها عن أبيه الأعور المتعوس فلا يقوى أحد على دفع ثمنها سواها فهي وحدها من ترقد على الصفراء والبيضاء ،يؤمها عند المساء البهوات والبكوات أصحاب الطرابيش فينثرون الذهب على ذوات القدود والنهود لهن لعاب يسيل على تأوهات الحسناوات وتنهيداتهم !
يهيم الدراويش وجدا ليس في جيوبهم قروش لكنهم يسبحون بحمد صاحب الحضرة حيث القدور ممتلئة فواحة عدسا وبصلا وخبزا مقددا :”كل واشكر “ومن حمد الكريم زاده !!
كانت سونيا ذات دهاء ومكر فلم تكن لقمة سائغة كما يظن الواهمون فلم تكن تعطي بلا مقابل والمقابل جد كبير لم تحب أحدا من سكان الحارة إنها صادقة مع نفسها حتي المنتهى !
من يحبك يا سونيا لا يحب فيك سوى لحمك الغض وجسدك البض وسخونة جسدك التي تخرج الرطوبة من جلود المارقين المشردين !!
نصبت شباكها حول لملوم أبو عريضة آخر أبناء شيخ خفر كفر عسكر الذي ورث عن والده ألف فدان أخذها سلبا ونهبا حتي سارت بمظالمه الركبان ودعت عليها كل حامل ومرضع !
باع أبو عريضة الألف فدان واحدا تلو الآخر وألقى بثمنها في حجر سونيا كلما هشت له تراقصت أوصاله وضربته هزة عنيفة حطمت كيانه :
أبو عريضة سيد الرجال ابن الأكابر تطلقها سونيا مصحوبة بتنهيدة ،تعمر له الشيشة الذهبية تغمسها بقطعة بنية تشد منها أنفاسا تنفثها في وجهه دخانا أبيض كثيفا له رائحة تذهب بالألباب ،يطير عقله ،يخلع ملابسه لا يفيق إلا مع مطلع الفجر يخرج حافظة نقوده ،يفرغ كل ما فيها بين يديها ،تمد يدها إليه فيقبلها في حركات صبيانية!!
عند الصباح يقصد الأرض فيسب الفلاحين والمزارعين الذين جاء بهم ديفيد الإكويني الذي سمي نفسه سميح الحافي وعرف بين الكفر بشيخ تابنجر التجار !!
يستشيط أبو عريضة غضبا :
من أنتم ؟!ومن أين جئتم ؟!
تبا لكم !
ما أنتم وآباؤكم إلا عبيد إحساني ورثتكم عن أبي مع بغال كثيرة وخيول وماشية وضأن وماعز!!
أتنكرون ذلك ،ردوا علي ، من مكر الفلاحين الذي يجري في عروقكم لن ينجيكم مني ،فالسياط التي ورثتها عن أبي مازالت في يدي ،سأوجعكم ضربا وسوف أمزق ظهوركم كما مزق أبي ظهور آبائكم من قبل حتى تثوبوا إلى رشدكم!
إنما أنا سيدكم وابن سيدكم أيها الأوغاد !!
يسرع ناحيته سميح الحافي في مكر ودهاء :
كلنا هنا تحت أمرك يا سيدنا أبا عريضة !
التزم الهدوء سيدي؛فإن صحتك تهمنا وتهم سونيا هانم أيضا ،يخرج قارورة كنياك معتقة يدفعها إليه :
اشرب يا سيدي فالأرض أرضك والرجال رجالك ،اشرب فإني جئت للتو من عند سونيا هانم وكانت تسأل عنك كل من مر وحالها لا يسر ،يبدو أنك سكنت قلبها يا خبيبي !!
هل سألتك عني حقا يا كبير التجار !
أما سؤالها فحقيقة وأما كوني كبير التجار فهذا من لطف وكرم سيدنا أبي عريضة ،كلنا صغار أمامكم !
ينظر إليه وقد لعبت الخمر برأسه فترقصت سونيا أمام عينيه يراها دون ثياب تداعبه وتلاعبه لها غنج وتأوه!
سميح !!
لبيك يا كبيرنا !!
بقيت قطعة الأرض التي تقع في حوض “العمدة “
خمسة أفدنة وإني بعتها لك بألف جنيه !!
سيدي هذا الثمن غال جدا وليس معي ولن تجد من يدفع لك فيها أكثر من مئتي جنيه !!
خذها يا سميح !
بمئة يا مولاي!
موافق يا ابن اليهودية !!
وقع على هذا العقد الأخضر يا ابن المفترية!!
فليحفظ الرب لنا سونيا فلولاها ما اشترينا منك شبرا واحدا أيها الأرعن ،ألا قاتلك الرب وآباءك الأولين !!
يذهب أبو عريضة إلى سونيا فلا يجد يجد لها أثرا كأن الأرض انشقت وابتلعتها !!
يهيم على وجهه ليالي وأياما حتي كانت نهايته غريقا في مصرف أبو عريضة الغربي وقد تحلل جسده !
تغير سونيا نشاطها واسمها وتتزوج من سميح ويتم تغير القرية إلى منتجع سياحي يؤمه الناس من كل أنحاء العالم ويذيع صيت سميح فيصبح عضوا في البرلمان وعضوا في المجلس الأعلى للثقافة وتصبح سونيا التي أصبح اسمها سوني هانم سفيرة للنوايا الحسنة وعضو عامل في المجلس الأعلى للأمومة والطفولة وعضوا منتدبا من الأمم المتحدة للإشراف على المناهج !!