جنة العشاق
جنة العشاق

علي أحمد
إني أقيم بجنة العشاق
البدر خلي والنجوم رفاقي
والروض قلبي والخمائل مهجتي
والشعر روحي والهوى ترياقي
قد سرني هذا الجمال وهزني
حتى حلمت بضمة وعناقِ
وسكنت في وادي العيون متيما
أروى الفؤاد بخمرة الأحداق
وشربت من تلك العيون مدامة
صفو العيون يُذِيب صفو الساقي
لم ترن عيني للمُدامة قبلها
كذب الوشاة إذا رموا أخلاقي
ذنبي بأني في الهوى متفرد
أرعى الجمال بهمة الحذاق
في جنة العشاق قلبي سارح
بين الزهور وعطرها السبٌَاق
لما رأيتُ زهور عبلة زرتُها
وهويت فوق الإقحوان الراقي
وزهور ليلى والرباب و أختِها
وتألقت لبنى مع الإشراق
في كل قُطْرِ ما يزال عبيرُها
من نيل مصر إلى فرات عراق
مازال فيهن الوفاء لعاشق
قطع الفلاة بغُلة الأشواق
مازال يدفعه الحنين لدارها
قد زارها من قبلُ كالسرُّاق
أين الحياةُ إذا الأحبة غادروا
روح الفؤاد ويمموا بفراق
فالعشق زاد واللقاء مياهه
أيفيض بعد تفرق بتلاقي؟!
والعشق طهر و المحبة شرعة
من ذا يساوي العشق بالفساق؟!
العشق نار ما ألذَ لهيبَها!
خير الطعام يطيب بالإحراق
لاخير في دنيا تجلمد أهلُها
حتى غدوا في عزة وشقاق
إن الجماد يرق حين تبثُه
سحرَ المشاعر يا ذوي الأعناق ؟
ما يستطيب من الحياة سوى الهوى
هبة الكريم ومنحة الرزاق
هَجْرُ السرور قرينُ هجرِك للهوى
فمتى تلوذ بجنة العشاق؟
إني رأيت بها الحياة جلية
وعدَ الحبيب ولهفةَ المشتاق
يا أيها الوهم المسافر في الضنى
عد للجمال على جناح براق
لو ذقت ما ذاقوا لذقت سعادة
فوق التصور والسنا الرقراق
في جنة العشاق قلبك جنة
خضراء تُروُى من سهاد مآقي
والروح تزهر بالضياء عجائبا
في أنفس لم تلتحف بنفاق
والعين تبصر في الوجوه بشاشة
علوية الأنداء و الأذواق
من لم يزره العشقُ أظلم قلبُه
وغدا سجين الوهم والأطواق
فعلام تحيا كالصخور وكالدمى
فيك الثراء.. تعيش بالإملاق
والماء صوبك.. كيف تبقي ظامئا؟!
بعد النجاة تلوذ بالإغراق؟!