جريمة (ولد الهدى و الكائنات ضياء)

جريمة (ولد الهدى و الكائنات ضياء)

الناقد عبد الله جمعة

 

الأستاذ الإعلامي على قناة النيل الثقافية – لست أعرف اسمه – في الحلقة التي استضاف فيها الصديق الحبيب  د.السيد العيسوي عبد العزيز  احتفالا بمولد نبي الهدي – صلى الله عليه و سلم – قرأ البيت الأول من قصيدة “وُلِدَ الهُدَىٰ” هكذا :

وُلِدَ الهُدَىٰ و الكائنات ضياء

بواو الحالية و هو مخالف لأصل ما قاله شوقي  الذي منطوقه :

وُلِدَ الهُدَىٰ فالكائنات ضياءُ

و للوهلة الأولى حين يتلقى المتلقي تلك القراءة التي قرأها المذيع يظن أن لا فرق .. و لكن الفرق بَيِّنٌ شديدٌ شنيعٌ غاية الشَّناعة .. فلو كان شوقي قالها بالواو لسقط من عليائه و نُزِعَتْ منه إمارة الشعر كما تنزع الرتبة من ضابط خان وطنه ، و نزعُ الرتبة من شوقي – إن كان قالها كما قالها المذيع – إنما لأنه خان النبي صلى الله عليه و سلم ..

ألهذا الحد أجرم الإعلامي حين استبدل الواو بالفاء ؟

نعم أجرم المذيع لأنه خان النبي صلى الله عليه و سلم …

لماذا ؟

فقول المذيع : “وُلِدَ الهُدَىٰ و الكائناتُ ضياء” بواو الحال تعني أن النبي قد وُلِدَ و حال الكائنات ضياءُ من قبل أن يولد و من ثَم نزع من النبي – صلى الله عليه و سلم – الضياء الذي أضفاه على الكائنات حين وُلِدَ و تلك مزيته التي أتى بها و هي هداية البشرية و إخراجها من الظلام إلى النور .

و أما قول شوقي و هو الحقيقة “وُلِدَ الهدى فالكائنات ضياء” فإن فاء الترتيب و التعقيب منحت الدلالة المأمولة بأن الضياء حَلَّ تاليًا بمنتهى السرعة لمجرد ميلاد الهُدىٰ المُستعار تصريحيا عن النبي صلى الله عليه و سلم ..

جهل المذيع أسقطه في خيانة رسول الله و قد ضل سعيه ويحسب أنه يُحسن صنعًا و هو يتنطع بالنبر على واو الحال …

و إني على يقين بأن الصديق الحبيب الدكتور السيد العيسوي عبد العزيز لم يفته ذلك الجرم الفادح لأني رأيت علامات الاستغراب تبدو على وجهه ملء شاشة التلفاز ، فربما لم يشأ أن يحرج المذيع على الملأ و حدسي ينبئني أنه قد نبهه في الفاصل بتلك الجريمة الشنعاء في حق نبينا صلى الله عليه و سلم .

علموا الإعلاميين – على الأقل في البرامج الثقافية و التي تخص الإسلام و نبيه – أن يحسنوا حفظ شعر الكبار لأن زلاتهم تسقطهم ليس في هوة النسيان و إنما في هوة خيانة نبيهم رأس البشرية و إمام الأئمة و هادي الأمة و مضيء السبيل للبشرية و الخلائق كلها .

نعم أيها السادة ! الحرف يفرق في دلالة المعنى و يُسْقِطُ في المعصية و الجرم ..

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: