ثَرْثَرَةٌ عَرَبِيَّةٌ
ثَرْثَرَةٌ عَرَبِيَّةٌ
شعر : د. أحمد جاد ـــ مصر
اعْقِلْ حُرُوفَكَ وَاعْتَذِرْ لِلْمِحْبَرَةْ
مَا عَادَ شَيءٌ هَاهُنَا كَي تَخْسَـرَهْ
وَاطْوِ الصَّحَائِفَ كُلَّهَا فِي خِرْقَةٍ
مَا عَادَ فِيهَا غَيرُ أَرْضٍ مُقْفِرَةْ
وَاطْمُسْ قَصَائِدَكَ الَّتِي أَبْدَعْتَهَا
قَدْ أَصْبَحَتْ عِنْدَ الْمَسَامِعِ مُنْكَرَةْ
فَالشِّعْرُ فِي عَصْـرِ الْخُضُوعِ جَرِيمَةٌ
عَصْـرِ الْقَنَابِلِ وَالرُّجُومِ الْمُشْهَرَةْ
كَلِمَاتُ حَقٍّ لَا فِعَالَ تُنِيرُهَا
سُرْعَانَ مَا تَخْبُو خَفَاءَ الْأَبْخِرَةْ
مَا تَفْعَلُ الْأَشْعَارُ فِيْ عُمُدٍ غَدَتْ
لِعَدِوِّهَا مِثْلَ الدَّوَابِ مُسَخَّرَةْ ؟!
مَا تَرْتَجِي الْكَلِمَاتُ بَعْدُ لِأُمَّةٍ
فِيْ قَتْلِ حُرٍّ عِيدُهَا وِالْمَفْخَرَةْ؟!
بِدِمَائِهِ تَسْعَى إِلَى أَعْدَائِنَا
لِتُجَدِّدَ الْعَهْدَ الْلَّعِينَ وَتَنْشُـرَهْ
مَنْ قَالَ أَنَّ الرَّأْيَ حرٌّ عِنْدَنَا؟
مَنْ قَالَ أَنَّ السَّيفَ يَحْمِي الْمِحْبَرَةْ؟
أَوْ فَلْتَقُلْ شِعْرًا كِشِعْرِ بِلَادِنَا
بِالْعِشْقِ يُغْدِقُ كَالسَّمَاءِ مُزَمْجِرَةْ
مَا عِشْتَ تَنْشُـرُ كُلَّ زَيفٍ نَبْتَغِي
بَلْ أَيَّ وَهْمٍ فِي حُدُودِ الْمَقْبَرَةْ
مَا عِشْتَ فِيْ دَرْبِ الْطُّغَاةِ مُطَبِّلاً
لِلزُّورِ تَحْيَا حَامِلاً لِلْمِبْخَرَةْ
كُلُّ الْقَصَائِدِ فِي غِلَافٍ وَاحِدٍ
وَكَأَنَّهَا عَدْوَى الرِّضَا بِالثَّرْثَرَةْ
كُلٌّ بِلَيلَاهُ الْبَعِيدَةِ مُغْرَمٌ
يَرْنُو إِلَيهَا فِى الْلَّيَالِي الْمُقْمِرَةْ
كَفْكِفْ دُمُوعَكَ لَمْ تَعُدْ لَيلَى كَمَا
كَانَتْ بِعَهْدِ الْعِزِّ قَبْلَ الْمَجْزَرَةْ
لَيلَى بِأَرْضِ الْعُرْبِ أَمْسَتْ سِلْعَةً
مِنْ بَعْدِ عِزٍّ قَدْ غَدَتْ مُسْتَعْمَرَةْ
تَسْتَنْجِدُ الْعُرْبَ النِّيَامَ دُمُوعُهَا
فَتُجِيبُهَا رَقَصَاتُ سَيفٍ مُبْهِرَةْ
وَيَلُوْمُهَا صَوتُ الْعُرُوبَةِ آسِفًا
لَاْ تُفْسِدِي خِطَطَ السَّلَامِ الْمُثْمِرَةْ
فَإِذَا دَعَى دَاعِي النِّضَالِ رَأَيتَهُ
كَالْفَأْرِ يَرْجُو الْعَفْوَ بَعْدَ الْمَعْذِرَةْ
لَا يَقْتَفِي إِلَّا حَدِيثَ خُرَافَةٍ
وَتَمَنِّيَاتٍ فِى الْفَضَاءِ مُسَطَّرَةْ
لَمْ يَحْفَظِ الْأَرْضَ الِّتِي أَضْحَتْ لَهُ
بِجِهَادِ أَجْدَادٍ لَهُ … مَا أَحْقَرَهْ !!
لَمْ يَكْفِهِ التَّفْرِيطُ فِي أَرْضٍ بِهَا
بَلْ يَبْتَغِي أَرْضِي أَنَا وَالسَّمْسَـرَةْ
أَرْضٌ بِهَا حَقُّ الرِّجَالِ مُضَيَّعٌ
لَكِنَّهَا بِأُنُوثَةٍ مُتَفَجِّرَةْ
تَسْتَكْتِبُ التَّارِيخَ مِنْ أَثْدَائِهِنْ
وَبِهِنَّ تَحْمِي أَمْنَهَا وَتُعَزِّرَهْ
وَالْأَرْضُ تَبْكِي طَيفَ مَجْدٍ وَاغْتَدَتْ
مِنْ بَعْدِ عِزٍّ بِالْخُضُوعِ مُدَمَّرَةْ
لَمْلِمْ قَصِيدَكَ وَارْتَحِلْ مِنْ أَرْضِنَا
أَوْ فَلْتَكُفَّ عَنِ النِّدَا وَالتَّذْكِرَةْ
لِاْ تُزْعِجَنَّ الْعُرْبَ فِيْ نَوْمَاتِهِمْ
بِحَدِيثِ عِزٍّ لَمْ يَعُدْ كَي تَذْكُرَهْ
كُلٌّ عَلَى دَرْبِ الْخُضُوعِ مُسَيَّرٌ
فَانْزَعْ سُيُوفَكَ فَالطَّرِيقُ مُيَسَّـرَةْ
وَانْزَعْ يَمِينَكَ مِنْ أَيَادٍ مَا رَأَتْ
غَيرَ الْجِنَايَةِ بِالْوُجُوْهِ الْمُسْفِرَةْ
فَجُيُوشُنَا الْعَصْمَاءُ مَا عَادَتْ تَرَى
بِعَدِوِّنَا إِلَّا الْحَلِيْفَ لِتَجْبُرَهْ !
بِخِيَانَةِ الْأَوْطَانِ قَبْلَ شُعُوبِهَا
بِتَنَاصرٍ بِعَدُوِّنَا مُسْتَكْثِرَةْ
يَتَسَابَقُونَ لِنَيلِ عَفْوَ كَفِيلِهِمْ
لِرِضَاهُ تَزْحَفُ أُمَّتِي مُسْتَنْفِرَةْ !
يَتَهَافَتُونَ إِلَى الْخُضُوعِ كَأَنَّهُمْ
نُسَخٌ لِأَبْنَاءِ الضَّلَالِ مُكَرَّرَةْ
وَعَلَى الشُّعُوبِ هُمُ الْأُسُودُ تَرَاهُمُ
أَوْ سَيفَ خَالِدَ قَاطِعاً أَوْ عَنْتَرَةْ !
لَاْ يُحْسِنُونَ سِوَى النَّذِيرِ بِقُوَّةٍ
وَحَدِيثِ قَهْرٍ مِنْ سُيُوفٍ غَادِرَة!
وَجُيُوشُ صُهْيُونَ الْلَّقِيطَةُ تَدَّعِي
بِالْقُدْسِ حَقًّا قَدْ أَتَتْ لِتُحَرِّرَهْ !
كُلُّ ابْنِ عَاهِرَةٍ كَذُوبٍ مِثْلُهَا
مَا شَدَّ يَومًا فِى الْخَلَائِقِ مِئْزَرَهْ !
فَأَجَبْتُ لَسْتُ إِلَى الظَّلَامِ بِسَائِرٍ
أَوْ خَاضِعٍ لِلَّيلِ حَتَّى أَعْبُرَهْ
قَسَمًا بِرَبِّ الْفَجْرِ فِي عَلْيَائِهِ
مَا عِشْتُ أَشْدُو لِلضِّيَاءِ لِأُحْضِـرَهْ
مَنْ يَطْلُبِ الْعَلْيَاءَ يَلْقَ سُمُوَّهَا
فَأَدِرْ عُيُونَكَ لِلضِّيَاءِ لِتُبْصِـرَهْ