ترانيم..!
ترانيم..!
الشاعر إبراهيم حسان
صوتُها العذبُ ترانيمُ السماءْ
ترفعُ الشالَ فينسلُّ الشذاءْ
تسكرُ الأرواحَ من عطرٍ سرى
يخلعُ القلبَ ويجتاحُ الدماءْ
تغمض العينين تهوي سحبٌ
توقفُ الأفلاكَ تجري لو تشاءْ
كيف صاغ اللهُ منها فتنةً
قد تخطى حسنُها كلَّ اشتهاءْ
كيف شفَّ الثوبُ عن قنينةٍ
لم تزل بالفلِّ بكرا في النساءْ
يا بهاءً لم يزل في ناظري
كاد أن يدنو بهاءَ الأنبياءْ
وبريقا لو تهادى في الربا
ضاحك الأزهارَ ضحكَ السعداءْ
وكمنجاتِ زغاريدِ المنى
حين تمحو دمعةً للتعساءْ
لو تمسُّ الكفُّ منها ملحدا
بين عينيها من الإلحادِ فاءْ
كلما أدنو تراءتْ جنةٌ
فوق خديكِ بها فاض النماءْ
وعيونٌ قد بدتْ نافذةً
خلفها فينوسُ من دون رداءْ
ومروجٌ كلُّها فاكهةٌ
لم يطلها مَن هفا نحو العطاءْ
والعناقيدُ تدلَّتْ حلوةً
نضجتْ في جسمها خطُ استواءْ
وشفاهٌ فوقها التوتُ رمى
خوفَه يعصرُ عنقودَ الحياءْ
كلما دققتُ في شُرفتِها
تزدهي كالوردِ من دون طلاءْ
قرطُها الناقوسُ زنديقا جرى
يضربُ النبض فيهتزُ العراءْ
كلُّ ركنٍ حين يدنو إصبعي
كي يرى ما بعده سحرا أضاءْ
يا قصيدا لم يزل في خاطري
ليس يرقاه خيالُ الشعراءْ
وجلالا لا أرى أنثى به
وتراتيلا يغنيها المساءْ
كلما في فمِكِ الريقُ جرى
بفمي سبَّح شوقا ورجاءْ
وإذا قبَّلتُه أغدو كما
ناسكٌ يسجدُ في غار حراءْ
هي في الطهر تخطَّتْ مريما
وهْي في الدفء أهازيجُ الشتاءْ
وجمالٌ قد غدا أسطورةً
ليس يحويها ابتداءٌ وانتهاءْ
ولها تاجُ الهوى العرشٌ فما
لجمالٍ أن يجاري الأدعياءْ
فهْي إن تدعُ بحرفٍ واحدٍ
سمعتْها فأجابتها السماءْ !