تاريخ الوسائل التعليمية والحضارة الإنسانية

تاريخ الوسائل التعليمية والحضارة الإنسانية

الدكتور إبراهيم  بابكر  الحاج  عبد القادر

جامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية

 

 

لقد كان هناك دورٌ للحضارات القديمة في الأرض كالحضارة الفينيقية والفرعونية ، والسامية ، والآرمية ، والإغريقية وغيرها ، فقد أسهمت هذه الحضارات وفلسفتها إسهاماً كبيرا في تقدم الحياة على الأرض ، كما دفعت الرسالات السماوية الحياة إلى تطور كبير ، فنزلتْ الرسالة على سيدنا موسى عليه السلام ، وذهب لميقات ربه ، فأعطاه الألواح فيها المواعظ ، قال تعالى : (كَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ)سورة الأعراف الآية 145 ، هذه الألواح تُعد من الوسائل التعليمية ، وورد في القرآن الكريم قصة ابني آدم عليه السلام ، فعندما قتل قابيل أخيه هابيل ، لم يعرف قابيل ماذا يفعل بجثة أخيه ، فأرسل الله سبحانه وتعالى غرابين فقتتلا ، فقتل أحدهما الآخر ، ثم حفر حفرة في الأرض ودفن الغراب القاتل الغراب المقتول ، قال تعالى : (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) سورة المائدة الآية31  ، هكذا تعلّم قابيل كيف يدفن الموتى ، وقد عدّ علماء التربية أن هذه الحادثة كانت أول وسيلة تعليمية في التاريخ ، وعن السيد المسيح عليه السلام عند نزول الرسالة كان السيد المسيح يستعمل أسلوب ضرب الأمثال للناس ليعلمهم ، وما كان نزول المائدة من السماء إلاّ وسيلة ليُثبت بها قدرة الله تعالى ، قال تعالى : (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ،سورة المائدة الآية 4، ثم بعد السيد المسيح عليه السلام ظهرتْ مدارس الأحد الدينية ، وكان الراهب كونتليان يُعلم  في إحدى هذه المدارس ، وهو أول مَنْ استخدم طريقة التعلّم باللعب ، فقد نحت العظام على شكل الحروف ، وأعطاها للأطفال يلعبون بها ويتعلمون أسماءها في الوقت نفسه ، هذه النظرية من أحدث النظريات المستخدمة في عصرنا الحاضر في تعليم الأطفال ، وأكثرها فائدة وجدوى ، وقد نادى العلماءُ المسلمين باستخدام الوسائل التعليمية والتعلّمية واستخدموها ، فالحسن بن الليثم كان يشرح لطلابه كيفية رؤية الأشياء منكسرة ، إذا وضعت في وسطين مختلفين الكثافة – الهواء والماء ، ، و” الإدريسي ” ينقش أول كرة أرضية من الفضة ، ثم جاء ابن جَمّاعة ، فقد وجه إلى استخدام الوسائل التعليمية في كتابه ” تذكرة المتكلم في أداب العالم والمتعلم” ، كذلك حثّ على استخدامها الغزالي ، وابن خلدون ، وابن سحنون ، وغيرهم ، وكانت جهود ” كومنيوس ” لها أهمية كبيرة في تطور الوسائل التعليمية ، حيث نادى بتعليم الأشياء من خلال الحواس ، وتُعد جهوده وأفكاره بداية الحركة التعليمية السمعية البصرية ، وكان ذلك في بداية القرن العشرين ،وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهر جهاز الصور المتحركة ، ويعد أول الوسائل التعليمية التي استعملت في المدارس ، ثم جاءت الحرب العالمية الأولى ، وكان لها أثر إيجابي على الوسائل التعليمية ، نتيجة إلى الحاجة الملحة ، فظهر التصوير السينمائي ، واتخدمت الملصقات الجدارية ، وأجهزة الإســقاط الضـوئي ، والمسجلات السمعية ، وفي عام ستة وعشرين وتســعمائة وألف وضع ” سكنر ” أصول التعليم المبرمج .

وفي الحرب العالمية الثانية ضعفتْ حركة نمو التعليم بالأدوات السمعية والبصرية ، وزدات نموئها وتضاغف في الأغراض العســـكرية والصناعية ، وقد استعملت أنواعاً كثيرة من الوسائل كاستخدام الأفلام التعليمية ، وأجهزة العرض ، وأجهزة عرض الشرائح ، كما استخدمتْ المعدات السمعية في تعليم اللغات الأجنبية ، وبعد الحرب العالمية ، فإن الاهتمام بالأدوات التعليمية السمعية والبصرية وستخدامها في المدارس  قد تجدد ، وكان للحرب العالمية الثانية أثرً كبير في تطور الوسائل التعليمية واستخدامها ، خاصة الموجات اللاسلكية ، مما أدى إلى اختراع الإذاعة المسموعة ، ثم الإذاعة المرئية ” التلفاز”.

وبالله  التوفيق والسداد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: