( بمشاركة مصرية ) فعاليات المؤتمر الدولي لمترجمي الأدب في أرمينيا

الأستاذ الدكتور محمد نصر الدين الجبالي
أستاذ و رئيس قسم اللغة الروسية – كلية الألسن – جامعة عين شمس
يعتبر المؤتمر الدولي الذي يعقد كل عامين لمترجمي الأدب واحدا من أهم الفعاليات الدولية في مجال الترجمة والذي يجمع كبار مترجمي الأدب من روسيا ودول العالم
ويشارك في هذا المؤتمر مترجمو الأدب من اللغة الروسية الى اللغات الأجنبية المختلفة وممثلون عن اتحاد المبدعين الروس وأعضاء اتحادات ونقابات المترجمين في العالم وعلماء ومتخصصون روس في مجال الترجمة الأدبية وأعضاء في مدارس الترجمة الأدبية في دول رابطة الكومونولث وممثلون عن المؤسسات المجتمعية ووسائل الاعلام المختلفة.
وقد نظمت الدورة السابعة للمؤتمر في روسيا وأرمينيا وجرت أعمال المؤتمر يومي 2-3 سبتمبر على هامش معرض موسكو للكتاب ثم في الفترة بين 1-4 اكتوبر 2002 على هامش معرض يريفان الدولة للكتاب. وتم اختيار بيت الأدباء بمنتجع تساخكدزور الأرميني كما كان لانعقاد المؤتمر وهو المكان الذي شهد ابداع العديد من مشاهير الكتاب السابقون والمعاصرون
ويعود تاريخ بناء ونشاط بيت الأدباء في أرمنيا الى العصر السوفيتي. وهو مبنى قديم جميل ومريح تطل نوافذه جميعها على جبال أرمينيا البديعة ومزين بتماثيل ومنحوتات رائعة
ويسعى المؤتمر الدولي لمترجمي الأدب الى دعم والارتقاء بالترجمة الأدبية ومناقشة وبحث مشكلات الترجمة الأدبية الابداعية والنظرية وتبادل الخبرات وتأسيس مدارس وورش العمل في مجال الترجمة الأدبية و تنظيم اللقاءات والتعارف بين المترجمين والأسماء الجديدة في الأدب الروسي من الكتاب والشعراء وتعريف المترجمين بالتيارات والاتجاهات الجديدة في المشهد الأدبي الروسي والمظاهر الجديدة في الحياة الثقافية الروسية
وشهد المؤتمر مشاركة مترجمين كبار قدموا من 27 دوله منها مصر و المانيا والنمسا والارجنتين وأمريكا والبانيا والهند وكوريا الجنوبية ورومانيا وليتوانيا ومنغوليا.
ويجرى تنظيم المعرض تحت رعاية وزارة التعليم والثقافة والرياضة الأرمينية ويعتبر الحدث الأهم والاضخم في مجال الأدب والنشر في أرمينيا ويتم تنظيمه بشكل دوري سنوي منذ عام 2017 ويستمر لثلاثة أيام ويضم إصدارات أرمينية وأجنبية ومسابقات في مجال الإبداع الأدبي في فروع الشعر والمسرح وأدب الأطفال وعرض للإصدارات الجديدة ومناقشات وورش عمل ولقاءات بين الأدباء الأرمن والأجانب
ويصدر المؤتمر في نهاية أعماله مطبوعة علمية تضم أبحاث المشاركين وكلمات ومداخلات الأدباء والمبدعين
وقد جرى تنظيم الدورة الاولى للمؤتمر الدولي لمترجمي الأدب في عام 2010 بمدينة موسكو ومن وقتها أصبح تنظيمه تقليدا محمودا. وقد شارك في الدورة الأولى 80 مترجما من 20 دولة ومع حلول عام 2018 بلغ عد المشاركين أكثر من 320 قدموا الى روسيا من 45 دولة. وبسبب وباء كورونا تم تنظيم معظم فعاليات الدورة السادسة في عام 2020 عبر الانترنت بمشاركة أكثر من 4000 شخصا بين مشاركين ومستمعين
شارك مترجمون من 27 دولة في المؤتمر الدولي السابع لمترجمي الأدب والذي عقد في دولة أرمينيا في الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي حيث اعتبر المؤتمر الفعالية الرئيسية لمعرض يريفان الدولي للكتاب
وقد رفع المؤتمر شعار “الترجمة الأدبية بوصفها وسيلة لدبلوماسية الثقافة” حيث قدم المترجمون دراسات وأبحاث وأوراق علمية وشارك أيضا العديد من الأدباء والخبراء من روسيا مختلف دول العالم
وخلال أيام المؤتمر تم مناقشة عدد كبير من الموضوعات حول خواص وسمات الترجمة وترجمة ادب الطفل والأدب النسوي وكيفية اعداد وتأطير المترجمين في ظل التطورات التكنولوجية والظروف المعاصرة
وعادة ما يتحدث المترجمون عن المشكلات والصعوبات الفنية ويتشاركون في خبراتهم. ولكن الجديد هذه المرة أيضا هو طغيان المشكلات والقضايا المعاصرة على جدول الأعمال. ” ثقافة الإلغاء أو الغاء الثقافة” كان ذلك عنوان أحد المشاركات كما تكرر في الكثير من الكلمات والأوراق التي عرضت في المؤتمر
كما تحدث اخرون عن دور المترجم في الظروف المعاصرة التي يعيشها العالم. وتوصل الجميع الى انه لا يمكن إلغاء الثقافة الروسية او الأدب الروسي بأي حال من الأحوال.
ونظم حفل الختام لفعاليات المؤتمر في مركز موسكو للثقافة والاعمال بالعاصمة الارمينية يريفان حيث تم التأكيد على أهمية الأدب والترجمة الأدبية ودورهما في تحقيق التبادل الثقافي حيث يعتبرا المصدر الأساسي الذي ينهل منه القراء معارفهم ومشاعرهم وكونها تمثل الوسيلة والأداة الرئيسية لنقل مشاعر البشر واحاسيسهم دون وسيط سياسي ومن القلب الى القلب ومن الروح الى الروح
كما تم التأكيد على دور المترجمين في التعريف بالمؤلفات العظيمة في الآداب المختلفة وهم بذلك يقومون بدور أعظم الا وهو صنع السلام فمن خلال الاعمال الأدبية يتيح المترجم لنا التعرف على فكر مختلف ونمط حياة مختلف وطريقة تفكير مغايرة
كما تم الحديث عن دور المترجم كوسيط بين القراء من مختلف الدول وكفاعل نشط في عملية الدبلوماسية الثقافية. فالمترجمين والأدباء من مختلف الدول قد تجمعوا في هذا المؤتمر لمواصلة هذه المهمة والكشف عن ثقافة شعب امام شعوب العالم الأخرى. وان دور المترجم ان يكون أداة تواصل ووسيط بين ثقافات مختلفة وشعوبا مختلفة
و على هامش المؤتمر تم مناقشة العديد من المشروعات العلمية و البحثية لعل من أهمها مشروع اصدار الجزء الثاني من معجم الثقافة للقرن الحادي و العشرين. و لقد شرفت بالمشاركة في اعداد المعجم و ضمن قائمة المستشارين العلميين له
و يعد المعجم مشروعا علميا عالميا رائدا صمم ليقدم للقارئ الألفاظ المستحدثة، المولدة و الدخيلة التي تعود أصولها الى لغة ما بهدف تفسير مختلف الظواهر والاتجاهات في عالمنا الحديث خلال العقدين الأخيرين، ويكشف كل مصطلح في المعجم عن مفهوم علمي أو تكنولوجي أو اجتماعي أو ثقافي أو شائع في حياتنا اليومية المعاصرة و غيرها.
كما يقدم المعجم المصطلحات العالمية الجديدة و المفاهيم المستحدثة التي دخلت أو في طور الدخول الى مجال الاتصال بين البشر على كوكبنا، بدءًا من أكثرها شهرة و شيوعا الى الأكثر ندرة .
و قد صدر المعجم في مطلع عام 2022 عن معهد موسكو للترجمة، أكبر مؤسسة حكومية روسية تعنى بالترجمة و شارك فيه 114 مؤلفا من مختلف دول العالم من العلماء والخبراء و الأكاديميين و المترجمين من قارات العالم الست. و قاد هذا الفريق العالمي الدكتور ايجور سيد الشاعر و المترجم و الباحث في الانثروبوجيا و مسؤول التعاون الدولي بمعهد موسكو الحكومي للترجمة.
و يمثل هذا المعجم أهمية كبيرة لباحثين في الأنثروبولوجيا و اللغة و الثقافة و الاجتماع ، وكذلك جميع المهتمين بالتغييرات و التحولات التي طرات على عالمنا