الوداع  الأخير  ..       

قصة

 

صبري  القن

 

لم يكن الفراق سهلا ولا البعد  ممكنا  فالمكان الذى  ألف حضوره  لم يزل كما هو  كل ما فى الأمر  أن الغاب  الذى كان يحيط بالبحيرة من أطرافها  اختفى شيئا فشيئا  بعد أن تدخلت الألة  لتجتث  هذه الحشاش  والغاب من العمق

يمكنك  الان أن تنظر  للمدى البعيد البعيد  وان تترك الذكريات  تنساب رويدا فالمكان  الذى  كان  عفنا وجائرا   بفعل  الإنسان تغير  بفعل الإنسان  ذاته  عليك اذن أن تمسك على هذه الذكريات  فلا تغلق عينيك  ولا تصم أذنيك  فلقد عاصرتها  طفلا   وهى بكر  وفاتنة  تبوح بخيراتها  وجمالها وانوثتها الطاغية   وها هي  من جديد عادت تقاوم  وتصمد فى وجه الريح  والزوابع  والانواء  والحكومات الفاشلة  حكومة وراء أخرى   يا الله   هى تأبى  وترفض أن تموت   ولذا فهى تضع كل المساحيق على وجهها كى تظل جميلة  وفاتنة  ومن قال  إنها ليست جميلة   فلا شىء يعادلها هنا  ولا فاتنة تقترب من جمالها   كان يفترش  الشاطئ   فى الصباح  يتذكر احاديثه  احيانا ويبثها شجونه  فى احايين أخرى   وفى المساء  كان  يمشى  وحيدا  وهى معه  يحضنها  فى خياله فى الرواح والمجيء  ويبوح لها بآخر قصائده  ولا يعبأ بأحد  حتى فى الليلة الأخيرة التى قرر  فيها  أن يسافر لم يكن يدرى بخلده أنه يودعها الوداع الأخير    وانه  سوف يتوقف عن اجترار الذكريات   للأبد   وانه سوف يتركها  وحيدة  بلا عشاق

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: