اللحن عند العرب (۲) 

 

 

بقلم: مراد حسين

يعرف اللحن بأنه خروج الكلام الفصيح عن مجرى الصحة في بنية الكلام أو تركيبته أو إعرابه يفعل الاستعمال الذي يشبع أولاً بين العامة من الناس ويتسرب بعد ذلك إلى لغة الخاصة إن اللحن طراً على لغتنا العربية منذ بدء الإسلام ثم طغى عليها فترة حكم الأمويين : وذلك لكثرة المخالطين للعرب من الأعاجم الذين هجروا لغتهم واستعملوا لغة الفاتحين بحكم الغلبة : فإن الناس تبع للسلطان لاسيما إذا كان للعربية صفة دينية لنزول القرآن الكريم بها وهذه اللحون كثيرة ذكر بعضها الجاحظ وابن قتيبة وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن بعض العلماء والفصحاء لم يسلموا من اللحن .
فقد نقل عن أبي عمرو بن العلاء قوله “لم أرقروبين أفصح من الحسن والحجاج وكان لا يبرئهما من اللحن وقال القفطى في ترجمة أبى على السلوبيني: لم تكن عبارته بليغه ، وقلمه في التصنيف أجود من
عباراته اللغه عند السلف لم تقل عناية التابعين باللغه عن عناية الصحابة الكرام وإن كانت ظاهرة اللحن في عصر الصحابة أقل فعناية التابعين -ومن جاء بعدهم- اللغة لم تقتصر على العلماء فقط ، بل كان الخلفاء أيضا لهم دور في العناية باللغه والحفاظ عليها سليمة بعيدة عن اللحن ،فكانوا يكافئون
من يصحح كلمة ، أو يفسر عبارة ، أو ينشد بيتًا من الشعر على وجهه الصحيح، ويحرمون من يخطئ في منطقة ، ويهون في أعينهم
وإليك بعض النصوص التي تتبعناها في غير كتاب ،تبين لك بوضوح كيف كانت عنايتهم باللغة فهذا الحجاج بن يوسف -وكان من أفصح العرب يسأل- أحد جلسائه ، وكان عالما باللغة ، ويقول له “تسمعنى ألحن؟
قال لا ، أيها الأمير إلا في كلمة واحدة ، قال في أي آية ؟ قال في
قوله تعالى : (قل إن كان آبأكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال افترقتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن
ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله …..) التوبة (٢٤) فترفع أحب قال الحجاج الاجرم ، لن تسمعنى ألحن بعدها أبدًا ،
ونفاه إلى خرسان حتى لا يذكره بخطأه قال النضر : دخلت يوما على المأمون ، وعلى إذار مرفوع ، فقال : يانضر ما هذا التقشف ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ،أنا شيخ وحر مرؤ كما ترى ،فأحببت أن أتبرد
بهذا الخلقان ، فجرى بنا الحديث في ذكر النساء ،قفل المأمون حدثنا هشیم بن بشیر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أبما رجل تزوج امرأةً لدينها وجمالها كان في ذلك سداد من عوز قلت يا أمير المؤمنين ،صدق هشيم ، حدثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن الحسن بن على بن أبي طالب (عل) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبما رجل تزوج امرأةً لدينها وجمالها كان في ذلك سداد من عوز متكئاً فاستوى جالسًا ثم قال يانضر ،كيف قال هشیم “سداد” ولم ثقل سداد وما الفرق بينهما ؟ فقلت يا أمير المؤمنين السداد : القصد في الدين والسبيل ،والسداد بالكسر من الثغر والثلمة وكل ماسددت به شيئًا فهو سداد
قال :وتعرف ذلك العرب
ويحدد الباحثون ثلاث أسباب رئيسية أدت لحصول ظاهرة اللحن في اللغة العربية كا ختلاط العرب بغيرهم وعمل غير العرب من العجم بعلم اللغة والنحو والرواية ، وإهمال التنقيط والتشكيل حسب
ما جاء في كتاب النحو اللغوي وآثاره في الفقه واللغة “لمحمد التمين إن ضوابط اللغة وقوانين الإعراب هي العاصمة من الزلل والمعوضية عن السليقة بعد أن شاع اللحن واضطربت الألسن وتأثر العرب بالعجم

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: