الظلُّ المُقَدَّس

شعر علي أحمد

مِنْ عَجْوَةٍ صَنعُوا لهُ ظِلاَ
ما إنْ أتَمُّوا قَطَّعُوا النَّخْلَا
فِيهِ رَأَوا مِليَارَ مَنقَبةٍ
هلْ مِن شَبِيهٍ هَاهُنَا؟ كلَّا
في خِفَّةٍ صَاغُوه أُغنيةً
عَبْر الأثير تُهَدْهدُ الطِّفْلَا
قالوا: غَدَا في الأرْضِ مُعجِزةً
هلْ صِيغَ مِثلُ جَلَالِها قَبْلَا؟!
هُمْ شاهَدُوا في الكونِ فِتْنَتَهُ
هُوَ يَقْهرُ الأسْقامَ، لا يَبْلَى
كُلُّ الخَلائِقِ رَوْضَهُ وَفَدتْ
بعدَ الفرَائضِ تُنجزُ النفْلَا
تَهوِي الذبائحَ تحتَ قُبتِهِ
والمالُ يُزجَى طائعًا سَهلَا
جُلُّ النساءِ أتَتْه راجيةً
زوجًا وبعدَ زِفافِها حَملًا
خالوا التمائمَ مِنه ناجِعةً
تَمْحُو السِّقامَ، تُضاعِفُ الدَّخْلَا
نَسَجُوا حِكايَاتٍ لِقُدرَتِهِ
كمْ جاءَه شيخٌ مضى شِبلَا
بلْ كمْ عَقيمٍ ضلَّ مَسْلَكُها
لمَّا رَقَاهَا غَادَرَت حُبلى!
في كَفِهِ الأموالُ ناسِلةٌ
فيها أجادَ وأحسنَ النَّسْلاَ
كمْ مِن فقيرٍ صارَ في رَغَدٍ
وغَدَتْ يداه تُعمِلق الفسلا
ظَنُّوا وهذا الظنُّ حَاقَ بِهمْ
لمَّا رَأَوْه بجَهْلِهِمْ حلَّا
حَجُوا إليه وحَوْلَهُ رَكَعُوا
كم مجَّدُوه كَأنَهُ المَوْلى!
فالشَّمعُ يُوقَدُ عندَ جَبْهَتِهِ
والدُّهْمُ تَقْرَعُ حَوْلَهُ الطَّبْلَا
مَنْ قَدَّمَ الأقْوَاتَ مُجْتَهِدًا؟
بَقَرٌ يَجُرُّ وَرَاءَهُ عِجْلًا!
والنَّذرُ يُلقَى تَحْتَهُ طَمَعًا
مِمَنْ يُقَوِّتُ عَقْلَهُ الجَهْلًا
خَلَعُوا عَليهِ جَميعَ ما ادَّخَرُوا
نَثَرُوا عليهِ الحَبَّ والبَقْلَا
إنْ عَابَ عَبدٌ فِعلَهمْ سَخِرُوا
مِمَّا يَقُولُ وَسَفَّهُوا العَقْلَا
قالوا: ضَلِيلٌ جاءَ يُرْشِدُنا؟!
تَالله ذاكَ لنَفسهِ أَوْلَى!
هَلْ كُنتَ تَرجُو هَدْمَ كَعْبَتِنَا؟
يَا مَنْ تُسِيءُ بِجَهْلِكَ القولا
وغَدًا وَلِيُّ اللهِ مُنتَقِمٌ
مِمَنْ يُخالِفُ قَولُه الفِعْلَا
إمَّا تُغادرُ مِن مَدِينَتِنا
أوْ أنْ تمِيلَ وتَدْخلَ الحقْلَا
اذْهَبْ وفَارِقْنا على عَجَلٍ
أَوْ أنْ يَصِيرَ مآلُكَ القَتْلَا
أفَكُلُّ مَن رامَ العُلا هَرَعًا
قَذَفَ الوَلِيَّ ورُوحَه المُثْلَى
أوَ كُلُّ ذِي مَسٍّ يُسَفِّهَهُ
حتى يَنالَ بِقَدْحِهِ الفَضْلا
إنَّا على عَهْدٍ، على ثِقَةٍ
لا لنْ نُطِيعَ اليومَ مُخْتَلَّا
والنَّصْبُ يَجْهلُ ما يُحِيطُ بهِ
أوْ مَا يُقامُ لِمَجْدِهِ الأعْلَى
والنملُ يَمرَحُ فيه مُنتَشِيًا
سُبحانَ مَن قدْ قَيَّضَ النمْلَا
والناسُ تَحْلُمُ أنْ يَكونَ لهَا
عَونًا ويَدفَعُ دونَها الذَّلَا
حَولَ المَقامِ تَطُوفُ قَانِعَةً
سَبْعًا وتَسْفِكُ عندَه الفحلَا
هُمْ يَغْفِلُونَ وليسَ خالِقُهُ
فخَشَاشُ أرْضٍ رَدَّهُ أكْلَا
وهَوَى المَلاذُ أمَامَهُمْ إِرَبَا
لمْ يَمْتَلِكّ دَفعًا ولاحَوْلَا
أشْلَاؤُهُ في الأرضِ قَائِلةٌ
أنَّ الذى عَبَدُوه قد ولَّى

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: