الشاعر محمود سيد يكتب : الفجر المولود

الفجــر المـولــود
يتحدثـونْ
الليل يحلُم أن يعودْ
يوماً ليحملَ وجهـه
بيـن الغيـومْ
يوماً ليلحقَ فجـره
خلف التخـومْ
فرددتٌ بابَ ظلالـه
قد خضبتْ أنفاسَـه
طعنات سيفٍ من دُخَـانْ
أشباحه عادت لترتع من جديدْ
وتنهــدتْ
خلف الخمائل صحوةٌ
كانت ترفرفُ بيننا
مثل الطريـدْ
يتحدثـونْ
أيعود فجرك حاملاً
في كفـهِ
الياسمـينْ
أيعود سيلك مزبداً
في إثــرهِ
وهـم السنينْ
أترى ظلامك عابساً
في وجهـهِ
بـاب الأنيـنْ
يتحدثـونْ
يوماً نسافر كي نرى
أشلاء فجرٍ لا ينامْ
وضفائر الليل البهيمْ
أطلالها دوماً ركامْ
كانت وما زالت لنا
كالسهم يحفر من جديد
كلَّ النوافذ داخلي
قبـل الممـاتْ
قالوا بأن الفجر مقتولٌ هناك
فظللتُ أبحث راكضاً
فـوق التـلالْ
بالليل أشعل شمعتي
بين الفيافي والقفارْ
في ظل كثبان الرمالْ
ويصيح صوتي نابضاً
فـوق الجبـالْ
يا فجر عمري إنني
مازلت أبصر حُلمنا
أن نلتقــيْ
الشمعةُ العذراءُ أوشك وجهها
أن يختفيْ
وكأنها طيف الخيالْ
أًوْ عُـوْد طِيب يحترقْ
قد فاح حولي ذكرياتُ عبيرها
أنفاسها صعدت إلى
عَـدَمٍ يرفرف يخترقْ
وجـه الفضـاءْ
ناديتُ يا فجري الوحيدْ
أتراك تحمل ما بقى
من ضوء قلبٍ ضائعٍ
مثل الشـريـدْ
أتراك تشرق يا أنا
ليعيشَ دوماً داخلي
نبض الوليـدْ
فمررتُ أسأل في شغفْ
الفجر طل من السماء ؟!
قالـوا: نعـم
لكنني ما عدتُ أبصر طيفَـه
قالوا يرفرفُ في الفضاءْ
فـوق الحقـولْ
فوق السواقي والنخيلْ
فوق الشواطئ والمواني والدروبْ
بـين البيـوتْ
قالـوا : هنـاكْ
الفجر يمـلأ كفَّـه
بالنـور يخترق الضبابْ
أترى عيوني أظلمتْ ؟!
عمياء تفقدُ في الطريقْ
ظـل السـرابْ
الفجر رفرف في العيونْ
إلا أنــا
ما زلتُ أحفرُ في السماءْ
بـأنـاملــي
بـأظـافـري
فنسجته من نور قلبي ضاحكاً
قد فاض من رحم الظلامْ
فالفجر ينبع من رحيق خمائلي
بيــن الضلـوعْ
يناير 2022
( القصير ) محمود سيد