الشاعر محمد دحروج يكتب : والآن وحدي

كــانـت وجُــوهُ الَخــلْــقِ في يـــومٍ هُـنــا
والآنَ وحــــدي بالـمـتـــاهـةِ لـم أزَلْ
الـنَّـاسُ تـجــــمــــعُ للحـيـاةِ دراهمـــًا
وأنــا أُعــبِّيءُ في جِـرارٍ مِـنْ مَــــلَــلْ
وبـــــعُــــزلــةٍ جـــــاءتْ فــــتــاةُ مــدائــنٍ
مجهــولـةٍ ، بالطُّهـر يمـلـؤهـا الخجـلْ
كـــانــت بــــأوَّل رؤيــةٍ كـفـراشــةٍ
فـوق احتمالات السُّقوطِ أو الـزَّلَــلْ
أحببُــتها حُــبَّ الرجـولـة للهُـدَى
حتَّى رأيتُ الليــلَ بالــبـــدرِ اكـــتـــمَـــلْ
كان الـحـــــديـــثُ عــن الإلـــه ودَرْبـِنـا
وعنِ الـمُـــفـــارقـةِ الـــعجـــيبــةِ والأجَـلْ
عـــــنْ آخــــر الــثُّـــوَّارِ في ســـاحِ الوغَـى
وعـن اخــتــفـاءِ مـلامح الوجـهِ الـــبَــطَــلْ
وعنِ الأُنـــوثــــةِ كـــيــــفَ غــــابَ جمـــالُها
وأتى اختـصـارُ الُحــبِّ في بعـضِ الـقُـبَـلْ
ســـــألـــتْ سُــؤالاً بـــغــتــــةً كـرصاصـةٍ :
أيـنُ المصيرُ وأنـتَ ودَّعْـتَ الأمَـلْ ؟!
إنـِّي أراكَ على الـمـكـــاره صـابــرًا
مـا زلـتَ تـرفُــضُ كُـلَّ فِـكْــرٍ مُبـتَــذَلْ
لــــكـنَّــــهُ جُــــــرْحٌ بـِنبــضكِ غــــائــــرٌ
وأراكَ عندَ الصَّمتِ يقـتُــلُـكَ الـــوَجَــلْ !
هُمْ أوجعُـوكَ وأنتَ كُـنـتَ مـلاذَهُمْ
فمتى يـُـقــالُ الُجـرْحُ طابَ أو انـدمَـــلْ ؟!
إنـِّي لأُنـصِـتُ إِذ تـُخــــبِّرُ عــــنْ هــــوَىً
فـــأرى احمـــرارًا في انكساراتِ الـمُـقَــلْ
قُــلْ لي : بـــربـِّكَ كــيــفَ يــركــعُ فـــارِسٌ
وتـُصيبُــهُ الأدواءُ دومـًا والـــعِــلَـــلْ ؟!
وأُجيبُهـا : مـا كُـنـتُ شيــئــًا هـــيِّــــنـــًا
إنــِّي بـدربـي قُـــدوةٌ أو كـالـمَــثَــــلْ
لكِـنَّـــهُ الـخــذلانُ يــــأتي بــغــــتَـــــــةً
فتـفِيــضُ نـفـسُ الـحُــرِّ يـُـقـعـدُهـا الكَسَلْ
أحببتُ ؟ ، قـــد أحببتُ يومًا مثلما
قــد عـانــقَ الفـيضـانُ أركـانَ الـجَــبَـــلْ
وبـآخـر العـشق الـــــذي يـحــتـــلُّــنــي
جــــاءَ الـــفـراقُ كــغـــاشمٍ ثمَّ اقـتَـــتَـــلْ
في الصُّبح صيَّرنــا الغـرامَ كــقـلـــعــةٍ
ومعَ الـمســـــــاءِ فــــلم أر إلاَّ الطَّـــلَــــلْ
أمَّـا إخـاءُ الــــدَّمِّ كـانَ عـــقيــدةً
وبـذلْــتُ مِـنْ سعـيـي لإصلاح الَخــلَــلْ
ثـمَّ انــــتـبهتُ فـــــإذ بــــلاءُ مســـــيرتي
بضمــائـرٍ فـــيهــا الـــوقـــاحــــةُ والـــدَّغَـــــلْ
وسألتُ نـفسي : كـيـفَ ذاكَ فما الـرَّدَى
إلاَّ الـخـيـــانـــــةُ إنهــــا الأمــرُ الـجَــلَـــلْ ؟!
أُخـتـاهُ مـا عنـدي جـوابُ غـرائـبٍ
إنــَّا نــعُـــوذُ مِـنَ الـقُـــنُـــوطِ أو الـخَـبَــلْ !
فــدعي العتـابَ وكُـلَّ لـفـظٍ مُــؤلــمٍ
إنـِّي سئـمـتُ مِـنَ المــلامـةِ والـجَــدَلْ
سـأُواجـهُ الـقـدرَ الـذي قــــد صابنـي
حـتَّى أرى في الصَّبر كَـــفًّـا قـد بـَخَــلْ
هيَّـا دَعينـي مِـــنْ حـــديـثٍ مُــزْعِــجٍ
لا يستـوي الُمــرُّ الكـريـهُ مـعَ العَسَـلْ
قـولي لـــنـــا عـنْ فـــــتنــةِ الـحُــــبِّ الـتـي
قـــد حـــيَّرتْ قــلبي ، وقُـــولي ما العَـمَـلْ ؟!
عينــاكِ سِـحْــرٌ في ابتــداءِ هُجُـومــهِ
ديـــوانُ شــعــــرٍ فـــيــهِ إبــــداعُ الـغَـــزَلْ
والـــوجــــهُ يـُــلـــقـي فِـــــتـــنـــةً قُـــــدْسِــيَّـــةً
منهـا جمالُ الـزَّهـر بالوحيِ اكـــتَـحَــلْ
واللفــظُ لا تـدري : أحكمةُ عـاشـقٍ
أمْ أنـــهُ الـصُّــوفِـيُّ لا يـدري الـدَّجَــلْ ؟!
إِنْ أقـبــلَــتْ فالضَّـوءُ حـلَّــــــقَ هـهُنــا
أوْ سَلَّمَتْ تركتْ لنا غيثًا هَــطَــلْ
مِــــنْ كُــلِّ إلـهـامِ الـبـيــانِ لـقـصَّـــةٍ
كالغَـــيْمِ بالصَّحْــراءِ في قَـيْـظٍ أظَـــلْ
إنـِّي أُحــبُّـكِ لستُ أُنــكِــــــرُ حالتي
أقــدارُنــا شيءٌ قــديــمٌ في الأزَلْ
لكـنَّـــهُ حُــــبُّ الـنُّـــفُــوس وفي غــدٍ
سنرى الذي قــد كانَ يـفنى أو رَحَـلْ
لا تعجـبي ؛ فالفيلسُوفُ بشعـرنــا
قال الـخُـلاصـةَ في سُطُورٍ أو جُـمَــلْ
إنـِّي رأيـتُ الــحُـــــبَّ وهمــًا ثـابتـــًا
ومـعَ الـنَّهــار إلى الغيابِ قــد انـتـقَـــلْ
الـحُـــــزنُ سيِّـــدتي كــــشيءٍ تــــائـــهٍ
فــإذا رآنـي نـحــو ســاحـتـنـا نَـــزَلْ
أنـتِ الصَّغــيرةُ يـــا فـــتــاةَ قـــصيدتي
وأنـــا بالــذي للمــوت أقـبـلَ وانشـغَـــلْ
لـو كُــنــتُ قــبــلَ الأربعــينَ صَــبيَّــتي
لـرأيـتِ قـلــبــًا صـارَ جمــرًا واشتـعَــلْ
ولكُـنـتُ أعـطـيتُ الـذي في جُــعبتي
وســواي لـم تـقـبـلْ عُــيُــونـُــكِ بالــــبَـــدَلْ
إنـِّي أديــبٌ والـحُــرُوفُ صِنــــاعــتي
وبهـــا سأصطنعُ السَّبيـلَ أو الـحِــيَــلْ
أدري بـــأنــِّي في الـبــلادِ مـنــارةٌ
وكــأنـَّني قَـــلَــــمُ الأساطــينِ الأُوَلْ
والـحُــبُّ إنـســانٌ بــــأرضِ حـبيبــةٍ
ليسَ الذي في الـبُعْـدِ بالشِّعـر ارتـجَــلْ
وأنــــا ابــــنُ جِــيْـــلٍ يَــغْـــتَــدِي لـنــهـــايــةٍ
قــد صـابــَــهُ عَسْفُ الـــتــجــارب بالـكَـلَــلْ
كُـونِي بخـــيرٍ ، لا أُريــدُ دُمُــوعَــكُـمْ
يكفي بشاعـركُمْ هنـا مـا قــد حَــمَــلْ
والله يــــا أُخــتَ الـجــمـــال وصِنْـــــوَهْ
مِــنْ شَعْــرَةٍ قـــد ينحـنِـي ظَـــهـرُ الـجَـمَــلْ
وأنــا كُـنُوزُ الــهَــمِّ أغــنَـتْ أُمَّـــةً
بقصائـدٍ فـوق الـجبالِ كما الـقُـــلَـــلْ
والـقـلـبُ مِـنْ بعــدِ الـحـيــاةِ كـفـارسٍ
مِـنْ أقـربِ الـخُـلصاءِ حُوصرَ وانخـــذَلْ
عُــودِي فـتــاتي حـيثُ مـوطـنُ فــــرحــــةٍ
فالـحُـــــبُّ للــرُّهــبـانِ شيءٌ مِـنْ خَـطَــــلْ