الست رتيبة 

 

 

بقلم الدكتورة/ إيمان صبري أحمد محمد

معاكم نادية 25 سنة، عايشة في بيت عيلة جوزي، في منطقة ريفية، جوه محافظة البحيرة، حياتي اتقلبت لجحيم من وقت ما اتجوزت “توفيق” حبي الأول لما كنت طفلة صغيرة، لأنه جارنا، ولحد ما كبرت، توفيق شخص هادئ، عنده 30 سنة، وشغال مهندس زراعي في مصنع حلويات كبير في المحافظة عندنا، بيتمنالي الخير، والرضا، وأنا بتمناله يكون معايا دايمًا.. بس مش كل حاجة بناخدها من الحياة، قصتي بدأت بعد جوازي بشهرين بالظبط، لما كنت عند حماتي “الست رتيبة”، وهي بالمناسبة في الستينات، وصحتها كويسة، والعيبة متطلعش من بؤها، وحمايا ميت، وهي عايشة في الدور اللي فوقينا لوحدها في الشقة.. كنا في يوم عندها، قاعدين بنحضر للعشاء أنا وهي، وخرجت أجيب أطباق الأكل الصيني، وسمعت صوت حاجة ادبت في الأرض جامد..
جريت أنا وتوفيق على المطبخ، لاقينا حماتي واقعة في الأرض على جنبها، وجسمها فيه تشنجات غريبة، توفيق شالهاونقلناها بسرعة لسرير أوضة نومنا، وهو جري راح للعيادة يجيب الدكتور، وأنا اتصلت بأخت جوزي “منة” اللي متجوزة وقاعدة في الدور اللي تحتنا، وأخوه “رفعت” اللي ساكن في الدور الأرضي، ومطلق. كلهم جم، كانوا قلقانين على حماتي، اللي فضلت في السرير بتتشنج، وبتتنفس بصعوبة شديدة، وزوج “منة”، اللي اسمه “زكريا” سألني:
-أنتوا كلمتوا دكتور يجيلها ؟
قولتله:
-أيوه، توفيق راح يجيبه.
بصلي بنظرات من الخبث وقالي:
-طيب عرفتوا حجج ملكية البيت فين ؟
“منة” بصتله بنظرات من اللوم والعتاب، و”رفعت” أخوها مسكه من رقبته، وطرده بره الأوضة، وزعقله:
-يا أخي أنت مبيهمكش غير الفلوس، وجمع الثروة، خلينا في المصيبة اللي فيها، أقسم بالله أمي لو حصلها حاجة، هعتبر إنك السبب وهوريك نار جهنم على الأرض.
“زكريا” لأنه جبان، وجسمه هزيل، فضل يعتذر، وقاله:
-حقك عليا، والله ما قصدي، أنا بسأل علشان في حد غريب هيجي البيت وممكن يعمل حاجة.
“رفعت” قاله:
-والله ما في غريب غيرك، وربنا بلانا بيك.
“منة” خرجت من الأوضة، وقعدت تعتذر لـ”رفعت”، وباست راسه، فسابها ومشي، وخلت “زكريا” ينزل من الشقة. ورجعت للأوضة وفضلت تبوس في إيد والدتها وتعيط… بعد حوالي عشر دقائق “خالد” جاب دكتور المستوصف اللي جنبنا، وبدأ يقوم بشغله، تابع الضغط، السكر، وسألني بما إن أنا اللي قريبة من حماتي في البيت، وكان باين عليا إن زعلانة عليها جدًا:
-هي الست أم توفيق كلت أي حاجة من بره الأيام اللي فاتت ؟، أو مثلاً كلت حلويات أو حاجة حادقة ؟
فكرت شوية، وقولتله:
-لا بالعكس هي محافظة على أكلها بقالها فترة.
الدكتور مسك إيد حماتي وإداها حقنة، وبعد دقائق بسيطة جسمها هدي، وراحت في النوم، و”توفيق” سأل الدكتور:
-هل محتاجة نوديها مستشفى يا دكتور ؟ أرجوك طمني.
قاله:
-لا، هي جسمها هدي دلوقتي، أنا بس محتاجك تتصل بالمعمل يجيلكم البيت، وتعملي التحاليل اللي كتبتهالك في الورقة دي.
-حاضر يا دكتور، بس أكيد هي كويسة دلوقتي ؟
-صدقني متقلقش عليها، يلا سلاموا عليكم.
الدكتور خرج، “رفعت” راح معاه يوصله، علشان يحاسبه، و”منة” فضلت ماسكة إيد والدتها وبتعيط، وقعدت تقولها بصوت منخفض:
-سامحيني، سامحيني.
“توفيق” وقتها كان بيكلم المعمل، وبيقولهم على التحاليل المطلوبة بتركيز خاصة إنه بيعرف إنجليزي كويس، ماشاء الله عليه، فمحدش سمع “منة” غيري، فنا قربت منها، وسألتها:
-تسامحك ليه يا حبيبتي، أنتي معملتيش حاجة ؟
“منة” مردتش عليا، بعدها سحبت نفسها، نزلت شقتها، وأنا فضلت باقي اليوم قاعدة جنب حماتي… لما الوقت اتأخر كان باين على “توفيق ” التعب، فطلبت منه يروح ينام كام ساعة، وأنا هفضل جنب حماتي، بصعوبة وافق، ودخل ينام، وأنا قمت جبت سندوتش ومياه، وطفيت نور الأوضة، ورديت بابها، كان في إضاءة بسيطة جاية من الباب، وقعدت جنب حماتي.. كلت السندوتش، وسمعت حماتي بيخرج منها صوت حشرجة كأنها بتغرق في البحر، قربت منها شوية، حطيت إيدي على صدرها، الصوت اختفى، فجأة لاقيتها مسكت إيدي بقوة شديدة، فضلت تشدني ناحيتها، وعلى الضوء الضعيف، شوفت عينيها الاتنين لونهم أبيض، كانوا مفزعين بجد، والسرير بيتهز بيها بشكل مرعب، حاولت أمسك نفسي من الصراخ علشان متحصلش مشكلة، لكن حماتي كانت عمالة تشد فيا بقوة.
ومع الشد لاقيت لسانها اتحرك، وبدأت تتكلم وتقول حاجات غريبة، كانت بتقول بصوت منخفض:
-يا خدامي، يا خدامي، باسم بهاتير، أطلب رحمتكم، وعونكم، باسم العالم السفلي، أرجوا منكم عوني، ورفعي لعنان السماء، باسم الجن والشياطين، وعزرائيل، وكل أسماء المصطفين، قربوني منكم.
فضلت تكرر الكلام الغريب ده، وصوتها عمال بيحشرج جامد، وبقى شبه الرجالة، مقدرتش أعمل حاجة غير إن شديت إيدي جامد منها، وقعت على الأرض، شوفت خيال أسود ضخم وعريض طلع من تحت سرير حماتي، وقام نزل على جسمها، دخل جواها، ووقتها هي فضلت تتهز جامد، وخرج من بؤها عصارة صفراء، ورجعت كتير أوي، أنا جريت بسرعة ونورت الأوضة، لما بصيت عليها، لاقيتها واقعة على وشها، مش قادرة تتنفس، وبتقول:
-أه… أه… الحقوني… هموت.
جريت عليها، حاولت أعدلها على ظهرها، بس جسمها كان تقيل، فندهت على “توفيق ” بصوت عالي، جالي جري، لما شاف المنظر وقف لثواني مخضوض، مش فاهم، بعدها قام رفع والدته، وحطها على السرير، وسألني بعصبية:
-إيه اللي حصلها، أنتي قاعدة معاها علشان تقع بالشكل ده، إيه مش شايفة دورك كويس ليه ؟، أنا مش مقصر معاكي في حاجة، ولا مخليكي ناقصك حاجة.
حلفتله، بأن حاولت معاها، بس مقدرتش، وحكيتله اللي حصل، فقطع كلامي:
-مش وقته… مش وقته.. حقك عليا أنا أسف، نتكلم بعدين.
بعدها “توفيق ” فوق حماتي، وجبلها مياه، وفاكهة، وهي كان باين عليها الإرهاق الشديد، عمالة بتبصلي بنظرات من اللوم علشان الوقعة اللي حصلتلها، و”توفيق “، سألها:
-ماما، حاسة بإيه دلوقتي ؟
اتكلمت بصوت مبحبوح:
-تعبانة، جسمي متكسر، وباخد نفسي بالعافية، بس جعانة أوي.
قولتلها:
-سلامتك يا حبيبتي، هتقومي وتبقي زي الفل إن شاء الله.
“توفيق ” قشرلها موزة، وكلتها… بعد حوالي ساعة تقريبًا حصلت حاجة غريبة
حماتي قامت من سريرها، كانت صحتها كويسة، ووقفت كمان في المطبخ، صممت تعملنا فتة باللحمة، “توفيق ” فضل يتحايل عليها ترتاح، وأنا قولتلها، “هعملك اللي عيزاه بس ارتاحي”، لكنها رفضت.. كانت مبسوطة، حاسة إنها خرجت من السجن، بس “توفيق ” مكنش مطمن، فكلم المصنع بتاعه وطلب يومين تلاته إجازة. بعد كام ساعة الصبح طلع، فجيه حد من معمل التحاليل، وخد كذا عينة دم من حماتي، وبول، وبراز، بعدها مشي، وحماتي فضلت واقفة في المطبخ، واتصلت كمان بـ”منة” و”رفعت” وقالتلهم “غداكم النهاردة عندي، أنا بقيت كويسة”.
وطبعًا هما مكنوش مصدقين، والحقيقة بعد اليوم اللي شوفته امبارح كنت تعبانة أوي، فستأذنت منهم، ودخلت أوضة الأطفال اللي مجهزينها علشان لما ربنا يكرمنا بأولاد، قفلت الشباك بالستارة، وقفلت الباب، طفيت النور، واتغطيت باللحاف من البرد القارس. الإضاءة في الأوضة كانت هادية، الجو شاعري جدًا، يخلي أي حد ينام، بس أنا مقدرتش، لأن حسيت بأغرب شعور، حسيت بحد جسمه متلج نايم ورايا، ومتغطي باللحاف، فضلت لثواني متنحة، مش عارفة أتصرف إزاي ؟، الجسم ده كان عمال يقرب مني أكتر، أكتر، فأنا بسذاجة سألت:
-توفيق أنت هنا ؟
مجاليش رد، فجيت أقوم بسرعة من السرير، لكني مقدرتش، رجليا اتشلت حرفيًا، مقدرتش أحركها نهائي، كنت متسلسلة، حاولت مرة وأتنين وتلاته، الجسم اللي ورايا، قرب من ودني، وقالي بصوت يرعب:
– يا خدامي، يا خدامي، باسم بهاتير، أطلب رحمتكم، وعونكم، باسم العالم السفلي، أرجوا منكم عوني، ورفعي لعنان السماء، باسم الجن والشياطين، وعزرائيل، وكل أسماء المصطفين، قربوني منكم.
الكلام ده نفس اللي قالته حماتي، يعني نفس العامل مشترك، لفيت راسي لورا بصعوبة، وكانت صدمتي لما شوفت حماتي نايمة ورايا….
انتظروا الجزء الثاني من قصة الست رتيبة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: