الدراما بين الواقع والخيال وقوة التأثير

الأستاذ الدكتور رجب إبراهيم
تحاول الدراما أن تربط بين عالمين أحدهما واقعي والآخر خيالي عن طريق المحاكاة التي تستلزم استدعاء الزمان والمكان والأصوات لتتم عملية الربط بين العالمين. واستنادا إلى تلك العلاقة بين العالمين وضعت “نهاد صليحة” تعريفا للدراما على أنها:” نشاط معرفي، واع، حركي، جماعي، تمثيلي”
وثمة اختلاف بين النص بهيئته المجردة المكونة من حبر وورق، والنص بوصفه ذبذبات صوتية وموجات ضوئية، ثمة اختلاف.
وتزداد أهمية الدراما في علاقتها بالجماهير في اعتمادها على التليفزيون الذي يجمع في تكوينه خصائص المسرح والسينما ويختزلهما داخله أو كما يقول علي عزيز بلال:” التلفزيون كوسيلة إعلام جماهيرية يجمع بين خصائص كل من السينما كلغة بصرية، والإذاعة كلغة سمعية، والحركة كلغة مسرح، فضلا عن إمكانية استيعابه لخاصية الصحافة كلغة مقروءة”
والدراما التاريخية نوع من أنواع الدراما المتعددة، تتخذ قوامها ومادتها من أحداث التاريخ الفائتة فتحكي الأحداث المؤثرة في تاريخ الأمم، واللحظات الفاصلة في توجيه تاريخها، فهي تجسد لنا الماضي لتقرب لنا هذه الأحداث التي لم نعشها، وتساعدنا في وضع تصور لتلك الأحداث والوقائع، ومن ثم نُكوِّنُ رأيا تجاه الأحداث، ونتخذ موقفا مسايرا معها أو مغايرا لها، وذلك من خلال إدراك العلاقة بين اللغة والدراما.
ويوضح وليد سيف أهمية الدراما في فهم النصوص الأدبية والتذوق البلاغي فيقول:” ولئن كان جل الناس قد عزفوا عن قراءة النصوص الأدبية المكتوبة، قديمها وجديدها، فإن الوسيط الدرامي المصور أقدر الآن على الوصول إليهم ومخاطبة ذائقتهم بلغة أدبية حية تتوسط السرد والمادة الحكائية الجذابة بشخصياتها وأحداثها المشخصة، فيستقبلها المشاهد في سياقاتها الوظيفية. ذلك ما كان من أمر اللغة في أعمالي الدرامية التاريخية”
وثمة اختلاف في الدور بين المؤرخ والمؤلف الدرامي (السيناريست) على الرغم من اتفاقهما في الموضوع لكنهما يتباينان في المعالجة له، فهمُّ المؤرخ تقديم صورة مجردة للماضي دون زيادة أو نقصان، أما المؤلف فيتخذ من التاريخ رمزا يستطيع أن يعالج به قضايا حالية، أو يستعمله إسقاطات للواقع تاركا للمشاهد فك رموز هذه الإسقاطات من خلال العمل الإبداعي الذي يقدمه المؤلف.