الجنس الرابع !

الجنس الرابع !

 

حمادة عبد الونيس

 

تحدث إلى صديقه حديث صدق فأخذ منه ورد هكذا قضوا سحابة ليلهم مشرقين ومغربين لم يكن لكلامهم كبير فائدة إذ إنه محض أحلام لم يتجاوز تراقيهم إنهم كانوا يخشون جنية النهر التي تختلس النظر نحوهم ترميهم بشرر كالقصر فيبتلعهم الخوف يخرون مصعوقين :يا ويلنا من بالفتنة الحمقاء قد أغرانا؟!

لابد أن صاحب المحبرة يسود الحروف وفيها الحتوف مزمجرات  !!

لم نفقه يوما حكمة العجوز ساكن القبور :”على قد  لحافك مد رجليك “.

لقد جئنا هنا خطأ هكذا يردد العراف ساكن درب الجماميز يضرب الرمل يوما بعد يوم ،يكشر عن أنيابه كلما مر عليه أسود غليظ الشفتين عاري الجسد حافي القدمين ؛لقد توحش هذا العالم وأوشك على الانفجار لابد من تخفيف الحمل قبل حدوث الكارثة ؛تحيا السلالات الملوكية ،تعيش العقول المفكرة المسيطرة،صاحبة القرار وحرية الاختيار في هذا العالم ،لامكان لعالم القردة ،آن الآوان أن تختفي العجوز بأهلها ،إنها جبلت على الانقياد والمذلة منذ فجر التاريخ وهي تسرق ،تنهب ،تغتصب ،تذبح،لم تحرك ساكنا ولم تقل مرة واحدة للغاصب المعتدي:”شلت يداك “.

بل باركت فعله وجندت خنافسها لخدمته والقيام على راحته ،كرهت النسور ،حبستها في الشباك ؛قصقصت أجنحتها وقدمتها وليمة لكلاب المبرنط السحار !

صهلت خيولها فأعملت فيها مشارط الإخصاء ذبحت فرسانها طعاما لأصحاب العيون الزرقاء والأيادي البيضاء الناعمة !

الذئاب تفتك بالحملان منتشية بإهارق دمائها وبقر بطونها وإلقائها للغربان تنعق متصايحة تستدعي أقرانها :هلموا إلينا تجدوا بغيتكم دون عناء !

الحمامات البيضاء هجرن أشجار السنط فقد احتل أعشاشهن أفاع رقط يلتهمن أفراخها حمر الحواصل ،القوة التي تتوغل دون رادع مفسدة !

الراعي القديم لخص الأمر في حزمة الحطب ثم عقبه الشاعر المفلق يعلم الناس في البوادي والحواضر :

“تعدو الكلاب على من لا ذئاب له

وتتقي صولة المستأسد الضاري “!

لم يفطن عشاق المذلة إلى ما تحت أيديهم من نعم حباهم الله إياها بل عادوا كل مخلص يرجو النجاة لهم وهذا الكيد في الناس قديم ؛تحدثني جدتي التي شارفت المئة :من عض اليد الممدودة له بالخيرات قبل القدم التي ركلته خسة ونذالة!!

كل صباح ومساء حتى يصير تقبيلها إدمانا فلا يرضى بغيره ولا يحيا إلا به !

لم يكن بائع الترمس المليجي مجنونا لقد كان يعتلي ظهر حماره الأذعر وينادي بصوته الجهوري :”ترمس ،يطهر الأمعاء ،يطرد الديدان ،يعالج المس “.

عالم ورق ورق ،القوي فيه منتصر والضعيف يحترق !!

يا صبية شدي الحيل ،واطبخي المرق ،واعجني الصبر خبزا ،ها هو الصبح قد شرق !!

هنا الملعب بلا كرة ولا لاعيبة

هنا الكلام رفع سعره وأصبح له ضريبة

وصبي العالمة في فريق حراسة

أقل بغل حامل على كتفه قناصة

والعالم قريح جريح منزوع الهيبة

حافظة نقوده سكنها البين

واستحل ماله جموع الهليبة!

كانت الشمطاء السوداء المنسلخة من جذورها ،ساكنة البيت الثلجي تستقلها طائرتها من عاصمة إلى عاصمة وجميع قرارتها صادمة لكن الكراسي الخشبية كانت تصفق لها بحرارة وتشيد بذكائها والجدارة !

جمعت بين الشيء وضده وأقنعت أذيال العالم أن مهد المستقبل عين لحده ؛الفوضى الخلاقة ،والدماء المراقة والفيروسات المصنعة والأعاصير المسيرة المغراقة !

لقد حسمت القضية والعميان لا يبصرون تتناوشهم الثعالب وقد ذبحوا خيولهم وتحيط بهم الذئاب ولم يعد يجدي العتاب فأقصى أمانيهم انتظار الذي غاب في السرداب ولم نعلم له مدخلا ولا الباب إنما هي فتنة قديمة ونحن من آثارها في احتراب واغتراب لم يشفع لنا دعاء ولم نخلص يوما وقوفنا خاشعين في المحراب !

بعنا الجمل بما حمل حتى الشاة والحمل والآن نبكي ملكا لم ننهض لنجدته !

لقد كانت خيوط اللعبة مكشوفة لذي عينين لكن هيهات أن يفيق أهل السبات المعدودين في الأموات لقد أضلهم السامري وأذاقهم مرارة الاستعباد القهري لما وجدهم أيدي سبأ لا جديد لديهم ولا نبأ ،لم يعد أمرهم شورى بينهم بل كانت عاقبة أمرهم خسرا وعيشهم ذلا وحرمانا وقهرا !

لقد نبذهم حمقهم بالعراء لا شمم ولا إباء بل نخاسة ودياثة وأفئدة هواء !

لقد أدوا الأدوار بانقياد عجيب وارتدوا ملابس الكومبارس فرحين مسرورين وراحوا يرددون :”لا قبل لنا اليوم بديفيد وبيكنهام وجنودهما إن نحن إلا عبيد إحسانهما وهذه آية إحسانهم وإكرامهم !!

حسنا لقد أسفر الصبح وظهر جليا في الوجوه القبح لنكف عن الهمهمة فالجو مخنوق تضربه الكمكمة وحصى الأرض ينقل الأخبار وقوالب المباني ولاؤها للعمم السوداء والسادة الأحبار ونشرة الأخبار لا تلقي بالا ناحية المهمشين الخانعين الخاضعين الملطخين في الطين !

لنعد أدراجنا ناحية البيت !

لقد خرفنا وهل لنا من بيت؟!

لقد ضرب السيل الحي البائس وابتلع المنازل المتصدعة حتى الأشجار لم تسلم من صولته فأسلمت له القياد يجرفها حيث يشاء في انقياد وأضحت البساتين شاء طريدة في ليلة مطيرة لم يغن عنها راع مشتمل في سفاهة ولم تنجها حظيرة !

وتبقى الجريرة شاهد صدق لا يمحوه تتابع الحدثان يحكيها من نجا من الآباء والأمهات للولدان تلطم خد من فرط وباع وخان!

الآن  آن للسحرة أن يكفوا عن الثرثرة وأن يفتشوا عن عمل يغسل حوبتهم وتقبل به توبتهم بين الحنايا أو في الزوايا أو تحت أنقاض الجدران المبعثرة !

وبرغم الألم مازال الأمل نبتة مخبوءة في باطن الأرض الموبوءة تنتظر إشراقة الشمس التي تمدها بشعاع النور الذي يساعدها على الإزهار والإثمار !

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: