الجدار

قصة

صلاح بن هندي – السعودية

 

منذ وعيت الحياة وأنا أرى جدي الهرم، يجلس تحت جدار فناء بيتنا المتهالك.

يستمع الى المذياع المعلق على صدر ذلك الجدار كتعويذة على صدر شيخ كبير !! وكلما نفدت البطاريات، أمر والدي أن يأتي له ببطاريات جديدة. حين كبرت قليلا صار جدي يرسلني الى بقالة الحي لأشتري له البطاريات !! حتى لقبني الصبية الصغار (أبو البطاريات) لكثرة شرائي لها !! سألت جدي ذات يوم : لماذا لاتغلق المذياع إلا مع حلول الظلام؟ فقال لي وقد التفت يمنة ويسرة كي لايسمعه أحد من أفراد الأسرة الذين كانوا  يجلسون بعيدا عنا : ياولدي مادام المذياع يشتغل  بالنهار فلن يسقط هذا الجدار !! قلت له : ومن الذي سيمسكه بالليل؟ قال لي وهو يتبسم تبسم الواثق : يمسكه القمر و النجوم ياولدي !!

كادت تند مني ضحكة خبيثة لكنني كبحت جماحها، واكتفيت بهز رأسي وبحلقة عيني ومط شفتي السفلى، كناية عن تصديقي له. قمت من عنده وذهبت الى دهليز البيت، وانفجرت ضاحكا،  قلت في نفسي : لقد جن جدي !!

بعد أيام نادى علي وأمرني كالعادة أن أشتري بطاريات جديدة للمذياع. ذهبت إلى بقالة الحارة فوجدتها مغلقة! فما كان مني إلا أن أذهب الى بقالة الحي المجاور، وحين عدت  الي البيت سمعت صوت جدي يرتفع بالسب والشتائم!! حين أقبلت عليه، سبني وشتمني وقال : كاد الجدار أن ينهار بسبب تأخيرك . لم أتكلم ولم أرد عليه وإنما اكتفيت بأعطائه البطاريات الجديدة. وأدرت ظهري واتجهت صوب حجرتي وأنا أداري ابتسامتي،

فانهار الجداااااار  !!

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: