التعليم إلى أين …….؟!

بقلم: الأديب الكبير حمادة عبد الونيس

من معاد القول ومكروره قولنا :إن التعليم أساس بناء أمة أية أمة وأن التفريط فيه خيانة للأوطان وجناية على الأجيال وتجهيل للعقول وتفويت للفرص !!

غير أن المهمومين بقضايا أمتهم يقفون على خط النار بصدور عارية لا يخشون المواجهة ولا يهابون المكاشفة فهم يعلمون شرف المبدأ وكرامة الموقف !!

وكوني معلما من معلمي مصر ولي الفخر أن أكون لبنة في صرح ينبغي أن يكون منيفا عظيما لا يمنعني أن ألقي باللوم على نفسي وعلى إخواني من المعلمين والمعلمات الذين لم يشاركوا قط في وضع مناهج تناسب عقول أبنائنا وبناتنا وتتعاطى مع متطلبات العصر فاكتفينا بدور الشارح كراع مستأجر لا يهمه سوى لقيمات يقمن صلبه ودريهمات لا يغنين عنه من لفح الحياة شيئا !!

وحتى لا أتهم بالملق وضيق الأفق أبادر فأقول :

إن التعليم يحاصر من جهات عديدة ويحارب حربا ضروسا لا هوادة فيها وإليكم البيان مفصلا:

*الإعلام ومحاربة التعليم !!

كيف ينهض تعليم يحاربه الإعلام صباح مساء يحارب قيمه ويقاتل مبادئه ويهدم فيه بلا هوادة أو شفقة ؟!

متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم ؟!

إن الإعلام بكل محتوياته وما يقدمه من برامج يحارب التعليم ويقدم فارغي العقول للناس نجوما يشار إليهم بالبنان فيزهد التلاميذ في طلب العلوم والانتظام في سلكها ويهربون متفلتين من مدارسهم باحثين عن حياة تشبه حياة الفنانين ولاعبي الكرة ومهرجي المهارج من أصحاب اللقطة والسقطة!!

والمسؤولية جد عظيمة على الأفراد والمجتمعات والحكومات كل من جهته لمواجهة هذه الجيف التي تسيدت واستبدت بعقول أبنائنا تشكلها كيف تشاء!!

*المناهج وبعدها عن الواقع المعيش!!

إن أمة تستورد مناهج غريبة عنها لا تعالج مشاكلها ولا تلبي احتياج بنيها لهي أمة تخبط خبط عشواء تريد التطوير الشكلي وتتجاهل الجوهر كرجل دهن بيته الطيني ببلاستيك وأراد أن يزينه بالجبس المعلق فخرت جدران وهمه فكشفت سوأة تفكيره !!

لابد من مناهج تنمي الأخلاق وترسخ الهوية وتحث على الإبداع وتحارب التلقي المجرد من المناقشة والمثاقفة !!

لابد من طرح أسئلة تقبل الرأي والرأي الآخر وتفسح المجال للعقول كي تفكر وتبدع دون حفظ  كلمات ثم طفحها داخل كراسة الإجابة دون فهم أو وعي أو إدراك !!

*المعلمون ليسوا مبرئين….!!

إن معلما يدخل فصلا وجل تفكيره منصب على إعطاء درس خاص لايمكن أن يكون قدوة صالحة لا تربية ولا خلقا ولا علما !!

حتى خرج علينا كل ناقص راقص في كل المواد الدراسية يسمون أنفسهم أسماء ما أنزل الله بها من سلطان فهذا حكمدار الكيمياء وذاك عملاق الفيزياء وذلك قاموس اللغة الإنجليزية وآخر عقاب العربية المحلق وآخر حاسوب الرياضيات وآخر سفاح الأحياء دون خشية أو حياء !!

رقصوا داخل قاعات الدرس ورقصوا الفتيان والفتيات وهذا ما يدمي القلوب ويقرح العيون التي فيها أثارة من أدب !!

قد يقول قائل:

وماذا تنتظر من معلم يعمل في عملين وثلاثة كي يستطيع الوفاء بمتطلبات أسرته ؟!

أقول له :

لا شك إن الدولة مقصرة في حق المعلمين ولا تعطيهم سوى فتات لا يساوي شيئا لكن المعلمين يستأهلون هذا وفوقه فما طالبوا بحق ولا رفضوا سياسة من تجاهلهم وقديما قيل :”ما ضاع حق وراءه مطالب “.

أقسم بالله غير حانث إن معلمين كثرا  ينجحون من يأخذ عندهم درسا ويتنمرون على من لا يذهب إليهم بطريقة أو أخرى وهذا مشاهد معروف والحق أن هناك معلمين أكفاء أجلاء لا ينكر فضلهم إلا كليل النظر أعشى الضمير !!

*المسئولون سهام مسمومة في خاصرة التعليم  !

المسئول الحق هو الذي يقوم بدوره في متابعة العملية التعليمية والعمل على حل المشاكل التي تعترضها وتوفير كل السبل للنهوض بها!

لكن المسئولين اليوم همهم الصورة واللقطة بنظارة سوداء في فصل الشتاء !!

يعطون الأوامر ثم ينصرفون والكلام المتداول :

اربط الحمار كما يحب صاحبه !!

فإذا ما أراد أحد أن يتحدث في تخصصه أو مبديا نصيحة من واقع عمله ومن خلال خبرته غلقت الأبواب في وجهه كأنه شيطان رجيم ولسان الحال:عاش الملك ومات حاسدوه!!

*الجامعات الخاصة تسرق الأوطان وتذبح الطموح لدى الشباب !!

بعبع الثانوية العامة والفساد المستشرى في أوصالها حطم أحلام الشباب من أبناء الفقراء فعزفوا عن الجد والمثابرة في طلب العلم لأنهم يعلمون أن المجد لأبناء الأغنياء والاماكن كلها مشتاقة إليهم !!

*انعدام الخدمات داخل المدارس وباء يلتهم الإبداع …..!!

كيف لمدارس تقع على نهر النيل مباشرة ولايوجد بها ماء ولا يوجد بها آية أجهزة داخل المعامل فضلا عن ملاعب رياضية مجهزة !!

*تسريبات الامتحان بفعل فاعل !!

فيا ترى من يقف وراءها ؟!

ومن المستفيد منها

ولماذا لا يتم مواجهة المفسدين بكل عزم وحزم ؟!!

طباعة الكتب سبوبة كبيرة تلتهم ميزانية التعليم وتخرج رديئة لا تنافس الكتب الخارجية ما جعلها   عبئا على عاتق كل من الدولة وولي الأمر !!

*العجز الصارخ في المعلمين والمعلمات …!!

أولادنا يذهبون إلى المدارس يتشاجرون ثم يعودون أدراجهم بخفي حنين لا علم ولا حلم والسبب عدم وجود معلم يقوم برسالته !!

ولا يخرجن علينا أحد مدعيا عدم وجود ميزانية فما ينفق على مشاريع أقل فائدة مليون مرة من التعليم يفوق التعليم ألف مرة ولا حياة لمن تنادي!!

أيها السادة ،تعليمنا في خطر ومستقبل أولادنا يسير نحو المجهول ولابد من حلول عاجلة !!

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: