البلاغة ممارسة تواصلية – استراتيجيات الحجاج القضائي في الإقناع بالأحكام(1)
دكتور أيمن أبو مصطفى
في هذه السلسلة المباركة من (البلاغة ممارسة تواصلية) نقف على البلاغة في استخداماتها التواصلية المختلفة، ومن هذه الاستعمالات الاستعمال القضائي، وفي هذا المقام سنقف على كيفية استخدام البلاغة للإقناع بالحكم، فالقاضي تُعرضُ عليه الخصومات المختلفة، فيفندها ويقسمها ويعيد النظر فيها مرة بعد مرة، حتى تتبين له الحقائق، فإذا ما اقتنع بالحجج التي ساقها دفاع أحد الخصمين، فإنه يطمئن إلى حكم ما، ومن ثم تأتي المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة الحكم، فيحاول القاضي أن يقنع المتلقين بقانونية الحكم.
ومن ثم فهو في حاجة إلى عدة استراتيجيات، منها:
1- الإقناع:
ويتأسس الخطاب الحجاجي القضائي على استراتيجية الإقناع؛ لأن من أهم الأهداف التي يرمي القاضي إلى تحقيقها من خلال خطابه هو إقناع المرسل إليه بما يراه، أي ” إحداث تغيير في الموقف الفكري أو العاطفي” لديه، فالإقناع هو عبارة عن ” عملية خطابية يتوخى بها الخطيب تسخير المخاطب لفعل أو ترك بتوجيهه إلى اعتقاد قول يعتبره كل منهما أو يعتبره الخطيب شرطا كافيا ومقبولا للفعل أو الترك” .
فالقاضي يريد أن يقنع محامي المحكوم ضده، وهذا لا يتأتى إلا من خلال استراتيجية الإقناع الذي يُعد غاية الحجاج وهدفه، لذلك لابد أن يجند – القاضي- كل جزيئات القول ودقائقه، التي من شأنها إحداث ” أثر ما في المتلقي أي إقناعه بفكرة معينة وهو ما يعبر عنه اللسانيون بالوظيفة الإيحائية (Conative) للكلام” .
وهو يتتبع في تحصيل غرضه ” سبلا استدلالية متنوعة تجر الغير جرّا إلى الاقتناع برأيه… وقد تزدوج أساليب الإقناع بأساليب الإمتاع، فتكون، إذ ذاك، أقدر على التأثير في اعتقاد المخاطَب، وتوجيه سلوكه” ، كما هو حاصل في حجاج الخطاب الشعري، وإن كنا نجد ذلك قليلا في الخطاب القانوني؛ فهو خطاب يهدف إلى الإقناع لا الإمتاع.
وإن كنا لا نعدم ذلك فيما يسبق الحكمَ من مرافعات يحاول فيها دفاع كل طرف أن يقنع بما يخدم توجهه، ففيه تتحدد مكونات العملية الإقناعية بطرفي الخطاب، وبفعلهما في صوغ الحجة وإبطالها، بالإضافة للصفات الدلالية كالأدلة والدعاوي؛ لذلك انصب جهد بيرلمان وتيتيكاه على التفاعل بين الباثّ والمتلقي في الخطاب الحجاجي.
أما في مرحلة صياغة الحكم فإن الأمر يكون مختلفا، حيث يكون الخطاب مباشرا مستندا إلى الأدلة، ومن ثم تأتي الاستراتيجية الثانية وهي البرهنة.
2- البرهنة:
وهي من الاستراتيجيات التي يلجأ إليها القاضي في خطابه الحجاجي، وذلك من أجل تحقيق عملية الإقناع، والتأكيد على صدق ما توصل إليه، فالبرهنة في أبسط صورها هي ” استنباط يهدف إلى الاستدلال على صدقة النتيجة أو احتماليتها القابلة للاحتساب، وذلك انطلاقا من المقدمات المعتبرة صادقة أو محتملة” . إذن تستخدم البرهنة في الاستدلال على صدق الحكم الذي جاء به.
هذا وتتمثل البرهنة في ” الأمثلة والحجج وكل تقنيات الإقناع مرورا بأبلغ إحصاء وأوضح استدلال وصولا إلى ألطف فكرة وأنفذها” . فهي عملية فكرية انتقالية ينتقل فيها القاضي من العام إلى الخاص، من خلال عرضه للأمثلة والحجج والأدلة، التي يسوقها في خطابه بهدف الإقناع.
وتلعب البرهنة دورا كبيرا في تطعيم الحجاج من الجهة الفنية، بالأساليب الأدبية البلاغية، كما أنها من جهة ثانية تكون وسيلة تربوية حيث تكون الأدلة الموصلة إلى النتيجة رادعا للمتلقي العام عن الوقوع في الأسباب التي أدت بالماثل إلى الوقوع في طائلة القانون.
3- الاستدلال:
تعد استراتيجية الاستدلال من الأطر المكونة للحجاج والمحيطة به؛ لذا لا يمكنه- الحجاج- الاستغناء عنه، فهو يمثل السياق العقلي له أي ” تطوره المنطقي ذلك أن النص الحجاجي نص قائم على البرهنة فيكون بناؤه على نظام معين تترابط فيه العناصر وفق نسق تفاعلي وتهدف جميعا إلى غاية مشتركة، ومفتاح هذا النظام لساني بالأساس فإذا أعدنا النص الحجاجي إلى أبسط صوره وجدناه ترتيبا عقليا للعناصر اللغوية، ترتيبا يستجيب لنية الإقناع” .
معنى ذلك أن الاستدلال يرتبط ارتباطا وثيقا بالبرهنة والإقناع، حيث أن ترتيب العناصر اللغوية الاستدلالية، إنما هو بقصد البرهنة على صدق الإدعاء، والبرهنة إنما هي سعيٌ إلى إقناع المتلقي.
فالاستدلال هو ” عملية ذهنية متصلة، بها يتم الانتقال من مقدمات إلى نتائج بالاستناد إلى علاقة منطقية تربط الأولى بالثانية” ، بمعنى أن الاستدلال هو أن تُستنبط النتائج من المقدمات، دون لبس ولا غموض.
هذا ويقتضي الاستدلال أن تكون عناصره المكوِّنة له غير قائمة على التعدد والاشتراك، فهي أحادية المعنى بحيث تكون العناصر مما يفهمه كل الناس، ولا يثير تأويلها أي خلاف لديهم .
وقد يكون الاستدلال بالقياس عن طريق إخراج الجزء من الكل، أو يكون بالاستقراء عن طريق إخراج الكل من الجزء، أو بالتمثيل عن طريق إخراج الجزء الخفي من الجزء المعروف.
مسافة سردية لصورة جديدة
أصلان والعقاد في خلوة الغلبان
دكتور سيد محمد السيد
لا تمش وحدك في شارع شريف.
سيراك ذاك الشاب العشريني دون أن تعرف، ربما أدركت أن هناك من يتابعك.
عينه عليك، كان يسير خلفك، منذ متى؟ هل يعرفك؟ لا يخطر ببالك أن هذا الغريب سيكتب عنك، وأنك لن تقرأ أبدا ما كتبه، سيضيف إلى صورتك لمسة جديدة، صورتك التي عشت لرسمها في لوحة الخالدين، تعلم أنهم يرونك قويا حكيما، أحيانا يقولون “العملاق” تعجبك الصفة، لكنهم لا يعرفون شيئا عن وحدتك، ومحبتك للبشر، وروح المرح التي لا يكاد أحد يوجّه فهمه إليها، من الصعب أن نغيّر صورة في أذهان الناس، أنت لم تسمع ذاك الشيخ الطيب الذي لم يقرأ لك لكنه يقول إنك “جبار” ربما أستمع لأحاديثك الإذاعية، أو شاهد صورتك تعلو مقالك بصحيفة.
أنت لا تنزعج من تلك الصور التي تتراكم ملامحها في الأذهان، وتعلم أنها كم أقامت حروبا، وكم تاجر بها أدعياء في برامج الهواء، وقد انتقدت – أنت – أمثال رينان الذي يصدرون أحكاما عامة على أمم فيلهث خلفهم المنتفعون والسذج، مع أنك كنت تجيد استخلاص السمات النفسية للشعوب، لكن بتحليل يصل إلى الإيجابيات والسلبيات، اليوم هناك فرع معرفي يطلق عليه علم الصورة “الصورولوجي Imagology” ينطلق من البحث عن السمات التي تنعكس لمجتمع ما في خطاب الآخر، فالتفاعل الثقافي يجعل الناس تضع صورا نمطية للآخرين، ترتاح إليها، ربما أحيانا لتشعر بالرضا عن نفسها، هذا التصوّر كان شائعا في المجتمعات القبلية، حين كان الشاعر يفخر بسمات قبيلته، ويهجو الآخرين بصفات عكسية، ومع محبتي لشاعرنا جرير فإنني لم أتعاطف معه على الإطلاق حين هجا الراعي بقبيلته، هذا سلوك عير منصف، كان يكفيه أن يفعل ما فعله في هجاء الفرزدق حين قال:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا.. أبشر بطول سلامة يا مربع
الصورة هنا تخص الفرزدق وحده، هو يرى الفرزدق كذلك، هذا تصوّره، وداخل كل فئة من البشر هناك الآخر الذي قد يكون مختلفا، ذاك الفرع من الدراسات المقارنة يحتاج إلى باحث منصف له قدرة تحليلية عميقة، وفي الوقت نفسه يتعامل مع البشرية بمودة وتعاطف، ويقاوم الغايات النفعية التي قامت عليها كثير من دراسات الآخر مثلما حدث في قضية الاستشراق، وقد كنا نظن أن الحقيقة ستتجلى في عصر الصورة، فإذا بالصورة أصبحت أداة تضليل في خطابات ليست بالقليلة، ولكن يحسب لك أنك فطنت إلى تحليل الصورة في وقت مبكر، فنظرت إلى اللوحات بوصفها نصوصا تحمل الرؤى والأفكار، وهذا واضح في مقالاتك “صورة” و”ساعات بين الصور” و”فن التصوير بين القديم والحديث” و”الإحساسية في التصوير” ومجموعة مقالاتك المصنفة تحت عنوان “صور وأخلاق” في كتاب “ساعات بين الكتب” وكنت ترى أن فن التراجم سيساعد على نشر القيم لأن عشرات الكتب إذا ترجمت لشخصية واحدة سيلمس كل كتاب جانبا عميقا منها، وفي ذلك إضافة معرفية لدوائر التلقي التي تصنع ثقافة الحضارة.
صورتك عند أصدقائك وتلامذتك، صورتك في حزب الآخر، صور في اليمين بدرجاته، وصور في اليسار كذلك، في مقال للأديب الشاب نجيب محفوظ صنّف وجودك بأنه ملهم روحي، وصنّف طه حسين بأنه عقل نقدي، وحين رسمك إبراهيم أصلان اختار مشهدا من شارع الواقعية، وحدد المنظور، كان بعيدا ثم اقترب، وكانت لحظة وعي مشتركة، دخل مجال رؤيتك، أدركته، وانصرف كل في طريق، أنت تقترب من الأفق الذي تسير فيه وحدك، وهو إلى الكيت كات متجها إلى حارة الرضا، هناك يدخل الوسعاية التي يدرس ملامح أهلها في خلوته.
ولنشاهد معا بعض مقاطع صورة العقاد عند أصلان من مقال “لقاء وحيد مع العقّاد” في خلوة الغلبان: “كنت في زيارة الصديق والكاتب الراحل ضياء الشرقاوي بشركة الأسمدة التي كان يعمل بها في عمارة “الإيموبيليا” وما إن غادرته وتقدّمت في شارع شريف حتى فوجئت بالعقّاد يأتي على الرصيف عينه، وأمامي. تسمّرت في مكاني، استوعبته كله دفعة واحدة: القامة المديدة، والبدلة الفاتحة المقلّمة، والكوفيه الرفيعة الطويلة، والطربوش القصير المائل (هل كان يرتدي الطربوش حقا أم أن خيالي هو الذي يضيف الآن؟)” خلوة الغلبان – مكتبة الأسرة/ دار الشروق 2004م –ص31- 32 تمهيد ظهور العقّاد، مقابلة صديق من الجيل، صديق يتردد حضوره في مقالات الكتاب، صديق يأتنس به الرائي، الدنيا مشاهد مترابطة.
يظهر الأديب الكبير في منظور الأديب الشاب عقب الخروج من عمارة بها شركة يعمل بها صديق من جيله، لابد من ربط المشهد بسياق نفسي واجتماعي، العقّاد لا يظهر في فراغ إنما في لحظة متفرعة من لقاء صداقة، الأديب الذي يراه يجب أن يكون في حالة ثراء شعوري يليق بموقف درامي جدير بالإبداع، أصلان يرى العقّاد في قلب العاصمة، هو أحد أصحاب الخطط الأدبية للقاهرة العصرية، لقاء العقاد الوحيد يحدث في شارع شريف، تكتسب العلامات رمزيتها مع مرجعيتها الواقعية، وتلك نزعة أصلانية فيها انتقاء وتحديد ودقة، فيها تصوير وحركة وموقف، فيها مسافة بين الراوي والمروي عنه تسمح بإدراك جمالي يعلن ويخفي.
ليست المشكلة في المسافة الفيزيقية بين أصلان الراوي والعقّاد المروي عنه فهذا أمر يحدث بين الذات والآخر الذي يعد موضوعا إدراكيا لها، المشكلة في وجود مسافة تحول بين التماهي أو السيطرة أو الدمج، أسلوب أصلان التصويري يتجاوز الانطباعية وتضخيم المرئي، ويتجاوز التعبيرية التي تتخذ من الظاهرة الحسية إطارا لفكرة تجريدية، الأصلانية التصويرية كاتمة لصوت فاعل الرؤية، أنت تقارب الموضوع بحواسك ولا تقبض عليه بكفك، العالم هناك أمامك، بعيد بدرجة ما، المتلقي في الفن لا يخاطب بالإعلان والإلحاح والصراخ بل تمنحه مساحة لتفعيل خبراته الجمالية، المسافة السردية عند إبراهيم أصلان شارع ممتد بين الراوي والمروي عنه، يمكن للراوي أن يقترب، والمروي عنه كذلك، دون أن يحدث التماهي أو الهيمنة، كل ذات تمتلك أدوات إدراكها وطرائقها، حواسها أدوات تنقل إلى الذهن، أو تنتظر منه إشارة لتغيير المنظور.
هل ترى الحواس أم يرى الذهن من مخزون التذكّر والتخيّل؟ هذا السؤال تطرحه الرؤية الأصلانية للعقاد، لقد رأي أمامه الأديب الذي يسمع عنه فجأة، بتكوينه وهيئته، رأى اللقطة الكلية ثم استغرق في استقصاء تفاصيلها طبقا لتصوّره الذهني، لدرجة أنه لا يستطيع أن يقرر هل كانت الصورة العقادية من واقع منظور اللحظة الدرامية أم تستثيرها الخبرة الإدراكية من محمولات الذاكرة التي تراكمت من مرويات مرجعية احتلت معرض الذهن المفتوح على أزمنة متداخلة.
ثقافتنا مخزون تصويري نابع من تجارب معرفية بعضها يقوم على أساس منهجي بالتوصيف والتحليل والموازنة، وبعضها عشش في الأدمغة بالقيل والقال، العقاد نفسه انتقد الولع بالمقولات الجاهزة داعيا لمعرفة القائل بمذهبه ومنطقه ومقصديته أولا ثم النظر في العبارة، في مقال عنوانه “انظر من قال” في ساعات بين الكتب، لكن الصور الذهنية تندفع لتسيطر على الإدراك مثلما يحدث مع تيار اللاوعي في الأدب، تتدفق الجمل بالتداعي طارحة الأفكار المتوارية في صندرة الذاكرة أو حجرة الخزين الإدراكي.
التوجه إلى معرض الصور الشعورية الجاهزة الإعداد إجراء عمل شديدة الخطورة علينا أن نواجهه بالتريث في اختبار المقولات، أتذكر الآن مسلسل “يوميّات ونيس” فالدراما فيه تعتمد على المبالغة بانتقال المشاعر من قمة الغضب إلى قمة التعاطف نتيجة استجابة الشخصيات لجملة مغرضة أو خاطئة أو سوء فهم، وللأسف يحدث هذا في الحياة، فنتخذ سلوكا انفعاليا يحضر سريعا في لحظة بجملة عابرة دون أن نضع في اعتبارنا قائل الجملة وغايته أو علاقة مضمون الجملة بالشخصية التي نوجّه إليها الانفعال، فالسلوك النفسي قد يكون معدّا في صور تداولية تفرض نفسها لتطيح بمعطيات الخبرة المعرفية الوثيقة.
تلتقي صورة العقّاد الذهنية مع صورته الواقعية عند أصلان: “احتلّ هو الإطار المهيّأ له في روحي احتلالا كاملا”ص32 ويستعير السرد الأصلاني مصطلح من حقل الصورة “الإطار” وكأن عالمه الداخلي كان في احتياج إلى تلك الرؤية، واكتسب الإدراك يقظة لاكتشاف هويّة العقّاد الذي سار حتى مكتبة، وقف أمام معروضاتها يتأمّل قلما: “فعل ذلك لفترة، ثم مدّ يده إلى جيب سترته الداخلي وأخرج قلمه.”ص32 لماذا فعل العقّاد ذلك؟ يستمر الراوي المصاحب في نقل واقعة التأمل المزدوجة، العقّاد يتأمّل القلم المعروض خلف الزجاج، وأصلان يتأمل العقّاد: “عاد يتأمّل القلم المعروض، واستغرق طويلا في المقارنة بين القلمين.”ص32 الغريب أن الراوي يقول: “وقفت على بعد خطوتين عن يمينه، ورأيت القلم المعروض، ورأيت القلم الذي بين أصابعه، واستغربت، لم يكن هناك وجه للشبه أو المقارنة، لا في الحجم ولا في اللون.”ص33 يحافظ أصلان على واقعية المشهد وفي الوقت نفسه يعمّق رمزيته، كل كلمة لها دلالة، الوقوف على يمين العقّاد، تكرار فعل الرؤية مرتين، اختفاء سمات المقارنة بين الأداة “القلم العقادي/ القلم المعروض” إن العقّاد يقارن بين قلمه وكل قلم في سوق العرض بدقة، ويحتفظ بقلمه، إنها مقارنة أساليب ورؤى، وفيلم تسجيلي عن العقّاد يعرض رؤية أصلانية لسيرة العقّاد الذاتية “حياة قلم” من خلال لحظة إدراك واقعية في شارع شريف الذي لم يسر فيه العقّاد وحيدا بل كان هناك من يتابعه.