” الأبعاد الإنسانية في شعر يحيى عبد العظيم دراسة موضوعية وفنية “
رسالة علمية عن شاعر مصري معاصر بالجامعة العراقية ببغداد حصل بها على درجة الماجستير الباحث العراقي وسام أسعد ذياب
تقرير: رئيس التحرير
نوقشت بكليلة الآداب بالجامعة العراقية الشهر الماضي رسالة الماجستير المقدمة من الباحث وسام أسعد ذياب بعنوان (الأبعاد الإنسانية في شعر يحيى عبد العظيم دراسة موضوعية وفنية) وتكونت لجنة الحكم والمناقشة من الأساتذة: أ.د صفاء الدين أحمد فاضل رئيسا، أ.ذ رائد فؤاد طالب عضوا، أ.م.د محمد حسون نهاوي عضوا، أ.م.د أحمد عبد الرازق لاخليل عضوا ومشرفا.
وتناولت الدراسة المحاور الآتية:
عنوان الرسالة (الأبعاد الإنسانية في شعر يحيى عبد العظيم دراسة موضوعية وفنية )
تضمنت مقدمة التعريف بالإنسانية
التمهيد واشتمل على إضاءة حول حياة الشاعر وأهم أثاره الأدبية والعلمية ومنجزه الثقافي
الفصل الأول تضمن توطئة للتعريف بمفهوم البعد والإنسانية
المبحث الأول الإنسانية في الشعر العربي منذ عصر ما قبل الإسلام وحتى العصر الحديث
المبحث الثاني الإنسانية في الأدب الغربي
الفصل الثاني الدراسة الموضوعية واشتملت على مبحثين الأول الأبعاد والرؤية الوجدانية الذاتية (الشكوى والألم، والغزل والغربة )
المبحث الثاني الرؤية الوجدانية الغيرية (الاتجاه القومي، الاتجاه الوطني )
الفصل الثالث الدراسة الفنية وتضمن أربع مباحث الأول
اللغة والأسلوب
الثاني الوحدة العضوية
الثالث بنية القصيدة
الرابع الموسيقى والايقاع
الخاتمة والنتائج
المصادر والمراجع
(أهداف الدراسة )
هدفت الدراسة الى إظهار الجانب الإنساني في شعر يحيى عبد العظيم وأبعاده من خلال دراسة ديوانيه (زفرات، وكلما اشتقت غنى الحمام) ومدى تأثير تلك الجوانب الإنسانية في المتلقي من خلال الإبداع الشعري
*****
ملخص الرسالة ومقدمة الباحث:
تُعدّ الإنسانية وأبعادها وقيمها ظاهرة عالمية ، فالقيم والأبعاد الإنسانية أصبح يعالجها الفلاسفة والمفكرون والأدباء من الشعراء، حيث تطرقوا إلى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وعلاقته بمحيطه الخارجي، واستشراف المستقبل كلُّ هذا من أجل وضع الإنسان في أحسن رتبة، والحفاظ على مكانة هذا الكائن المسمى الإنسان قبل كل شيء، وقد شارك الكثير من العباقرة في هذه النظرة للإنسان وقد ركزوا على قيمة الوجود الإنساني، محاولةً منهم للبحث في كنهِ وتقويم سلوكه، وتهذيب وجدانه، والبحث في أماكن ضعفه وقوته.
وصار التركيز في هذا البحث على الإنسانية وأبعادها في الشعر وهي مستوحاةٌ من الواقع المادي ذو البعد الإنساني الذي لا يكون كذلك إلا اذا توافر الابداع الفني الراقي، ولأن الأدب إنساني بذاته، وأصله، والأديب إنساني بوظيفته الأولى، وهذه سمةُ الأدب الأولى، وجدنا نصوصاً شعرية تقودنا للقول بأنها أكثر عمقاً وشمولاً واتساعا تتسمُ بسماتٍ خاصةٍ في تجسيد النزعة الإنسانية في محتواها الحقيقي، ومن تلك النصوص الشعرية هي ديواني (زفرات، وكلما اشتقت غنى الحمام) للشاعر يحيى عبد العظيم والتي نقوم بالبحث فيها هنا فهي نصوص وأشعار تنتمي إلى تيار مهم في الأدب الإنساني وتجسد النزعة الإنسانية وأبعادها العميقة فيه، حيث شَكلت توجهاً فكرياً وثقافياً بيناً، يُعلي من قيمة الإنسان ويثق بقدراته على أنتاج الحياة الجيدة في العيش الحر الكريم. وقد ارتبط الشعر بطبيعة الإنسان الجوهرية، وهي نزعته الإنسانية مما جعل منه سبباً في صعود الشعر فناً في العصر الحديث، لما فيه من اتجاه في اتخاذ الإنسان مرجعاً لهُ، فكان الشعر من سمات الإنسانية في وقتنا الحاضر حتى صار القرن العشرين هو عصر العناية بالإنسان وهمومه وأفكاره ومشكلاته واتجاهاته الإنسانية والوجدانية، من اجل هذا كله تبلورت لديَّ اهمية الموضوع في دراسة الجانب الإنساني في شعر يحيى عبد العظيم ومدى تأثيره وما هي الرسالة التي يحملها وأراد ايصالها إلى الحياة والمجتمع ، أما الصعوبات التي واجهتني في اثناء دراستي هي في الحصول على المصادر والمراجع القديمة وكذلك المصادر الاجنبية ذات الصلة وكان الهدف من هذه الدراسة التعريف بالشاعر ودراسة جانب مهم من جوانب شعره ، لذلك جاء موضوع الدراسة الذي وسمته بـ: الأبعاد الإنسانية في شعر يحيى عبد العظيم دراسة موضوعية وفنية، واتخذت من اشعاره وقصائده محور الدراسة بعد الاطلاع على ديوانيه الذين ضما في طياتهما الكثير من القصائد العمودية والحرة أشعاراً ذات أبعاد إنسانية، هذا وقد قامت هذه الدراسة على منهجٍ حاولت فيه أن اجمع بين المنهج التحليلي الموضوعي والمنهج الوصفي الفني وأقمتُ هيكلية دراستي على مبادئ تتفقُ وهذين المنهجين فجعلتها في مقدمةٍ وتمهيد وثلاث فصول وعلى النحو الآتي: مقدمة تشتمل على أسباب اختيار الموضوع وأهميته كمدخلٍ للولوج في البحث.
التمهيد وتحدثتُ فيه عن حياة الشاعر ونشأته وأهم آثاره العلمية وآثاره الأدبية.
الفصل الأول: الأبعاد الإنسانية في شعر يحيى عبد العظيم وأشتمل على مبحثين، الأول التعريف بمفهوم الأبعاد ومفهوم الإنسانية في الأدب العربي والمبحث الثاني، الإنسانية في الفكر الغربي المعاصر.
الفصل الثاني: الدراسة الموضوعية، أبعاد الرؤية الوجدانية في شعر يحيى عبد العظيم وأشتمل على مبحثين: الأول الأبعاد الوجدانية الذاتية، أما المبحث الثاني: الأبعاد الوجدانية الغيرية.
الفصل الثالث: الدراسة الفنية، اشتمل على اربعة مباحث، الأول اللغة والأسلوب، والمبحث الثاني البناء الفني للقصيدة، والمبحث الثالث الصورة الشعرية، والمبحث الرابع الموسيقى والايقاع.
ثم ختمت البحث بما توصلتُ إليه من نتائج ، ووضعت بعد ذلك ثبتاً بالمصادر والمراجع ، ولقد حرصتُ كُل الحرص على ضبط الأبيات بالشكل.
يحيى عبد العظيم حياتهُ ونشأتهُ:
فتح الشاعر يحيى عبد العظيم عينيه على الحياة، في قريةِ (طوخ) في محافظة القليبوية في وسط مصر عام 1966م وتحديداً في 27/ تموز، ولحسن حظهِ أَنَّ هذه المدينة كانَ لها تأريخ حافلٌ بالعلِم، فقد وُلِدَ فيها الإمام (الليث بن سعد) والملقبُ بفقيه مصر (94هـ/175هـ)( ) ، وكذلك وُلِدَ فيها المؤرخ أبو العباس القلقشندي (756هـ- 821ه) صاحبُ كتاب (صبح الأعشى في قوانين الإنشا) ( ).
أكمل في مدينتهِ مرحلة الابتدائية والثانوية، ثم تخرج في كلية دار العلوم، تلك الكلية التي زخرت بعلماءُ اللغة العربية، وعُلماء الشريعة الإسلامية، وتخرج في ربوعها أدباء وعُلماء كثيرون وبلغ من منزلتها أنها جمعت بين الأصالةِ والإبداع والقديم والحديث في الدراسات اللغوية والأدبية، فنهل مِنها شاعرنا هذهِ المناهل العذبة شراباً عذباً سائغاً شرابهُ، وأشرقت في نفسهِ علوم الشريعة والعربية، ونهل مِن كلية دار العلوم فصاحة اللفظِ، وتوقد الفهمِ، وأصابةُ القولِ، وجودُ الشعر.
مكوناتهُ الثقافية:
حصل شاعرُنا يحيى عبد العظيم على شهادة الماجستير في الدراسات الأدبية، مِن كلية دار العلوم في جامعة القاهرة في عام (2003)م، وبتقدير امتياز، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في اللغةِ العربية وآدابها. في كلية دار العلوم أيضاً، في عام (2006م) وبمرتبة الشرف الأولى، وكانَ تخصصهُ فيها. -الدراسات الأدبية والنقد- الأدب العربي، أما التخصص الدقيق فهو – تحقيق التراث العربي- العصر العباسي الثاني، كما حصل الشاعر على شهادة اللسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية في كلية دار العلوم جامعة القاهرة في عام 1989م وبتقدير عام جيد.
آثارهُ العلمية:
أوقفَ الدكتور الشاعر يحيى عبد العظيم وقتهُ في البحث والمعرفة وتحقيق رؤية تراثية جديدة تكشفُ عن عظمة الكنوز القديمة في المخطوطات العربية والكتب والمراجع القديمة لكبار عُلماء اللغة والأدب، كما ونشر الكثير مِن البحوث العلمية التي أثرى بها الأقطار العربية، كان الهدفُ مِنها مساعدة الطلبة الدارسين للتعرف على أدبنا العربي وما يزخر بهِ مِن فنون الشعر والنثر، ومما خطت يداهُ وأثرى بهِ في مجال الدراسات العربية الأدبية وخصوصاً في العصر العباسي الثاني، فقَد نُشر لهُ بحثٌ في كليةِ العلوم، جامعة ألمينا في عام 2018م بحثٌ بعنوان (بُنية المعجم الشعري في شعر أبي العلاء المعري) في شهر حزيران، ثم نُشِرَ لهُ بحثٌ بعنوان (بُنية الإيقاع في شعر أبي العلاء المعري) في عام 2020م في شهر كانون الثاني، في مجلة كلية الآداب جامعة السويس في مصر.
وكذلك نُشِرَ لهُ بحثٌ بعنوان (شعر الحياة اليومية في العصر العباسي، التشكيل والدلالة) في مجلة كلية التربية جامعة القادسية، العراق في عام 2020م في شهر كانون الثاني، وفي العراق أَيضاً وتحديداً في مجلة المورد العراقية نشرت لهُ بحثٌ بعنوان (الوطن الخراب في رائية الخريمي. دراسة في التشكيل الشعري) في عام 2020م في شهر كانون الأول، ونُشر لهُ بحثٌ آخر بعنوان (نوادر المراثي في الشعر العباسي) في مجلة كلية اللغة العربية، جامعة الأزهر، (والسرد الشعري في رائية الخريمي دراسة في تداخل الأجناس الأدبية)، في مجلة كلية الآداب، جامعة السلطان قابوس بسلطنة عُمان في 2020م.
لقد كانَ مهتماً جداً بالأدب والشعر وعَدّهُ رسالةً يمكن مِن خلالها أيصال الكثير مِن القضايا المخبوءة في طيات الكتُب والأبيات الشعرية، حيثُ يعدَّ شاعرنا من رجالات العلم والثقافة في العالم العربي المعاصر، ولقد جاءت أعمالهُ الشعرية مرآةً صادقة، كشفت الكثير مِن جوانب شخصيتهِ وطبيعتها، وأرتباطهُ المباشر واللصيق بهموم وقضايا أبناء وطنهِ العربي والإسلامي، وما ديوانيهِ (زفرات – وكلما اشتقت غنى الحمام) إلّا دليل على ذلك، ووثيقة إنسانية عبَّر بها عن نوازعهِ وأبعادهِ وفكرتهِ.
آثارهُ الأدبية:
يعدُ شاعرنا أحد أساتذة اللغة العربية وآدابها فلقد تعددت آثارهُ الأدبية ما بين الشعر الفصيح والتحقيق اللغوي واقتناص طرائف اللغة والأدب ويمكننا أَنَّ نجمل أهم آثارهُ الأدبية:
1- كتاب (الوشي المرقوم في حل المنظوم) لضياء الدين بن الأثير المتوفى عام (637ه)، تحقيق ودراسة، وقد حصل بهِ على درجة الماجستير وقامت مؤسسة الذخائر بطبع الكتاب، في مصر عام 2004م.
2- كتاب (لَمحْ المُلَحْ) للحُضيري الورّاق المتوفى عام (568) هـ، تحقيق ودراسة، وقامت الهيئة العامة للكتاب بطباعة الكتاب في عام 2013م في مصر.
3- ديوانا شعرٍ بالفصحى (زفرات) وديوان(كلما اشتقت غنى الحمام) ، طبع الديوان الأول عام 2019م وكان يضّمُ قصائد مِن الشعر الحُر، وتنوعت فيه الأغراض والمواضيع والأوزان والقوافي، أما الديوان الثاني فقد طُبعَ عام 2006م، وقد كانت أغلب قصائدهِ من الشعر العمودي.
4- ألفّ الشاعر كتاب (دراسات في اللغة والأدب).
5- كتاب (دراسات في الأدب العربي).
تسنّمَ شاعرنا على مستوى العمل مناصب عِدة منها مستشاراً إعلامياً ولغوياً في جامعة بيشة، كلية العلوم والآداب في المملكة العربية السعودية، وكذلك مديراً للعلاقات العامة والإعلام في جامعة الملك خالد في المملكة العربية السعودية، وأستاذا مساعداً في قسم اللغة العربية بالجامعة نفسها، ومِن أعمالهِ أَيضاً حيث مارس مهنة الصحافة ولا يزال يعمل صحفياً في مؤسسة أخبار اليوم، ولقد نُشرت لهُ الكثير مِن قصائدهِ في جريدتي أخبار اليوم والأهرام.
نالَ شاعرُنا الكثير مِن الجوائز التقديرية وكُتب الشكر من مصادر عدة، مِن الجامعات والمؤسسات تقديراً وتثميناً لهُ على ما قدمهُ من إنجازات في مجال اللغة والأدب.
خلاصة القول: أَنَّ الشَعَرَ كما وصفهُ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي من الجمال والحياة معاً ولا يمكن فصل قيمتهُ الجمالية عن رسالته الهادفة، فإذا لم يكن قد وفى حَقَهُ من الجمال، أو لم يكن قد أدى الشاعر رسالة ما، فلا يمكن أَنَّ يعيش ويحيا في وجدان نفوسنا وأعماقها، ولا حتى في طوايا جوارحنا، لذلك نحنُ نؤمن بحرية الشاعر وندعهُ يتنفس حراً طليقاً غير مقيدٍ بشيءٍ، لأن روح الفن رسالة وهدف وشعور عميق( ).
تقرير: رئيس التحرير