” الأبعاد الإنسانية في شعر يحيى عبد العظيم دراسة موضوعية وفنية ” (3) 

الباحث العراقي وسام أسعد ذياب

إنَّ هذا الابتداء بفعل المضارع الذي يعطي معنى الاستمرارية في كل وقت وزمان ستنحني الناس وتُقدرُ وتحترم العيون الجميلة، وهذا التكرار النغمي في الجملة الثانية (ينحني القلب هُياماً) يضعنا الشاعر في كيفية انحناء القلب للحُب؟ وهو تجسيد استعاري فيه استغراب وتساؤل.
وكأن الشاعر أراد أَنْ يقول ويصف المشهد الدرامي هذا وكأن المحبوبة هي ملكةٌ تطلعُ مِن شرفات القصر على الناس لتُريهم عيناها فتنحني الناس والقلوب مِن شدة الوله والهُيام والعشق. ومشبهاً بهجتهُ وسعادة قلبه بفرحة ذلك الطائر الجميل (النورس) الذي عُرف عنهُ أنه حين يجد الأُنثى يظل سلوكهُ هادئاً( ) منتشياً، لقد فرضت الطبيعة نفسها في شعر يحيى عبد العظيم وهذا ما نراه في اختياراته للألفاظ وصورهِ الفنية، وظواهرها، حيث يرى الباحث أَنَّ شاعرنا يحيى عبد العظيم قد وظف في شعرهِ الرمز لطائر النورس، وهذه من الظواهر المهمة في القصيدة الحداثوية حيث يقول الدكتور محسن أطميش: (هي عامل أساسي يساعد الإنسان المعاصر على اكتشاف ذاتهِ العميق وتعميق تجربته ومنحها بُعداً شمولياً)( ) وقد تكون (نماذج لا زمانية للوجود الإنساني، كرموز تقترح التكرار الدائري للشيء نفسهُ، أو لوضع إنساني مشابه) ( ) ومما أثير في القصيدة العربية الحديثة هو تناول الشعراء للرمز والأسطورة وتُعد فناً بحد ذاته، لأنها تدلُ على الموروث الثقافي للشاعر، وكذلك لأيصال فكرة أو نموذج أراد به الشاعر التعبير بصدقٍ واحساس عالٍ، ولا يختلف مفهوم شاعرنا عن بقية الشعراء الذي استخدموا الرمز والأسطورة في قصائدهم كالسيّاب، والبياتي، وغيرهم… الكثير، وما ذاك إلا لأنهم أرادوا جذب اهتمام المتلقي وتهيأت ذهنهُ للرسالة الجاثمة في صدورهم ونصوصهم، المتمثلة بالرؤية الثقافية لعوالمهم التي يتغنون بها بالحب والغزل والحرية، وكذلك لأبعاد وقيم إنسانية يريدون ايصالها.
ففي قصيدة (زفرات) من ديوان الشاعر يتغزل فيها بمعشوقتهِ التي طالما أخفى اسمها ولكنه وظف لها الأسطورة بديلاً يقول فيها: وهي من (الكامل)
فينوس … مشتاقٌ لظل جمالك( )
وسنان في صدري يعانقني الأملْ

يبكي فيرسم صورة للطهر
تلثمُها شفاه الحب في عمق الخيالْ

وتطيرُ في الأفاق، ثُم تعود في
نزقٍ، تؤطرها بأحلام الجمالْ

أضغاث أحلام” ترى أم أنها
سحبٌ يغازلها على شعري الهلالْ

فتبيت ننظرهُ بعين لم تزل
من حزنها تشكو الفراق إلى الوصال~

وتنام ثكلى العين تملؤها الموا
ويلُ الحزينة بأرتعاشات الظلالْ

استهل شاعرنا يحيى قصيدتهُ هذهِ بأسطورةِ (فينوس) كتسميةٍ لحبيبتهِ ليعلن لها اشتياقهُ المولع لأن يعانق ظل جمالها ويا لهُ من اشتياق.
وقصة (فينوس)(*) كما هو معروف آلهة الحب والجمال هذه صورة استعملها شاعرنا لغزلٍ مادي بثهُ مستقياً اياه من موروثهُ الثقافي ولقد عدّها ملاذا وحيداً لافراغ طاقتهِ الروحية ونزعتها تجاه حبيبته وهو يشتاق لظل ذلك الجمال الذي يعانق الأمل في صدر الشاعر، وهو يصور حالة الضعف بالبكاء فيرسم في مخيلتهِ صورة لها تحيا بالحب، وهو تعبيرٌ عن الحرمان في شتى ميادين الحياة، إنَّ إتكاء الشاعر على الأسطورة ما هو إلا عمق الصلة بين الفضاء اللغوي والأسلوب التعبيري في تصور الشاعر وادراكه للواقع، ويرى الباحث أَنَّ لدى يحيى عبد العظيم طابعٌ فني وإبداعي كما عبر عن ذلك أرنست كاسيرر يقول: (الأسطورة لها صلة وثيقة بالشعر وذلك لأن عقل مبدع الأسطورة عقل شاعر، وإنَّ الشاعر وصانع الأساطير يعيشان في عالم واحد)( ).
أما الصورة التي رسمها في خياله، تسافر في أحلام الشاعر وتعود بنشوةٍ ذاتيةٍ نابعة من صميم نفسهِ، أما عن البيت الآخر في القصيدة فقد ضمنهُ عبارة (أضغاث أحلام) وهي عبارةٌ قرآنية مأخوذةٌ من سورة يوسف عليه السلام، ولما كانت وظيفة التناص الأساسية هي خدمة النص الشعري وهدفهُ وهي الاثراء ومنح القصيدة عمقاً، وشحنها بطاقةٍ رمزيةٍ لا حدود لها. ( )
فهذه هي لغةُ شاعرنا ورؤاهُ الفكرية والفلسفية التي أراد أَنْ يمنحها لنصهِ الشعري عمقاً وشموليةً ليؤثر في القارئ ويحقق بُعداً إنسانياً مستوحى مِن النص المقتبس، ولا يخفى على القارئ مدى التأثير الديني ولغتهُ، فحمّلها الشاعر يحيى عبد العظيم ليقيم عليها رؤيتهُ الغزلية في واقعنا العربي. ( )
إن شاعرنا مِن الشعراء الذين اتسقت ألفاظهُ واجتمعت في أنفعال نفسي وعاطفي متناسق ونغمٍ مبدع وهادئ، وتجتمع حواسهُ بأدراك واحد ليصور حُلماً يألفهُ حتى يقترب مِن القصة الشعرية وهذا ما نجدهُ في قصيدة (حُلُمْ) ( ) وهي من البحر (مجزوء الوافر) يقول فيها:
زمان الحب ينتقل لقلب نبضهُ غزلُ
وعقل فيه مئذنتي ونورٌ منهُ أغتسلُ
أعانقهُ، يعانقني وألثمهُ، فيبتهلُ
ويحفرُ في جدار القلب أشواقاً، ويرتحلُ
ويغزل من حبوب النبض ما يحلو، فينغزلُ
وتصنع منهُ مكحلة ورشيتها، وتكتملُ
ويدرُ حسنها بشرٌ فتتركهم، وتنعزلُ
وأعينهم تلاحقها وما حلوا، وما رحلوا
وتشغلهم مفاتنها وما غاصوا، وما نهلوا
وتأتيني معانقةٌ وقد غيضوا، وقد خذلوا
وموج الشعر يُحفني فوق الصدر ينهدلُ
وأنهل مِن مراشفها حناناً، ريقهُ عسلُ
* * *
فصيحٌ قبل أَنْ تأتي فلا خطأٌ ولا زللُ
ولكن حينما تأتي فخطبي كلها جللُ
وعند جبينها الوضاء لا شعرٌ ولا زجلُ
تقصُ علي ما حلمت وينقصُ حُلمها الخضلُ
وباقيهِ حلمتُ بهِ وأرويهِ فيكتملُ
فذاك العش نبنيهِ وتكثرُ حولهُ السيلُ
ونجد لهُ باخشابٍ وأعشابٍ فينجدلُ
ونبقي حولهُ أرضاً فلا سهلٌ ولا جبلُ
نُشجرها بأشجارٍ يعريهُ بينها حملُ
ويجري طفلنا الآتي ليركبهُ، فيمتثلُ
وإنْ جرُحت لهُ قدمٌ نقبُلها، فيندملُ
ونحيا كلنا أملٌ ويحيا كلهُ أملُ

تبينت مهنية الشاعر في بناء صلاتٍ لغوية ومعنوية ، وبناء للعبارة ومشهدٍ قصصي يزرع في نفس المتلقي خيالاً وأفاقاً محاطةً بغلاف الحلُم، وفي الأبيات قدرة على التصوير، إلى مدى بعيد، حيث امتزجت الحقيقة بالحُلم، إذ بدأ الشاعر قصيدتهُ وبانتقالةٍ غزلية حسية وهو يشدو ذلك الحب في قلبهِ، فيعانق حُلمَ محبوبته وهو يعانقهُ، ويفعلُ ما يفعل في جدار القلب على حدِ قولهِ، أَنَّ شاعرنا متعدد المواهب في الشعر فهو يلجأ في هذه الأبيات إلى (القصيدة القصة) وهو مصطلحٌ قديم في شعرنا تعود جذورهُ إلى عصر ما قبل الإسلام، حيث ابتدأ هذا الفن على يدِ امرئ القيس كما ذكر بعض النقاد في قصيدةٍ يحاور بها الذئب، التقاهُ وتحاورا، إلى أَنْ وصلت إلى شعرنا الحديث المعاصر، وتُعد القصيدة- القصة شكلاً شعرياً أساسهُ الشعر وصياغتهُ السرد، للباحث أحمد محمد عبيد القصيدة القصة : (هي شكل شعري قائم على المضمون المختلف، ويحافظ على نسق القصيدة سواء كانت عمودية أو تفعيلة)( ) ولو لم يكن الشاعر متمكناً مِن السرد لما كتب مثل هكذا شعر، فهو يحاور في أبياتهِ محبوبتهِ ويتمنى وصلها الأبدي ورابطاً شرعياً وبناءً لعشهِ وبيتهِ، وأن تسكن معهُ حيث بنى عالمهُ الخاص بهِ، ثُمّ مرحلة الانجاب والذرية وأن يولدَ لهُ طفلٌ يلهو ويلعب ويجرح قدمهُ، ثم يختتم مقطعهُ الأول بكلمة نحيا ويحيا ذلك المحسن البلاغي هو تعبير عن روح العيش الرغيدة مع المحبوبة، ثُم راح يسرد قصتهُ الشعرية ، وأما أبيات القصيدة الأخيرة، فكانت هي حل العُقدةُ للقصة الجميلة وهي الرسالة الإنسانيةُ المحضة التي أراد ايصالها وهي أَنَّ لا قيمة للإنسان مِن اسمهِ ولا مالهِ ولكن القيم العليا هي بالأثر الذي يتركهُ في الحياة بعد موتهِ مِن عملٍ أو ذريةٍ طيبة ـ وحسب رأينا.
وخلاصة القول: إنَّ الشاعر، كان يتغزلُ وينشدُ الحب مظهراً جوانبهُ ما بين لوعةٍ واشتياق، ومستمداً غزلهُ وألفاظهُ ومدلولات قصائدهِ وأشعاره وأبياتهِ من بواعث الحياة كالأمل والعيش الحر الكريم والصفاء والنقاء والقلب النابض بالحياة مِن جهة، ومِن جهةٍ اُخرى مِن المعاناة والألم والفراق والصد والهجران، كل تلك النزعات النفسية والإنسانية التي بدت ملامحها واضحةً في شعرهِ الوجداني (الرومانسي) الذي بلور جانب الحب وجعلهُ قيمةً إنسانية عاليةً، وهدفاً شاملاً، ويشعر بالإنسان وإنسانيته وأبعادها.
المبحث الثاني
الأبعاد الوجدانية الغيرية
توطئة
لقد أبصر النور وطننا العربي في بداية القرن العشرين على أعظم حدثٍ سياسي شهدهُ العالم، مِن خلال قضية العرب المركزية، وهي احتلال فلسطين وتشريد شعبنا العربي وألقت تلك الحادثة بظلالها على واقع مؤلم ومرير لما انتهكهُ الكيان الصهيوني الغاصب ضد أبناء الشعب العربي، وعلى الإنسان العربي المسلم بصورةٍ خاصة.
وتوالت الأحداث بعد ذلك في عام 1973م حيث حرب اكتوبر بين مصر وسوريا من جهة والكيان الصهيوني مِن جهة أُخرى، ثُم احتلال لبنان في عام 1982م، وحروب أُخرى حدثت في الوطن العربي، ولعل أبرزها عام 2003م احتلال بغداد، لقد خلفت تلك الأحداث واقعاً مؤلماً يشوبهُ الفقر والمرض، بل وحتى الجهل والتأخر، هذا بالاضافة إلى الظلم والاستبداد، ولم يكن الشاعر بمنأى عن تلك الأحداث فهو ابنها الذي لامسته وأججت وجدانه وشعوره، وهو المعنيُّ بقضايا أمتهِ وحالُ أبنائها، وهو المتطلع لأحداث ثورةٍ في داخل الإنسان العربي لينفض عنهُ غبار الماضي، فقد كان شاعرنا يأسى لواقع أمتهِ، ويدعو إلى العلم والتنور به، وإلى رفض الاحتلال، وإلى تحرير الأوطان والإنسان واستقلاله وحفظ كرامته واعلاء إنسانيتهِ، فجاءت قصائدهُ معبرةً عن تلك الرؤى الوجدانية فضم ديوانيه بين دفتيهما الكثير مِن القصائد السياسية الوطنية والقومية. فللشعر ارتباطٌ وصلةٌ وثيقةٌ بالسياسةِ منذُ القدمِ فالشعر السياسي معني بقضايا الوطن سواء محلياً أو اقليمياً وهذا اللون من الشعر لم يكن بالجديد في أدبنا العربي( )، فهو قديمٌ متجدد منذُ عصر ما قبل الإسلام، فقد كان الشاعر هو المدافع عن القبيلة والذائدُ عن حماها والمفاخرُ بمآثرها وشجعانها وتأريخها، أما في عصر الإسلام فقد برَزَ هذا العرض الشعري بعد تاسيس الدولة الإسلامية الجديدة وذَهَبَ حسان بن ثابت وغيرهُ للدفاع عن هذا الكيان الجديد وقائدهِ – صلى الله عليه وسلم- أما العصرين الأموي والعباسي فقد بلغ هذا العرض أوسع أزدهاره بعد أَنْ توافرت لهُ عواملهُ، من انقسام في المجتمع إلى تياراتٍ وأحزاب وفرق، فمال بعضُ الشعراء إلى جهةٍ دون أُخرى، فَشَعرُ الفرزدق والمتنبي وغيرهم خيرُ شاهد ودليل على ذلك، حتى جاء عصرنا الحديث بآلآمهِ واحزانهِ وخيباتهِ وانتصاراتهِ ومأساة شعوبهِ وواقع أمته، حتى شاع عند شعراء القرن العشرين وللآن بزوغ ظاهرة الشعر السياسي الوطني والقومي، فكان شاعرنا يحيى عبد العظيم واحداً من أولئك الشعراء الذين حملوا في قصائدهم رسالة إنسانية أراد ايصالها بكل جوانبها، إنَّ الشاعر الوطني هو شاعرٌ إنساني أولاً وقبل كل شيء.
وفي هذا يقول الدكتور عمر الدقاق: (وما الشاعر الوطني الحمي في أمةٍ مستعبدة إلا الشاعر الإنساني قبل أي شاعر سواه، لأن هذه المشاعر والمبادئ التي يسبح لها ويصلي في محرابها ويجاهد في سبيلها ليست معبودة وطنية فحسب بل معبودة الأوطان جميعاً، وأي فأل يجد المتبجحون بإنسانيتهم المتخدة في عالمٍ لا حرية ولا حق ولا عدالة فيه) ( ) وهذا يؤيد ما نذهب إليه في قولنا بإنسانية شاعرنا وهو يظهر أبعاد رُؤيتهِ الوجدانية مِن خلال قصائدهِ ناقماً على أوضاع وأحوال الأمة وما آلت أليهِ، فكانت تلك الأبعاد على اتجاهين الأول يتمثلُ في الاتجاه القومي ومصير قضايا الإنسان في أمتهِ، والثاني الاتجاه الوطني تجاه بلده الأم مصر فكانت أولى قصائدهِ في ديوانه (كلما اشتقت غنى الحمام) هي (الأبجدية) التي لم تكتمل مصوراً بها حال الأمة وما عصفت بها من رياح الطغيان والاستبداد، يقولُ شاعرنا عن تلك القصيدة في شرحٍ منهُ لتسميتها بهذا الاسم: (لقد اخترتُ هذه العنوانات على أَنْ يكون لكل حرف قصيدة فبدأتها بحرف الألف وانتهيتُ إلى حرف اللام في إشارةٍ مني لعدم اكتمال الأمة، وكذلك لم تكتمل أبجديتي ولكن يظلُ هاجسي ووجداني وشعوري وأملي في اكتمال الأمة وانتصارها وعلوها وزهوها بين الأمم، ولكن للأسف أمتي تزدادُ ضعفاً على ضعف، ووهناً على وهن وفرقةٍ على رقة، فكانت الأبجدية التي لم تكتمل) ( ) وجاء إهداء ديوان زفرات لشاعرنا مكملاً لما تحدث عنهُ فهو يقول في الإهداء: (بحثاً عن المبادئ والمُثل العليا ووحدة مأمولة) ( ) فلكل شاعر رؤية تختلف عن شاعر آخر ولربما رؤيا شاعرنا تختلف عن الإنسان العادي فهو يرى جانباً وبُعداً إنسانياً فككهُ الحدث السياسي والواقع الذي تعيشهُ أمتنا العربية بضعفها فأجج ذلك الضعف وجدانه وأشعل نزعتهُ واحساسه وألهب خيالهُ وتصوراتهُ فحملت قصائدهُ أبعاداً إنسانية قومية ووطنية.
1- الاتجاه القومي:
الأبجدية وقصيدة حرف الألف وهي من (الكامل) يقولُ فيها( ):
ألفٌ، وقد أَلِفَ العدّو صُراخنا وعويلنا
فابدأْ، بزلزلة الطغاةِ على رصيف الحُلم
تحت الأرض
تحت الأرْزِ
تحت القصف
واغضَبْ فالدموع تحدَّرَت
والأُم ثكلى
والعروس تَرملت
والطفل من قبل الفطام
ينامُ بين أشلاء المجازرِ
وسْطَ أنقاض البيوت
ويبيت يقضمُ في اصابعهِ … ويقتاتُ المرارة
يرتوي من دم أحباب قد قضوا
تحت الخيانة، والنذالة، والإغارةُ
لقد رسم الشاعر صورةً حيةً ومؤثر في أُسطر القصيدة في دعوته إلى الثورة والغضب ضد العدو الذي اعتادَ على صراخنا وصياحنا وشكوانا فكانت صورة شاعرنا ومتسلسلة الأحداث فهذه الثورة يجب أَنْ تكون من الإنسان العربي الذي يدعوهُ إلى رفض الظلُمُ من تحت الأرض وفوقها وتحت القنابل وجوف الأشجار، ثم يدعوهُ إلى الغضب والثورة فسلاح الخنوع والخضوع غير مجدٍ فعبر عنهُ بالدموع التي تحدرت، في صورةٍ من الاستسلام، لقد صورت تلك القصيدةُ مأساة الحرب حيث فقدان الأم لأولادها، والعروسُ لزوجها، وموت الأطفال وتناثر أشلاء أجسادهم، أما البقيةُ منهم فيأكلون أصابعهم من شدة الجوع، ثم في رمزية يستعملها الشاعر للإنسان العربي الذي يموت تحت الخيانة والاغارة كانت نزعة الألم والحسرة جليةٌ في قصيدة شاعرنا وهو يصف منظر الهوان الذي يعيشهُ أبناء جلدتهِ.

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: