اغتيال الفصحى

الأستاذ: الشيخ محمد معروف
و أنا أسمع ما وصلت إلية لهجة الشباب ومفردات ألسنتهم آسى على عربية تلك حالها بين العامة والخاصة نتاج أفلام ومسلسلات دأبت على قتل ذائقة مشاهديها وبث الكره والتهكم و الاستهزاء والمقت والإهانة للعربية الفصحى والمتحدثين بها وكأن ناطقها جاء من عالم آخر، وقصر نطقها فى أفلامهم على دور مرتدى العمامة الأزهرية شيخا أو مأذونا و هو يحرف بعض مفرداتها و يلحن و يبدل حروفها حال نطقه ، ويخلط بين عامية وفصحى لينتهى مشهده بضحك الناس عليه، أمر مقصود بغيته إزدراء العربية فلا يرغب فى تعاطيها أو الإقبال عليها، هدف دعاة التغريب للهوية العربية ودينها من قديم إليه يسعون ، تشرح علومها لطلابها بالعامية فى فصل أو جامعة لينمحى أثر وجودها شيئا فشيئا، و ليصبح الإقبال على تعليم لغات غيرها محط أنظار مريدى العلو والتقدم كما يزرعون فى أفهام الناس، يفرضون على معلم الانجليزية الحديث بالإنجليزية ليتقوم لسان الطالب ويتسع فهمه وعقله لحفظ مفرداتها، و لا يطلب من معلم العربية فعل مثله فى مادته، أمر مقصود.
تدنى الأمر حتى بتنا نسمع خطبة الجمعة بالعامية، فلا ارتقى الخطيب بنفسه ولا ارتقى بجمهوره، ولا أسعفته عاميته بلوغ مراده، والأصل فى الخطيب الفصاحة وما سمى خطيبا إلا لفصاحته!!
ووصل الأمر إلى اتهام متحدث الفصحى بالتكبر حينا و الدروشة حينا آخر، و تعاظم الأمر وفشا الجهل فأصبحنا نقرأ القرآن ونحن بحاجة لتفسير وترجمة كل مفردة فيه و لا تدرى هل لغة القرآن باتت أعجمية علينا أم نحن بتنا العجم؟! وصار تدريس نحو العربية وصرفها بما لا يمكن الناشئة من فهمها لضعف لسان شارحها
حرب ممنهجة تفرض على معلم الإنجليزية التحدث بالإنجليزية مع طلابه طيلة الحصة، ولا تفرض على معلم العربية يفعل مثله، ناهيك عن دور الإعلام وقنواته واعتبار متحدث غير العربية ضيفا أو مضيفا هو صاحب الثقافة والعلم حين يزج ضمن حديثة مفردات إنجليزية كأن العربية لا تسعفه فى بيان مقصودة، و بات إتقان الانجليزية مشروط للحصول على وظيفة أيا كان نوعها، وتاهت لغة القرآن على اللسان.