ارتباط البلاغة بالقرآن الكريم   

 

الأستاذ الدكتور رجب إبراهيم أحمد

الأستاذ بجامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه

 

الحق أن البلاغة ارتبطت بالقرآن الكريم منذ الوهلة الأولى لنشأتها بوصفها الطريق لكشف إعجازه، وفهم مراميه، ودافعا للكتابة والتأليف والتصنيف. وما تصانيف البلاغة الأولى ببعيدة عنا كتصنيف أبي عبيدة معمر بن المثنى ومصنفه “مجاز القرآن”، وابن قتيبه ومصنفه ” تأويل مشكل القرآن” وما كانت هذه المحاولات إلا لكشف جماليات النص القرآني الذي نزل بلغتهم التي كانوا عليها. وعلى هذا استقر دور البلاغة العربية في دراسة أسلوب القرآن الكريم، وانحصرت علومها في محاولة فهم إعجازه، فكانوا كما قال ابن خلدون في مقدمته:”و علم أن ثمرة هذا الفن إنما هي في فهم الإعجاز من القرآن ؛ لأن إعجازه في وفاء الدلالة منه بجميع مقتضيات الأحوال منطوقة ومفهومة هي أعلى مراتب الكلام مع الكمال

وينحو أيمن أبو مصطفى منحى آخر حين يؤكد على أن بيان إعجاز القرآن لا يعني فقط بيان بلاغته بل هو إثبات للدين فيقول : “فإثبات إعجاز القرآن متصل بإثبات الدين كله، وقد كان من الواضح أن مناطالإعجاز يكمن في تلك البلاغة الق رآنية التي فاقت البلاغة، وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثلها، ومن ثم فقد سعى المفسرون والبلاغيون إلى تقديم )دلائل الإعجاز( من خلال إبراز مميزات البلاغة القرآنية وخصائصها، وكشف )أسرار البلاغة( القرآنية التي ميزتها عن بلاغة البشر  وهذا الدور للبلاغة العربية في دراسة النص القرآني إنما هو دور تفاعلي مع النص بسوره وآياته وفاصلاته؛ إذ تبحر في أعماق النص لتصل إلى مكنونه، فتعرض لصوره وتراكيبه، وتشرح مفرداته وتنوع أساليبه، وحروفه وفاصلاته بغرض أداء دورها تجاه النص القرآني بوصفه النموذج والمثال للبيان العربي بما لديه من قدرة تأثيرية في نفوس سامعيه في مختلف الفضاءات والأنساق الخطابية بطول القرآن وعرضه.

____________________

هوامش:

– ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن خلون الحضرمي، مقدمة ابن خلدون، دار القلم، بيروت، 1984 ، 1 / 552

– أبو مصطفى، أيمن خميس، بلاغة الخطاب التعليمي والحجاجي في القرآن الكريم والحديث الشريف، دار النابغة للنشر والتوزيع 2019 .

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: