ادريس الزياتي يكتب: في رحاب الشطيبي 33
في رحاب الشطيبي 33
ادريس الزياتي – المغرب
يمشيان بتؤدة يحدقان في الوجوه والأغراض ، سحنات مختلفة ، وأنماط مختلفة من الناس ، لهجات متباينة تتعالى ، لكنات متنوعة تنوع هذا الخليط غير المتجانس ، هذا حيمدي وآخر جبلي وثالث شركي ورابع حياني وخامس سلاسي ، وتلك غمارية وأخرى جاءت من المدينة لزيارة ذويها في الجبل مستغلة العطلة المدرسية ، مشدوهة تسترجع الذكريات التي طالما عاشتها هناك ، ابناؤها الصغار في حيرة من أمرهم، تحاول الإبقاء عليهم حولها كدحاحة قد فقست بيضها للتو لكنهم يتفتلون منها مستطلعين العالم الجديد. لولا الأجداد والجدات ما خطوا خطوة الى المكان ، فقد نهلوا من معين حبهم وحنانهم وتدفق مشاعرهم التي لا تنضب فضلا عن الهواء النقي الذي يستقطب أبناء أخرين قد أتوا فرادى من مدن بعيدة بعد إلحاحهم المستميت على أمهاتهم وأبائهم لزيارة الجبل ؟ حيث كل شيء تقليدي ومغاير حتى الوقوع على الأرض، واللعب مع الجراء ..والديكة . والتقافز على الدواب والسباحة في النهر الجاري.
لا يملكان إلا دريهمات معدودة ، لكنها تمكنهم من أكل بعض السمك المقلي مع قطع من الخبز اللينة التى صنعت بطريقة عصرية مغرية لكنها قد فقدت قيمتها الغذائية ، لا تمت بصلة للخبز الذي اشتاقا إليه يخرج طازجا من الفرن التقليدي وقد نضج فوق الحطب الذي جادت به الأشجار، يدوي الصنع والمنشأ، من قمح كامل او شعير .
يجلسان على ألواح خشبية دون حرج بعد أن يتقدما بطلبهما لرجل اشقر ورياغلي يدعى الروبيو ، فلا تسمع غير أصوات تتعالى هات الخبز آلروبيو ! قليل من المرق آلروبيو ! شى رابعة آلروبيو ! وطقطقات الزيت المغلاة حين ترتطم بها قطرات الماءالبترد فتحدث نشيدا يطرب له الجوعى، كلمات تتعالى من هنا وهناك وهو يسجل في ذاكرته القوية كل حسب طلبه ، ونوع السمك الذي يريد والكميةالمطلوبة كذلك، فعندما يتعلق الأمر بالمال يشتغل العقل كآلة حاسبة .
على الجانب الأيسر منه وفي الزاوية ترى يافعين منشغلان منكبان على التجهيز والإعداد ، هذا يغسل الأسماك على قلة الماء الذي قد يحلبونه معهم في براميل كبيرة ، والآخر يقطع الطماطم والقزبر ة في إناء بلاستيكي أزرق تغير لونه من كثرة الاستعمال أو الحرارة ، لتكون جاهزة عند الطلب كما أومأ الروبيو ، لعلهم أولاده الذين غادروا المدرسة ، والتحقوا بوالدهم للعمل مستحضرين تلك المقولة حرفة بوك لا يغلبوك .
تسمع صوت السمك وهو يلقى في الزيت المغلاة ، يحدث صوتا يجعل جسدك يطلبه فضلا عن الروائح الشهية الني تنبعث منه ، وتظهر المنبهات التي أفرزها الدماغ مطالبة بأن تكون بها رحيما فلا تبخل عليها ولو بالقليل ، فما أن يقترب أحدهم من حرمهم حتى يستجيب لنداء الفطرة ، فالجوع دافع والحواس أحصنته المتمرسة تقودك إلى تلك الطاولا ت الخشبية بشوق من يروم لقاء الحبيب .
وآاآالرويو هل نسيتنا ينادي أحدهم من الزاوية المقابلة لهما ، بينما ينظران الى بعضهما البعض مستغربان في إنتظار الفرج .