إبراهيم نصر الله 3  للحُبِّ

إبراهيم نصر الله 3  للحُبِّ

بقلم: د. نهى مختار محمد

 

حب:

” فرحا أعدو إلى الهاتف

تاركا القصيدة في منتصفها

فقط حين تتصلين”

نصر الله1997م

هذه كانت القصيدة الأولى التي بعنوان “حب” في صفحة الشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله في مجلة نزوى، وهذا هو المقال الثالث الذي يتناول هذه القصائد الصغير الجميلة.

أما القصيدة الثانية للحب فيقول فيها:

“كما لو أنني أسمع بالبحر لأول مرة

كما أنني لم أر من قبل وردة

أحبك”

وسط هموم القضية، والهموم الشخصية لا يمكن أن يختفي الحب، سيظل الحب قضية أساسية ترتبط بنبض القلب، بل يكون الحب مقاومة لكل شيء ودليلا على استمرار الكفاح في الحياة، لهذا نجد معظم القصائد الصغيرة المتجاورة في صفحة المجلة تحمل الشجن والحزن، إلا القصيدتين بعنوان “حب”، نجد فيها الفرح، واللهفة، والإبداع، والعَدْو بمعناه الأبيض كطير يطير بخفة فرحا بلقاء أليفه، وهنا نجد دوالا جديدة في قصة الحب الصغيرة جدا هذه.

(بحر، ووردة).. تصوّر أنك لا تعرف البحر وتسمع عنه لأول مرة، على لسان شخص بليغ يخبرك أن البحر صورة، وحركة، وسطح، وعمق، وصوت، وإحساس، مساحة مائية مد البصر، يتلون فيها الماء بلون السحاب فيبدوان لوحة ربانية بديعة تثير التأمل وتحفز الخيال وتوقظ المشاعر، مع صوت أمواج البحر إذ تصافح الشاطئ تقترب من قدميك وتلمسك فتضعك داخل اللوحة فتتصل بهذا المشهد الجمالي الهادئ الملهم، وأنه يمكنك أن تكون في قلب اللوحة مغمورا بالماء فتجرّب متعة أخرى تشعرك بالتطهر والسعادة..

فما الشعور وأنت تتصور عالما آخر لا يمكن إدراكه؟

وما شعورك لو صادفت “وردة” لأول مرة، إذ تتأمل نعومتها وطراوتها وحيويتها وتداخلها والتفاف ثناياها وروعة لونها ورائحتها.

إن الشاعر في تجربة الحب هذه يصاحب هذه الأحاسيس التي ترتبط بالدهشة، ومتعة الاكتشاف، والإعجاب المتجدد، والتصورات غير المحددة والمقيدة، ترتبط تجربة الحب الفريدة التي صيغت في كلمات بسيطة جدا وموجزة بالبحر غير المدرك، والوردة التي تلمس يديك لأول مرة، إنه يحبها كذلك في كل مرة، كما يحب بلاده التي لا يستطيع أن يمشي في كل دروبها، بلاده التي يمتلكها ولا يمتلكها، بلاده التي هي حقيقة وحلم في الوقت نفسه، التي يهفو إليها قلبه وروحه وهما ينزفان وجعا قديما يتجدد كل يوم.

الحب وجه آخر من مقاومة الشاعر الفلسطيني الذي يتغنى بالحياة في وسط الموت، هو الشيء الذي لا يمتلكه العدو ولا يعرف حقيقته.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: