أساليب تربوبة لتقويم السلوك والمفاهيم الفكرية 

 
الأستاذ الدكتور محمد السيد عبده جامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية ماليزيا

عندما نتمعن في قراءة وفهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف نستخرج منها كنوزًا تربوية تفيد الإنسانية وتقيهم من الانحرافات السلوكية والفكرية، في هذا المقال أستعرض فيه بعض الأساليب التربوية من خلال مواقف عدة استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه وأطفالهم ونسائهم، ومنها:
– القدوة الحسنة؛ وهو هد عملية الاعتماد على النماذج في نقل فكرة أو خبرة إلى فرد أو مجموعة أفراد، أو عمليه تعلم الفرد سلوكًا معينًا من خلال ملاحظة سلوك فرد آخر. فهذا الإسلوب يترجم الكلمات إلى مواقف، ويحول العبارات إلى سلوكيات وأخلاق، وقد اعتمد النبي صلى الله عليه وسلم على أسلوب البيان بالفعل والذي يعتبر أبلغ في الإيضاح، وله فائدة كبيرة؛ فمن خلالها يكتسب الفرد معارف ومهارات وخبرات بناءً عليها يستطيع ضبط ممارساته الذاتية، فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الصلاة بمحاكاة فعله، ثم نقلها الصحابة لمن بعدهم حتى قيام الساعة، فعن مالك بن الحويرث قال: أَتَيْنا إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقارِبُونَ، فأقَمْنا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا ولَيْلَةً، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أنَّا قَدِ اشْتَهَيْنا أهْلَنا- أوْ قَدِ اشْتَقْنا- سَأَلَنا عَمَّنْ تَرَكْنا بَعْدَنا، فأخْبَرْناهُ، قالَ: ارْجِعُوا إلى أهْلِيكُمْ، فأقِيمُوا فيهم وعَلِّمُوهُمْ ومُرُوهُمْ- وذَكَرَ أشْياءَ أحْفَظُها أوْ لا أحْفَظُها- وصَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فلْيؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ، ولْيؤُمَّكُمْ أكْبرُكُمْ. كذلك القدوة الحسنة لها تأثير سريع على النفس البشرية، نجد هذا عندما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالحلق والتحلل فلم يقم أحد من الصحابة إلى أن خرج النبي بنفسه ونحر وحلق، وفي الحديث” قول أم سلمة للنبي – صلى الله عليه وسلم-:” اخرج، ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك ، فخرج فنحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا” فكان تحلله صلى الله علبه وسلم أجدى في تقويم سلوكهم وسرعة استجابتهم.
– أسلوب التنفير من السلوك الخاطئ؛ يتمثل بذكر السلوك وضده للتنفير منه، ثم بيان البديل الصحيح والترغيب به، فالإنسان ربما اعتاد على سلوك موروث خاطئ حتى أصبح جزء من بنائه الفكري، وقد رأينا هذا الأسلوب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان ينتقد السلوك الخاطئ ثم يصحح الفكر المبني عليه هذا السلوك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ؛ إِنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، قال الإمام الهروي القاري في”شرح مرقاة المصابيح”: (ليس الشديد) أي: القوي كامل القوة (بالصرعة): من يكثر الصرع وهو إسقاط المصارع له؛ لأنه قوة صورية نفسية فنية؛ (إنما الشديد) أي: الكامل (الذي يملك نفسه عند الغضب) : فإنه قوة دينية معنوية إلهية باقية، فحول النبي- صلى الله عليه وسلم- معنى هذا الاسم من القوة الظاهرة إلى الباطنة، ومن أمر الدنيا إلى الدين. فنقله إلى الذي يملك نفسه عند الغضب، فإنه إذا ملكها كان قد قهر أقوى أعدائه وشر خصومه. وللحديث بقية إن شاء الله…

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: